Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
6 - الخدمة في دربة والعودة لتقوية الكنائس المؤسَّسة حديثاً
(14: 21 - 23)
14:21فَبَشَّرَا فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَتَلْمَذَا كَثِيرِينَ، ثُمَّ رَجَعَا إِلَى لِسْتِرَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَأَنْطَاكِيَةَ،22يُشَدِّدَانِ أَنْفُسَ التَّلامِيذِ وَيَعِظَانِهِمْ أَنْ يَثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ، وَأَنَّهُ بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ يَنْبَغِي أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللّهِ23وَانْتَخَبَا لَهُمْ قُسُوساً فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ، ثُمَّ صَلَّيَا بِأَصْوَامٍ وَاسْتَوْدَعَاهُمْ لِلرَّبِّ الَّذِي كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ.


ممتلئين بقوّة الرّوح القدس، بشّر الرسولان المضطهدان أهل دربة، وهي مدينة صغيرة في آسيا الصغرى، وكثيرون مِن النّاس آمنوا بالمسيح تاركين الموت في الخطايا، داخلين حياة الله في البرّ والقداسة. وبهذا العمل تَمّم الرسولان أمر المسيح الّذي قال: دُفع إليّ كلّ سلطان في السّماء وعلى الأرض، فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والرّوح القدس وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كلّ الأيام إلى انقضاء الدهر.
وتأثّر الرسولان خصوصاً بمعنى الكلمات:"وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" لأنّ كنائِسَهُما كانت جديدة، وبدون كتاب مقدّس باللغة اليونانيّة، وبدون نظام للاجتماعات، وبدون خبرة في المناقشات مع الأعداء، فشابه الرسولان الأمّ الّّتي ولدت أطفالاً، واستلزم مفارقتهم، رغم أنّهم غير مستطيعين تغذية أنفسهم، ولا السعي لأجل سدّ إعوازهم، فاشتاق قلباهما لأولئك الأطفال الرّوحيين المتروكين. فلم يخافا خطر الموت، ورجعا بجرأة إلى المدن الّّتي اضطهدا فيها سابقاً، فالمحبّة تغلب كلّ خوف وتطرده، لأنّها أعظم الدوافع في الإنسان.
وعاد الرسولان إلى لسترة حيث جُرّم بولس، وهناك لم يبشّرا الجماهير عامة، بل قوّيا المؤمنين الّذين دعاهم المسيح مِن العالم نخبةً لملكوته. وبهذه الخدمة مارس الرجلان واجب بنيان النفوس بعد التبشير، ولم يتكلّما عن أحلام ورجاء متخيّل، بل شهدا لهم بكلّ وضوح، أنّه ينبغي أن ندخل ملكوت الله بضيقات كثيرة. انتبه لقد قالا (ينبغي) فلا تستطيع أن تدخل ملكوت الله بدون ضيقات، بل ستلاقي أمواج البغضة والكذب والعذاب والآلام لأجل المسيح، عربوناً لدخولك إلى رحاب النّعمة.
وفهم الرسولان بعبارة ملكوت الله، مملكة أبي ربّنا يسوع المسيح الّّتي أصبحت ظاهرة في قوّة الابن، وكلّ المؤمنين ينتظرون مجيئه في المجد، وإعلان قدرته على الأرض، علماً أن كلّ مولود ثانيةً مِن الرّوح القدس، هو اليوم عضو في ملكوت الله، لأنّ يسوع المسيح اشترى لنا بدمه العضويّة والقداسة والتواضع والمحبّة. فهل دخلت إلى رحاب المسيح؟ وهل تترقّب ظهور ملكوت الآب عند مجيء مخلّصنا المسيح؟ فليس خلاص نفسك، ولا نموّ الكنائس العديدة، هو هدف ملكوت الله، بل ظهور مجد الآب والابن في شركة الّذين يعيشون في قوّة الرّوح القدس، فاطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه، فتزاد وتترتّب لك الأمور الأخرى تلقائيّاً.
ولم يعظ الرسولان عن الإيمان والآلام والمجد فقط، بل نظّما الكنائس عمليّاً، واختارا على أساس اختباراتهما شيوخاً؛ وعيّنوهم لترؤس الاجتماعات، وتحمّل مسؤوليّة الفقراء والمرضى، حيث كانت حياتهم قدوة في القداسة والخلاص والعفة باتباع المسيح.
وهكذا قوّى الرسولان الكنائس، واستطاعا أخيراً أن يتركا رعاياهما، وسلَّماهم إلى الراعي العظيم المسيح الّذي كان معهم كلّ الأيام. ولممارسة هذا التسليم، استعدّوا مصلّين وصائمين، وطلبوا ملء الرّوح القدس للمسؤولين الجدد في الكنائس، وآمنوا أنّ المسيح نفسه يحمل المسؤوليّة عن كنيسته. ولم يضع الرسولان قوانين وطقوساً وكتب ترانيم للكنائس، بل سلّما المجتمعين إلى يدي المسيح الحيّ، عالمين أنّه قادر أن يقدّس إلى التّمام كلّ الّذين ينجذبون إلى موكب انتصاره.

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ يسوع المسيح، أنت رأس كنيستك والرّاعي الأمين. فنطلب إليك لأجل كلّ حلقات جديدة للمؤمنين، أن تباركها، وتملأها بروح تواضعك، لكي لا تنقص قوّة ومحبّة ومعرفة، واستعداداً للتبشير. اغفر لتلاميذك كلّ الذنوب يوميّاً، وامنحهم شيوخاً مسؤولين يعملون إرادتك، في عفّة وحقّ وقدوة حسنة للآخرين.
السُّؤَال
ماذا عمل بولس وبرنابا في الكنائس الحديثة أثناء عودتهما إليها؟