Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
1:21فَيَنْبَغِي أَنَّ الرِّجَالَ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا مَعَنَا كُلَّ الّزَمَانِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ إِلَيْنَا الرَّبُّ يَسُوعُ وَخَرَجَ،22مُنْذُ مَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ عَنَّا، يَصِيرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَاهِداً مَعَنَا بِقِيَامَتِهِ 23فَأَقَامُوا اثْنَيْنِ: يُوسُفَ الَّذِي يُدْعَى بَارْسَابَا الْمُلَقَّبَ يُوسْتُسَ، وَمَتِّيَاسَ24وَصَلَّوْا قَائِلِينَ: "أَيُّهَا الرَّبُّ الْعَارِفُ قُلُوبَ الْجَمِيعِ، عَيِّنْ أَنْتَ مِنْ هَذَيْنِ الاثْنَيْنِ أَيّاً اخْتَرْتَهُ،25لِيَأْخُذَ قُرْعَةَ هذِهِ الْخِدْمَةِ وَالرِّسَالَةِ الَّتِي تَعَدَّاهَا يَهُوذَا لِيَذْهَبَ إِلَى مَكَانِهِ"26ثُمَّ أَلْقَوْا قُرْعَتَهُمْ، فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى مَتِّيَاسَ، فَحُسِبَ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ رَسُولاً.


لم يتفلسف الرسل في السَّبب الّذي مِن أجله خان يهوذا سيّده يسوع، بل آمنوا بدينونة الله العادلة، ولم ينظروا طويلاً إلى الوراء، ولم يقفوا متزعزعين في شعورهم، بل اتّجهوا إلى الأمام، وفكَّروا بواجب تبشير العالم، وأرادوا بواسطة صلواتهم أنْ يطلبوا مِن يسوع العددَ الكاملَ لحلقتهم الرَّسوليَّة، حتّى لا ينقص هؤلاء المفوّضون عندما ينسكب عليهم الرّوح القدس.
وشرط الاختيار، لتسمية إنسان ما رسولاً، هو مصاحبته ليسوع مِن البداية، حتّى يكون شاهد عيان لأعماله وأَقواله، مختبراً المُقام مِن بين الأموات شخصيّاً. وبهذا بَانَ أنّ الاثني عشر تلميذاً لم يكونوا يجولون لوحدهم مع يسوع، بل كثيرون أيضاً مِن أتباعه. كما أنّ يسوع أرسل إلى الجليل سبعين تلميذاً وفوضهم للخدمة. فحدَّدوا الشُّروط للخدمة الرَّسوليَّة بتشدُّدٍ أكثر، حتَّى ينحصر التَّرشيح لهذه الخدمة بعدد قليل، ممن انضَوَوا تحت لواء التَّلمذة عند يوحنَّا المعمدان، وتابعوا عنده واعترفوا أمامه بخطاياهم، منتظرين إجراء ملكوت الله، وحقّاً فإِنَّ عَدداً وفيراً مِن تلاميذِ يوحنَّا، هم الّذين سمعوا نداءه القائل: هوذا حمل الله الّذي يرفع خطيئة العالم، فتركوا معلّمهم بمعموديّة الماء لغفران الخطايا، وتبعوا المعلّم الجديد الّذي سيعمّدهم بالرُّوح القدُس، ويثبِتُهم في أفراح العهد الجديد.
ولربّما نفكّر أنَّّ مَنْ تبع يسوع بلا انقطاع أصبح إنساناً أفضل وأحكم مِن بقيّة البشر؛ ولكنّ سيرة التلاميذ تبرهن العكس. ليس إنسانٌ يقوى على الإيمان الحقّ والمحبّة الحارّة والرَّجاء الممتَدّ بدون الرّوح القدس. سَمِعَ التلاميذ كلمات يسوع، ولكنّ قلوبهم بقيت مستكبرةً، وقد رأوا مجده بعد قيامته، ولكنّهم كانوا خالين مِن الحياة الأبديّة، لأنّ الرّوح القدس لم يحلّ فيهم بعد. ويَرى بعض المفسِّرين أنّ الاختيار عوض يهوذا كان عملاً متسرّعاً إنسانيّاً غير إلهي، لأنّ الرّبّ اختار في حينه بولس رسولاً، الّذي حصل على خدمة وسلطان يهوذا، ليبشّر الأمم.
ولكنّ التلاميذ الأَحدَ عشرَ، لم يفكّروا أوَّلاً بتبشير العالم، بل بتجديد قبائل شعبهم الاثني عشرة؛ فتصرّف بطرس في انسجام مع بقيَّة الرُّسُل، ودعا إلى اجتماع كبير لأتباع يسوع، طالباً مِن الجميع تسمية المرشَّحين، وبعدئذٍ وضعوا الاختيار النّهائي بين يدي الرّبّ الّذي سمَّوهُ عارف القلوب. فنرى أنّ بطرس لم يتصرّف كأُسقفٍ في سلطان مطلق، وكذلك لم يجر الاختيار في الاجتماع بطريقة ديموقراطيّة، حيث يقرّر الأكثريّة، بل تقدّم الجميعُ معاً إلى الله، طالبين منه الحُكمَ الإلهي وتَدخُّله المباشَر.
وللحصول على صوت الله، استخدموا قبل انسكاب الرُّوح القدس القُرعة. ولكن لمّا اختاروا بعدئذٍ الشَّمامسة السَّبعة، أعطى الرُّسلُ الكنيسةَ حقَّ الاختيارِ كلّه. وحصل في أنطاكية أنّ الرّوح القدس بنفسه اختارَ برنابا وبولس لخدمة التبشير، بينما كان الشُّيوخُ يُصَلُّون وهم صائمون طالبِينَ تَدخُّلَ المسيحِ وإِرشادَهُ. فتاريخ أعمال الرسل هو في الحقيقة تاريخُ المسيح المُقام مِن بين الأموات وأعماله تحقيقاً لانتشار ملكوت الله. فلا نعيش في الكنيسة تحت سلطة بابويّة، ولا في الديموقراطيّة السِّياسيّة، ولا في الدِّيكتاتوريّة الاشتراكيّة، بل تحت إشراف المسيح المتحقِّق بقوَّة الرُّوح القدس العامل في قلوب المؤمنين.
ليتنا لا نعتمد، في إسناد الخدمات الكنسيَّة للشَّمامسة والشُّيوخ والمعاونين، على عقلنا وإرادتنا وقدرتنا العائليّة فحسب، بل على الصّلاة أوَّلاً وأخيراً، لكي يختار يسوع هو بنفسه خدّامه، ليس حسب أموالهم ومواهبهم الطبيعيّة أو مستواهم الاجتماعي، ولكن حسب مسرّته وحدها. عندئذٍ يَجري عملُ الرّبّ، ويمتلئ خدّام الرّبّ مِن الرّوح القدس؛ فليست الشهادات اللاهوتيّة، ولا العلاقة بالأحزاب أو المدارس المذهبيّة، هي الّّتي تؤمِّن نجاح قسيس أو شيخ أو أسقف، بل التقاؤه بالمسيح المُقام مِن بين الأموات ودعوته مباشرةً مِن قبله. فالّذي يَخدمُ الرَّبَّ بدون هذه الدعوة مُعرَّضٌ لخطر السُّقوط في جهنّم حالاً.
لم يُرِد الرُّسل الأحدَ عشرَ أنْ يُوزِّعوا خَدَمات وتفويض المسيح مستقلِّين، عالمين أن ليس إِنسانٌ يعرف القلوبَ ولا المزاجَ ولا المواهبَ ولا الأمانةَ في القليل. فصلّى مائة وعشرون رجلاً معاً، ليختار الرَّبُّ واحداً مِن المرشَّحين لخدمة النِّعمة، وليؤهِّله بالقدرة على تنفيذ خدمته، لأنّه إنْ لم يتدخّل ابن الله في تعيين خادم الإنجيل، فكلّ خدمته تكون باطلة.
ورشّحوا لهذا المنصب اثنَين، لم يصلنا عنهما علمٌ مُفصّل، ولا عرفنا كيف أجريت القرعة بينهما. لكنَّ هذه القُرعة لم تقع على الأوَّل المحترم، بل على متياس غير المعروف، الّذي دُعي بهذا الاختيار إلى مسؤوليته كعضو في النُّخبة الرَّسوليَّة، وقد ملأ المسيح هذا البديل، في ما تلا ذلك مِن الأيام، بروحه القدُّوس وأَثبت انضمامه إلى ملكوت الله؛ بَيْدَ أَنَّنا لا نعرف شيئاً آخَر عن متياس المختار.

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ، نشكرك لأنّك تدعو أناساً غير مقتدرين للخدمة، وتدرّبهم وتفوّضهم وتجهّزهم وترسلهم وترافقهم وتنجحهم، فإن وجدنا نعمةً قدّام عينيك، فلا ترفضنا، بل كسّر كبرياءنا وجدّدنا، لكي نخدمك، ونحن الأصاغر في قوّتك لتمجيد اسمك.آمين.
السُّؤَال
8- ما هي شروط الانخراط في خدمة المسيح؟