Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
10:9ثُمَّ فِي الْغَدِ فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ، صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى السَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ10فَجَاعَ كَثِيراً وَاشْتَهَى أَنْ يَأْكُلَ وَبَيْنَمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ،11فَرَأَى السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِنَاءً نَازِلاً عَلَيْهِ مِثْلَ مُلَاءَةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ وَمُدَلَّاةٍ عَلَى الأَرْضِ12وَكَانَ فِيهَا كُلُّ دَوَابِّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشِ وَالّزَحَّافَاتِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ13وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ:"قُمْ يَا بُطْرُسُ، اذْبَحْ وَكُلْ"14فَقَالَ بُطْرُسُ: "كَلاَّ يَا رَبُّ، لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئاً دَنِساً أَوْ نَجِساً"15فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضاً : صَوْتٌ ثَانِيَةً: "مَا طَهَّرَهُ اللّهُ لا تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!"16وَكَانَ هذَا عَلَى ثَلاثِ مَرَّاتٍ، ثُمَّ ارْتَفَعَ الإِنَاءُ أَيْضاً إِلَى السَّمَاءِ.


كان بطرس مصليّاً، وبدون الصلوات الرّوحيّة ليس ثّمة إعلان موحى به، فالصّلاة وقراءة الكتاب المقدّس تشبهان فتح زرّ الراديو، وتعيين الموجة الّّتي تلتقطها. فإن لم تتجّه لروح الله القدّوس بإرادتك، وعلى نحو صائب، فإنّك لا تسمع صوت الله البتة، ولا تشعر بنعمه، ولا تختبر هداه. أمَّا مَن يدرس الكتاب المقدّس مصليّاً، فهذا يكون في صلة مع الله.
صَلَّى بطرس وكرنيليوس في أوقات معيَّنة يوميّاً، فكانت أيامهم وأعمالهم منسوجة بالصلوات. فهل نظمت حياتك للصّلاة؟ إِنَّ صلواتك المستمرّة وتعمّقك في الكتاب المقدّس، لهي أهم مِن تناول الطعام لغذاء جسدك وتقويته، لأنّ نفسك تجوع إلى الله وبرّه، وتشتاق إلى التنفّس والغذاء والحياة. فلا تحتقر نفسك، بل انفتح لروح الله بالإنجيل يوميّاً بانتظام، فتنال نعمةً فوق نعمة.
رأى بطرس السّماء مفتوحةً ففكّر بطعام مادي لأنّه أصبح جائعاً مِن الصلوات الكثيرة وبات جسده محتاجاً للغذاء. وقد سارع أهل البيت لتهيئة طعامه، وفاحت رائحة طيّبة نحو السطح، حيث كان بطرس مصليّاً ومنتظراً. واستخدم الله الجوع القاسي، الّذي عاناه خادمه، فنقله إلى غيبوبة، وأراه السّماء مفتوحة في قيظ الظهيرة. فرأى بطرس فجأة ملاءةً كبيرةً نازلةً مِن السّماء، حتّى لامست الأرض، وفكّر أنّه واجدٌ فيها لآلئ، أو طعاماً شهيّاً، أو فاكهةً لذيذةً، ولكنّه ويا للأسف، نظر فوجد عقارب وحيات وحراذين وحرابيّ وسلاحف وسراطين بحريّة، وألوفاً مِن الحيوانات والحشرات الأخرى المحسوبة لليهود نجسةً؛ فاقشعرَّ واشمأزَّ مِن أشكالها وهيئاتها القبيحة. فهل فهمت مَعنى رؤية هذه الحيوانات النّجسة؟ إنّها تشبه البشر. نحن بالحقيقة نجسون. وإذا نظر الله إلينا يشمئزّ مِن رجاساتنا وفجورنا وأفكارنا المستكبرة. فهل شعرت مرّةً بشيء ولو قليل مِن نجاستك وقلبك الرديء؟
وفجأة سمع البصير صوتاً: قم يا بطرس، واذبح وكُل! ولكنّ الله يطلب الغلبة على شعورنا المبدئي، لكي ننسجم بمسرّته الإلهيّة. فعارض بطرس مشيئة الرّبّ حتّى في الغيبوبة، محتجّاً أنّ القدّوس بنفسه قد منع، في شريعة اليهود، أن يأكلوا شيئاً فاسداً أو دنساً، رمزاً لامتناعهم عن كلّ خطيئة أو شبهها. فلم يرد بطرس أن يخطئ وينجّس نفسه، فدفع بكلّ قوّة قلبه هذا العرض الّذي ظنّه تجربة، لئلا ينجّس نفسه. فكيف تعارض أنت كلّ تجربة للخطيئة، حتّى في نومك أو غيبوبتك؟ طوبى لك إن كرهت، مِن كلّ جوانحك، الخطيئة؛ فيقوّيك الرّوح القدس، ويرشدك، ويريك منفذاً مِن التجربة.
لم يرد الله أن يأكل بطرس حيوانات سامّة، بل طلب منه الإطاعة بلا قيد أو شرط، لانكسار موقفه الشريعي. ولم يجبر العليُّ بطرسَ أن يقشعرَّ اشمئزازاً مِن الخطيئة، بل أن يتعلّم محبّة الخطاة، أنّ الخطيئة تبقى شرّيرة، ولكن القدّوس يحب الخطاة. فلا ريب أنّ البشر أَشرارٌ دنسون، مرفوضون مِن روح الله، كتلك الحيوانات الّّتي رآها بطرس تدبّ وتعجّ في الملاءة. أدرك نفسك بدقّة! هل أنت تشبه الملاك أم الحيوان؟ أفيك إرادة صالحة، أم تَغلُب فيك النِّيَّاتُ السَّيِّئة؟ إِنَّ قلب الإنسان شرِّيرٌ منذ حداثته.
ولكنّ الله لم يبد حاملي صورته، بل طهّر كلّ النّاس مبدئيّاً، فدم ابنه أوجد فداء يفوق عقولنا. جميع النّاس أطهار في عيني الله، رغم خطاياهم، لأنّه قد صالح العالم لنفسه في المصلوب، فلا تضيقن الخلاص. هل تعرف مجرماً ما، أو فاسداً أو زانياً، أو متعجرفاً، أو متخيِّلاً مسكيناً؟ فاعلم أنّ يسوع حمل خطاياه على الصّليب، وكفَّر عنها، ومحا سيِّئاته نهائيّاً. إلاّ أنَّ هذا الخاطئ لم يعرف بعد النّعمة المعدة له بهذا الغفران والتكفير، لا تنس كيف ينظر الله إلى البشر سواسيةً منذ سال دم المسيح على الجلجثة فوق الصّليب. يعتبر القدّوسُ كُلَّ إنسانٍ طاهراً قدّيساً، وقد أرى الرّوح القدس بطرس هذه الرؤية ثلاث مرات، لأنّ العقل الطبيعي والشُّعور الإنساني، لا يقبلان أنّ يكون الفاسد سليماً، وأن يُعتبرَ الشِّرِّير صالحاً، ويريانه أمراً مستحيلاً. فالله صبور، وقد أكّد لبطرس الجامد، ثلاث مرّات، أنّ الصّليب قد غلب عقل الإنسان العادي. وهذه الظهورات الثلاثة تدلّ على أنّ الله، الآب والابن والرّوح القدس، يريد بكلّ إرادته الخلاصيّة أنّ جميع النّاس يخلصون وإلى معرفة الحقّ يقبلون. قد تمّ الخلاص. والله ينظر إلى كلّ البشر أنّهم متبرّرون بدم ابنه. ولولا هذا لكان ينبغي أن يبيدهم حالاً لأجل قداسته.

الصَّلَاة
أيّها الآب السماوي، اغفر شكوكي ومعارضة نفسي لخلاصك، واغلب عقلي، ووسّع قلبي، وأنر إيماني، لأدرك سَعَةَ مجد خلاصك، وأشهد لكلّ مَن يريد أن يسمع أنّ ابنك الحبيب غفرَ على الصّليب ذنوب كلّ خاطىء تائب. افتح فمي لقول الحكمة، وامنح اعترافي قوّة الحقّ.
السُّؤَال
ما هو معنى كلمة الله لبطرس، ما طهّره الله لا تدنّسه أنت؟