Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
9 - بداية التَّبشير بين الوثنيين بواسطة اهتداء كرنيليوس الرُّوماني قائد المئة
(10: 1 - 11: 18)
10:1وَكَانَ فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ اسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ، قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ الْكَتِيبَةِ الَّتِي تُدْعَى الإِيطَالِيَّةَ2وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللّهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى اللّهِ فِي كُلِّ حِينٍ3فَرَأَى ظَاهِراً فِي رُؤْيَا نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ مِنَ النَّهَارِ، مَلاكاً مِنَ اللّهِ دَاخِلاً إِلَيْهِ وَقَائِلاً لَهُ: "يَا كَرْنِيلِيُوسُ"4فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ قَالَ: "مَاذَا يَا سَيِّدُ؟" فَقَالَ لَهُ: "صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَاراً أَمَامَ اللّهِ5وَالآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ6إِنَّهُ نَازِلٌ عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُلٍ دَبَّاغٍ بَيْتُهُ عِنْدَ الْبَحْرِ هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ"7فَلَمَّا انْطَلَقَ الْمَلاكُ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُ كَرْنِيلِيُوسَ، نَادَى اثْنَيْنِ مِنْ خُدَّامِهِ، وَعَسْكَرِيّاً تَقِيّاً مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يُلازِمُونَهُ،8وَأَخْبَرَهُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى يَافَا.


منذ انسكاب الرّوح القدس في عيد العنصرة، وحتّى الفترة الّّتي قام فيها بطرس برحلته الرعويّة للكنائس، كان أعضاء الكنائس يتألّفون مِن يهود مواطنين ومتغربين، وسامريين، وأُمم متهوّدين، وجميعهم قد آمنوا بالمسيح، وتعمّدوا. فكانت الكنائس آنذاك تحوي مسيحيين مِن أصل الديانة اليهوديّة فقط.
لكنّ الله فتح بنفسه باباً للأمم بقصّة كرنيليوس. فكان اندماج هذا الرجل في الكنيسة، أعجوبةً وعثرةً لليهود المسيحيين الظَّانِّينَ أنَّ الرّوح القدس موعود به فقط لليهود الّذين آمنوا بالمسيح.
وبسط لوقا قصّة اهتداء الأممي كرنيليوس بطريقة عريضة وبتفصيل، ليوضح أن الله نفسه، أثبت بواسطة مقدام رسله نهائيّاً وقطعيّاً، أن الوثنيين الأتقياء، هم مختارون للحياة الأبديّة أيضاً، فليس بطرس هو الّذي سعى لهذه الطريقة، أو أرادها، بل المسيح نفسه هو الّذي تدخّل في سيرته، كما تدخّل في حياة استفانوس وشاول سابقاً، ليقرّر المفرق الفاصل في تبشير العالم.
مِن المعروف أنّه عندما يظهر ملاك لمؤمن في العهد الجديد، فهذا الظّهور يعني أنّ الله يبتدئ بتحقيق خطّة تفوق كلّ العقل. ولكيلا يتزعزع إيمان الأمناء، أرسل الرّبّ ملاكه، لتدرك حواس الإنسان الخمس أنّ الله ينفّذ الآن أعجوبة فريدة، ويفتح طريقة جديدة لملكوته. فلإيمان كرنيليوس معنىً أَساسيٌّ لكلّ الشّعوب، ولولا معموديّة هذا الأممي الوثني لما أتانا الإنجيل، ولبقيَ محصوراً في اليهود.
كان الضَّابط كرنيليوس مسؤولاً عن مئة جندي في المركز الروماني (قيصرية)، الّذي كان على شاطئ البحر المتوسط جنوبي جبل الكرمل، وقد تأثّر هذا الضابط بالدّين اليهودي، الإيمان بالله الواحد، والوصايا العشر، ونظام التقوى، وهذه تختلف كلّ الاختلاف عن الحياة الاجتماعيّة للأمبراطوريّة الرومانيّة، بشهواتها ولهوها وخوفها وسطحيتها.
التفت كرنيليوس بقلبه إلى الله، ورتّب حياته حسب اعتناقه لمبدئه؛ فتقواه لم تكن إيماناً عقليّاً، أو تحمّساً عاطفيّاً، إنّما أخضع أفكاره وأَقواله وأعماله لروح دينه، فلم يحبّ المال بل ضحّى كثيراً. ولم يضغط، كضابط في القوى الاستعماريّة، على الشَّعب المسكين، بل ساعد الأفراد المحتاجين شخصيّاً، وصلّى كثيراً، فكان قلبه دائماً في مناجاة مع الله.
والرّوح الطَّيب لمثل هذا الرجل لا يبقى مستتراً، إنّما يظهر، ويجري في بيته وإلى زملائه وجنوده. فكلّهم أخذوا مِن روحه المصلّي الوديع، واستعدّوا للقاء روح الله الجوهري. فالمؤمن الحقّ ليس انعزاليّاً، بل إِنَّ دفء محبته يذيب جبال الثلوج في قلوب الآخرين، وابتهالاته لأجل الأقرباء والأصدقاء تنبهّهم للصّلاة أمام الله. وقد قال الله العظيم القدّوس لكرنيليوس الروماني إِنّ كلّ واحدة مِن صلواته مستجابة، وكلّ حسنة مِنه معدودة. فالعليُّ لا ينسى أعمالك، منتظراً صوت قلبك وعطايا يدك ثماراً لإيمانك، علماً أنّ صلواتك وصومك ليست هي الّّتي تبرّرك، بل محبّة الله. فطاعتك هي شكرٌ لهذه المحبّة العظمى.
وقال الملاك لكرنيليوس، أن يرسل رجالاً إلى يافا، وعيّن له بيت الدباغ سيمون، حيث يمكث شخص اسمه بطرس، وأنّ عليه أن يطلبه إليه. فعلم الضابط أنّ كلّ أمر يستوجب الطاعة والتنفيذ فوراً، فأطاع أمر الله، بدون أن يفكّر طويلاً أو يبدي قلقاً بظهور الملاك. ولم يخَفْ مِن الأمور النّوريّة الغريبة، لأنّ محبّة الله لمسته، فآمن بها وتوكّل على الرّبّ الّذي دعاه يوميّاً في صلواته، موقناً أنّه لم يرشده ليستقدم إلى بيته جاسوساً أو رجلاً خطراً، بل خادماً لله ومِن رسله.

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ يسوع، نشكرك لأنّك تدَّخلْتَ في تاريخ كنيستك، مرَّةً تِلْوَ الأُخرى مرشداً، وهديت خطوات رسلك. نشكرك أيضاً لأنّك تستجيب كلّ صلاةٍ مستقيمة، ولا تنسى العطايا الشاكرة، حَتَّى مِن أيدي النّاس الّذين لا يعرفونك. اجذب كثيراً مِن الأتقياء إلى ملء خلاصك.
السُّؤَال
ماذا يعني ظهور الملاك للضابط كورنيليوس؟