Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
13 - غيظ هيرودس ونهايته
(12: 18 - 24)
12:18فَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ حَصَلَ اضْطِرَابٌ لَيْسَ بِقَلِيلٍ بَيْنَ الْعَسْكَرِ: تُرَى مَاذَا جَرَى لِبُطْرُسَ؟19وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا طَلَبَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ فَحَصَ الْحُرَّاسَ، وَأَمَرَ أَنْ يَنْقَادُوا إِلَى الْقَتْلِ ثُمَّ نَزَلَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ وَأَقَامَ هُنَاكَ20وَكَانَ هِيرُودُسُ سَاخِطاً عَلَى الصُّورِيِّينَ وَالصَّيْدَاوِيِّينَ، فَحَضَرُوا إِلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَاسْتَعْطَفُوا بَلاسْتُسَ النَّاظِرَ عَلَى مَضْجَعِ الْمَلِكِ، ثُمَّ صَارُوا يَلْتَمِسُونَ الْمُصَالَحَةَ لأَنَّ كُورَتَهُمْ تَقْتَاتُ مِنْ كُورَةِ الْمَلِكِ21فَفِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ لَبِسَ هِيرُودُسُ الْحُلَّةَ الْمُلُوكِيَّةَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْمُلْكِ وَجَعَلَ يُخَاطِبُهُمْ22فَصَرَخَ الشَّعْبُ: "هذَا صَوْتُ إِلهٍ لا صَوْتُ إِنْسَانٍ!"23فَفِي الْحَالِ ضَرَبَهُ مَلاكُ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ الْمَجْدَ لِلّهِ، فَصَارَ يَأْكُلُهُ الدُّودُ وَمَاتَ24وَأَمَّا كَلِمَةُ اللّهِ فَكَانَتْ تَنْمُو وَتَزِيدُ25وَرَجَعَ بَرْنَابَا وَشَاوُلُ مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَا كَمَّلا الْخِدْمَةَ، وَأَخَذَا مَعَهُمَا يُوحَنَّا الْمُلَقَّبَ مَرْقُسَ.


فالملوك إذا لم يخافوا الله يصبحون أشراراً، ويتردّدون بين التعجّرف والخوف، وبين الغيظ والشهوة. ليس لإِنسانٍ مَخلوقٍ أَن يتسلَّط على الآخَرين، ومَن لا ينكسر أمام الله ويبقى صغيراً أمام خالقه لا يستطيع قيادة الآخرين، بل ينتفخ أكثر حتّى ينفجر.
نقرأ أنَّ الملك هيرودس أراد الحرب ضدّ المدن الفينيقيّة، لأنّها لم تعمل إرادته. وهذه البلاد أيضاً كانت تحت الحماية الرومانيّة، فلم يستطع أن يعلن الحرب عليها جهراً، فأخذ يضطهد ويعذّب أبناء فينيق المقيمين في بلاده، فصَعَّبَ الانتقال بين المنطقتين، وألزم اللُّبنانيين بضرائب فادحة. ولكنّ التّجار الفينيقيّين عرفوا مِن أين تُؤكل الكتف، فلم يذهبوا إلى الملك، بل إلى وزيره وأَعطوه رشوةً كبيرةً، لكي يلين الحاكم ويسترضيه، فيستمرّ الاتصال ونقل البضاعة ويظلّ الاتِّجار جارياً.
وأخيراً وافق الملك على تجديد العلاقة السليمة بين البلدين، لكنّه صمّم أن يلقّن أعضاء الوفد الفينيقي درساً لن ينسوه، ويُعرِّفهم أنَّه ملكٌ عظيمٌ. وإذ صادف آنئذٍ ميلاد القيصر الرُّوماني كلوديوس، أَمَر الملك هيردوس عميله بهذه المناسبة أن تُعَيِّد البلاد، وطلب حضور الوفد الفينيقي في اليوم الثاني مِن الاحتفالات الّّتي دامت أسبوعاً، والّّتي اشتملت على ألعاب سُفكت فيها دماء السُّجناء بيد الجنود والأسود، فحضر أفراد الوفد مِن صور وصيداء إِلى سيرك المدينة الرياضيّة في قيصرية، حيث كان الملك حاضراً جالساً على عرشه، ولابساً لباساً فضفاضاً يتلألأ في أشعَّة الشَّمس، كأنَّه ملاكٌ بهيٌّ نازلٌ مِن السَّماء.
ومسحوراً بهذا المنظر الملوكي، صرخ الشَّعب هاتفاً لهيرودس، وبعضهم سمّاه إلهاً. وفجأةً ضربت هذا الملك المستكبر أوجاعٌ شديدةٌ في بطنه، حتَّى اضطرَّ الخدم أن يحملوه إلى قصره، وانفتحت قروحٌ في جسده، ومات بعد ذلك بخمسة أيَّام وعمره حوالي 54 سنة. ونَعلم مِن الطَّبيب لوقا أنَّ الدِّيدانَ أكلته مِنَ الدَّاخلِ وهوَ حَيٌّ.
إِنَّ الله يترك للسَّلاطين الدُّنيويَّة مدّةً معيَّنةً ليتصرَّفوا كما يريدون، ولكنَّ الّذين يتعالون على الله أيضاً يعجّل لهم الوقت سريعاً، فالخلاص لا يأتي مِن إنسان، كما قال هتلر عن نفسه، بل مِن الله وحده. ومَن لا يكرّم ربّه فهذا شيطان.
ففي الأيام الأخيرة قبل مجيء المسيح، سيقوم حاكم عالمي عظيم، يجلس في الهيكل ويقول عن نفسه إنّه إله، وأنَّهُ المسيح في الوقت نفسه. وتجري مِن يده عجائب كبيرة، ويلزم القارّات بالنظام والسّلام بعنف، فتهتف الشّعوب له لأنّه يظهر غالباً الفوضى والحروب في العالم.
فيا أيّها الأخ، لا تستسلم لهذا الجبّار المتفوق! بل احترس مِن أقواله، لأنّه مجدّف على الله في كبريائه ومضطهد أتباع المسيح؛ فاستيقظ ساهراً، واترك المسيح الدَّجَّال الكذَّاب الّذي هو سارق مجد الله.
ورغم هذا الغليان السفلي في العالم، فإنّ الإنجيل يجري كجدول صافٍ، والنّاس يستخرجون مِنه ماء الحياة، بينما الآخرون يلقون فيه حجارة؛ ولكن ليس أحد يقدر أن يمنع أو يعارض مسيرة بشرى الخلاص، لأنّ كلمة الله غير مقيّدة.
وبما أنّ عدد المؤمنين ينمو في كلّ حين، ويتجسّد الإنجيل في سلوكهم، وتتكاثر الشَّهادات في أفواههم، وتكثر صلواتهم وشكرهم، فنستطيع أن نقول مع لوقا البشير إنّ كلمة الله تنمو كثيراً، وهذا هو فرحنا أنّ الخبر عن يسوع ينتشر في كلّ العالم، بواسطة الشَّهادات، والتَّعليم والتَّفاسير، والصّلوات، وأعمال الصّبر، والتَّضحيات العديدة. ونشكر الرَّبَّ يسوع لأنَّه يسمح لنا بالمساهمة في هذه النّهضة الإنجيليّة، بواسطة المطبوعات الحديثة، وإذاعات الراديو والاتّصالات الشَّخصيَّة، فهَل تُريد أن تشترك بنشر بشرى الخلاص لكي تنمو كلمة الله اليوم في محيطنا؟
ولربّما كان برنابا وشاول حاضرَين في فلسطين، لمّا تعجرف الملك هيردوس ومات في دينونة الله، لأنّهما أتيا بهبة المال مِن أنطاكية في الوقت المناسب إلى أورشليم، لمّا ازداد الضيق وكثر جدّاً، فرجعا شاكرَين إلى كنيستهما في انطاكية، الّّتي أصبحت منذ ذلك الوقت محور تبشير العالم.
ورافق الشاب مرقس الرَّجلَين، ليترك منطقة الخطر وليتدرّب في مهمَّة التَّبشير، وانضمَّ إلى كنيسة أَنطاكية، وتعلَّم مِن شاول وبرنابا كثيراً، وأصبح بعدئذ أحد البشيرين الأربعة الّذي ضاعف كلمة الله وملأ العالم بها، والّّتي نعيش حتّى اليوم مِن القوّة الجارية فيها.

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ يسوع، أنت ملك الملوك وربّ الأرباب. أنت مستحقّ الكرامة والحمد والشكر والتسبيح. نسجد لك، ونُسلِّم بين يديك حياتنا للخدمة في سبيل مشيئتك. احفظنا واحمنا بالجسد والنّفس والرّوح، لكي نساهم في نمّو كلمتك وزيادتها أضعافاً في وطننا.
السُّؤَال
كيف نَمَتْ كلمة الله رغم الاضطهاد؟