Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
15:22حِينَئِذٍ رَأَى الرُّسُلُ وَالْمَشَايِخُ مَعَ كُلِّ الْكَنِيسَةِ أَنْ يَخْتَارُوا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ، فَيُرْسِلُوهُمَا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ مَعَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا: يَهُوذَا الْمُلَقَّبَ بَرْسَابَا، وَسِيلا، رَجُلَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ فِي الإِخْوَةِ23وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ هكَذَا: "اَلرُّسُلُ وَالْمَشَايِخُ وَالإِخْوَةُ يُهْدُونَ سَلاماً إِلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مِنَ الأُمَمِ فِي أَنْطَاكِيَةَ وَسُورِيَّةَ وَكِيلِيكِيَّةَ:24إِذْ قَدْ سَمِعْنَا أَنَّ أُنَاساً خَارِجِينَ مِنْ عِنْدِنَا أَزْعَجُوكُمْ بِأَقْوَالٍ، مُقَلِّبِينَ أَنْفُسَكُمْ، وَقَائِلِينَ أَنْ تَخْتَتِنُوا وَتَحْفَظُوا النَّامُوسَ (الشريعة) - الَّذِينَ نَحْنُ لَمْ نَأْمُرْهُمْ25رَأَيْنَا وَقَدْ صِرْنَا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ أَنْ نَخْتَارَ رَجُلَيْنِ وَنُرْسِلَهُمَا إِلَيْكُمْ مَعَ حَبِيبَيْنَا بَرْنَابَا وَبُولُسَ،26رَجُلَيْنِ قَدْ بَذَلا نَفْسَيْهِمَا لأَجْلِ اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ -27فَقَدْ أَرْسَلْنَا يَهُوذَا وَسِيلا، وَهُمَا يُخْبِرَانِكُمْ بِنَفْسِ الأُمُورِ شِفَاهاً28لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لا نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلاً أَكْثَرَ، غَيْرَ هذِهِ الأَشْيَاءِ الْوَاجِبَةِ:29أَنْ تَمْتَنِعُوا عَمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ، وَعَنِ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالّزِنَا، الَّتِي إِنْ حَفِظْتُمْ أَنْفُسَكُمْ مِنْهَا فَنِعِمَّا تَفْعَلُونَ كُونُوا مُعَافَيْنَ".


تنتهي كلّ جلسة مؤتمر عادةً بقرار يكتب خطيّاً، ويوافِق عليه الأَعضاء. فماذا كان مضمون المحضر الأوّل في الكنيسة المسيحيّة؟ إنّه:
1 - ذكر الهيئة المرسلة للتقرير، وهي ليست الرسل وحدهم، بل الشيوخ أيضاً، وليس هذان الفريقان وحدهما المسؤولين، بل الكنيسة بأجمعها لأنّها جسد المسيح، وهو وحدة لا انفصام لها. وأيّ قرار لا يوافق عليه الكلّ يسبّب استمرار الاضطراب والضيق والمشاكل.
2 - ذكر المرسل إليهم التّقرير، وهؤلاء ليسوا أعضاء الكنيسة في العاصمة أَنطاكية فقط، بل أيضاً أعضاء الكنائس الصغيرة المتاخمة لأنطاكية وما حولها، وسائر كنائس سورية ولواء الاسكندرون وأضنة. وقد سمّى أعضاء كنيسة أورشليم أبناء هذه الكنائس إخوة، وهذا اللقب يشير إلى المساواة في الحقّ والشّركة في ملكوت أبيهم السماوي، وبهذه الكلمة ألغي الفرق وزالت المشكلة، لأنّ المؤمنين مِن الأصل اليهودي اعتبروا المؤمنين مِن الأمم إخوة حقيقيين.
3 - فحوى الرسالة، ألا وهو السّلام المبني على الفرح النابع مِن خلاص المسيح. فهذه المعاني الثلاثة تتضمنها الكلمة اليونانيّة، الّّتي حيّا الإخوة في أورشليم بها إخوتهم في المسيح من بعيد، فالسّلام بالسرور هو موضوع تبشيرنا، وليس الناموس (الشريعة) والتوبة والتوبيخ إنّنا خدّام فرحكم، مقدّمين لكم ملء الخلاص في المسيح.
4 - وظهر مِن التقرير، أنّ الكارزين بالناموس (بالشريعة)، الّذين ذهبوا إلى الكنيسة في أنطاكية، لم يكونوا مبعوثين مِن أورشليم، ولم يتلقَّوا أمراً بذلك، بل ذهبوا باسمهم الخاص، ليبثُّوا آراءهم الشخصيّة. وقد تأسّفت الكنيسة لتسبب هؤلاء الإخوة بالاضطراب والتورّط، وإنّنا لا نقرأ في المحضر، مثلما كتب بولس عنهم بعدئذ، أَنَّهم إخوة كاذبون (غلاطية 2: 4) إنّما الّذي نقرأه فقط، هو أنّ الرسل في أورشليم لم يفوّضوا إليهم تلك الكرازة، وأنَّ المؤتمر الأوّل في القدسلم يعطهم موافقةً على عملهم المستقل.
5 - وللعجب العجاب أنّ المسؤولين لم يؤلّفوا رسالة عقائدية، ولا تعاليم تفصيليّة، بل قرَّروا بالإجماع أن يختاروا رجلين رصينين يرسلونهما ليفسّرا الفتوى، لأنّ الكلمات المكتوبة ما كانت كافية، بل تحتاج إلى مساندة بكلمة الله المتجسّدة في خدّامه. وهكذا أرسل المسؤولون في أورشليم مع الوصايا الجديدة التفسير لها، ليس بتطويل في الشروح، بل بإخوة ممتلئين مِن الرّوح القدس.
6 - وهذان النّبيان مِن العهد الجديد، لم يذهبا منفردين، بل انطلقا مع برنابا وبولس، اللذين حصلا على إكرام مِن قبل الكنيسة الأورشليميّة، رفعهما فوق كلّ لوم، إذ وصفوهما بكلمة حبيبين. وهذا اللقب استحقَّاه، لأنَّ محبّة الله كانت قد انسكبت في قلبيهما بواسطة الرّوح القدس المعطى لهما. فالمحبّة والسّرور والسّلام والخلاص هي الأسس والقوّة والمبادئ في رجال الله والكنائس، فمِن هذه الفضائل نضجت الشهادة المشهورة لهذين الرسولين. إنّهما بذلا نفسيهما لأجل المسيح واسمه وكنيسته. ونقرأ هنا الكلمة نفسها الّّتي قالها المسيح عن نفسه: "لم آتِ لأُخدَم بل لأَخدم ولأبذل نفسي فدية عن كثيرين. فهذه هي ثمرة محبّة الله الجوهريّة. إنّها تدفعنا إلى التَّضحية بالذّات لأجل الضَّالين، مثلما بذل المسيح نفسه لأجل الخطاة المجرمين. وهذا هو لبّ معنى المسيحيّة.
7 - ونقرأ بعدئذ جملة تكاد تفوق كلّ تفسير، ذلك أَنَّ المسؤولين في أورشليم كتبوا أنَّهم وَالرُّوح القدس اتخذوا معاً هذا القرار. فالرّوح القدس أعلن لهم أن الكنيسة المسيحيّة المتحرّرة مِن الناموس (الشريعة) هي بالتّمام حسب مشيئة الله ، وأنَّ أعضاء الكنيسة ينسجمون مع مسرة الله في هذا التطوّر الجديد. وفي قوّة الرّوح القدس، اعْتَبر المقرِّرون أَنفُسَهم بالدَّرَجةِ نفسِها مِن المسؤوليّةِ مثل الرُّوحِ القدُس، وحَمَلوا طَوعاً المسؤوليَّة عَن هذا القرار، فلم يملك فيهم روح الاتِّكاليَّة، بل إِنَّهُم خُدَّام الرَّبّ ووكلاء أسرار الله (1 كو 4: 1).
8 - وبعدئذ كتبوا إلى أعضاء الكنيسة، في انطاكية، أن يمتنعوا عن مزج الأديان الممارس في ولائم الذبائح للأصنام، وأن يبتعدوا عن كلّ شبه نجاسة، ويمتنعوا عن أكل المخنوق والدّم، ليستطيعوا الاستمرار مع المسيحيين مِن الأصل اليهودي. وهذه الوصيّة لا تتعلّق بنيل الخلاص، بل بالثَّبات في شركة القدّيسين.

السُّؤَال
ما هي الأفكار الرئيسيّة في القرار الّذي اتخذه المؤتمر الرَّسولي في أورشليم؟