Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
5 - تأسيس كنيسة لسترة
(14: 8 - 20)
14:8وَكَانَ يَجْلِسُ فِي لِسْتِرَةَ رَجُلٌ عَاجِزُ الرِّجْلَيْنِ مُقْعَدٌ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، وَلَمْ يَمْشِ قَطُّ9هذَا كَانَ يَسْمَعُ بُولُسَ يَتَكَلَّمُ، فَشَخَصَ إِلَيْهِ، وَإِذْ رَأَى أَنَّ لَهُ إِيمَاناً لِيُشْفَى10قَالَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: "قُمْ عَلَى رِجْلَيْكَ مُنْتَصِباً" فَوَثَبَ وَصَارَ يَمْشِي11فَالْجُمُوعُ لَمَّا رَأَوْا مَا فَعَلَ بُولُسُ، رَفَعُوا صَوْتَهُمْ بِلُغَةِ لِيكَأُونِيَّةَ قَائِلِينَ: "إِنَّ الآلِهَةَ تَشَبَّهُوا بِالنَّاسِ وَنَزَلُوا إِلَيْنَا"12فَكَانُوا يَدْعُونَ بَرْنَابَا "زَفْسَ" وَبُولُسَ "هَرْمَسَ" إِذْ كَانَ هُوَ الْمُتَقَدِّمَ فِي الْكَلامِ13فَأَتَى كَاهِنُ زَفْسَ الَّذِي كَانَ قُدَّامَ الْمَدِينَةِ بِثِيرَانٍ وَأَكَالِيلَ عِنْدَ الأَبْوَابِ مَعَ الْجُمُوعِ، وَكَانَ يُرِيدُ أَنْ يَذْبَحَ.


حدثت في مدينة لسترة، على بعد ثلاثين كيلو متراً جنوب غربي إيقونية، أعجوبةٌ غريبةٌ، لأنّ يسوع شفى رجلاً مشلولاً بواسطة كلمات الرسول بولس.
وقبل هذه الحادثة بسنين، شفى بطرس، باسم يسوع المسيح، عند باب الهيكل، مشلولاً كان شلله منذ الولادة. وهذا الشفاء آنذاك سبّب تجمّع الشعب في ساحة الهيكل، وأعطيت عظة فعّالة على لسان بطرس، ونجم عن ذلك قيادة بطرس إلى المحاكمة أمام المجلس اليهودي الأعلى.
فنظير ذلك حدث لبولس في لسترة، حيث بشّر الرسول الجماهير، وبينهم كان إنسان مشلولاً منذ ولادته، وهذا المسكين فهم المتكلّم، وآمن بقوّة المسيح. ولمّا التقت عينه بعين بولس، أدرك الرسول مشيئة يسوع، وشخص في المشلول، وأمره أن يقوم رأساً على رجليه، ويمشي. فقوّة المسيح عملت بواسطة كلمات الرسول بولس، دون أن يذكر المتكلّم اسم يسوع، ودون أن يمسك الرسول بيد المشلول كما فعل بطرس آنذاك، لأنَّ المريض قد سمع الإنجيل وآمن ببشرى الخلاص، فإيمانه خلّصه.
كانت لسترة مدينةً وثنيّةً، وَلَم يكن لأهلها معرفة بالله الواحد القدّوس، الّذي أمامه كلّ النّاس مذنبون. لكنَّ هؤلاء الوثنيين آمنوا بآلهة وأرواح كثيرة، وصدّقوا بإمكانية تجسّدها وجولانها بينهم، كما كانوا يؤلّهون بسهولة بعض المشاهير، لأنّ أرواح جهنّم والبشر الضّالين لا يعيشون بانفصال تامٌ بعضهم عن بعض.
ولمّا استمعت الجماهير إلى برنابا وبولس، ورأت شفاءهما للمريض، ظنّت أنّ آلهة صالحة زارت مدينتهم، فسمّوا برنابا زفس، لأنّ صفاته مطابقة له بروح الأبوة واللطف والهدوء والرصانة، كأنّه أبو الآلهة، كما سمّوا بولس هرمس ساعي الآلهة، الّذي يتميّز بالنشاط والحركة والتكلّم والكفاح. وحيث كان هناك في المدينة هيكل قديم للإله زفس، فقد استعجل كاهن ذلك الهيكل منتفضاً فركض إلى حظيرة المواشي، وجلب ثورين سمينين، وقادهما للذَّبح وهما مزيَّنان بزهور، ونادى في المدينة لتقبل الجماهير أفواجاً إلى وليمة الفرح الّّتي تقام تكريماً للآلهة. وكانت هذه الولائم في الهياكل تتميز بالسّكر والبطر والزّنى، لأنّهم ظنّوا أنَّهم بتقديمهم كلّ طاقاتهم في الفرح والإباحيَّة يكافئون بركات الآلهة.
لم يفهم بولس وبرنابا فوراً صراخ الجماهير بلغّتهم الدارجة، لأنّهم كانوا بعيدين عنهما قليلاً توقيراً وإجلالاً، ولكن حالما فهم الرسولان غاية الذبيحة العظيمة فزعا واشمأزّا، وركضا وسط الجماهير، ومزّقا ثيابهما تعبيراً عن استنكارهما غيرةً على الله، ووقف بولس على حجر مرتفع وصرخ: قفوا! أنتم مخطئون، فلسنا آلهة البتة، إنّما نحن بشر مثلكم مِن لحم ودم. قد وقعتم في خداع النفس، فزفس وهرمس ما أتيا إليكم، فهذه الآلهة أباطيل وتخيّلات غير موجودة، إنّ كلّ آلهتكم باطلة بلا قوّة ولا حياة بل هي أموات وعدم.
أَمَّا نحن فنبشّركم بالله الوحيد القدّوس الحقّ، الّذي هو خلق السماوات والأرض وكلّ ما فيها، وكلّ ما ترونه، وحتّى أنتم بأنفسكم. كلّنا خليقة الله الصالح، الّذي لا يجبر أحداً على تنفيذ إرادته، إنّما يترك المعاندين ليقعوا في شهوات قلوبهم ليفسدوا أنفسهم بأنفسهم. ورغم أنانيّة الشّعوب، فإنَّ الله يكمّل تاريخه مع البشر، ويُحِبُّ العُنُدَ، ويهبهم حتّى اليوم المطرَ والشَّمسَ والحرَّ والبردَ والحصاد. فالله وحده هو الّذي يعطينا المؤونة والوليمة والفرح، ليس هرمس ولا زفس ولا أيّ روح آخر، لأنّهم جميعاً أباطيل. هكذا تكلّم الرسولان مع الأفراد والجماهير ومنعاهم مِن الذَّبيحة. فاغتاظ الكاهن وحزنت الجماهير الّذين فكّروا بالبهجة في الشركة مع الآلهة، وعادوا مستائين إلى بيوتهم، كأنّما وقعت عليهم صاعقة مِن السّماء، وكلّ المدينة تكلّمت عن الرسولين وكرازتهما الغريبة بالإله الواحد.

السُّؤَال
لماذا سمّى بولس كلّ الآلهة أباطيل؟