Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
16:29فَطَلَبَ ضَوْءاً وَانْدَفَعَ إِلَى دَاخِلٍ، وَخَرَّ لِبُولُسَ وَسِيلا وَهُوَ مُرْتَعِدٌ،30ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا وَقَالَ: "يَا سَيِّدَيَّ، مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟"31فَقَالا: "آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ"32وَكَلَّمَاهُ وَجَمِيعَ مَنْ فِي بَيْتِهِ بِكَلِمَةِ الرَّبِّ33فَأَخَذَهُمَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَغَسَّلَهُمَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ، وَاعْتَمَدَ فِي الْحَالِ هُوَ وَالَّذِينَ لَهُ أَجْمَعُونَ34وَلَمَّا أَصْعَدَهُمَا إِلَى بَيْتِهِ قَدَّمَ لَهُمَا مَائِدَةً، وَتَهَلَّلَ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ إِذْ كَانَ قَدْ آمَنَ بِاللّهِ.


صرخ رئيس السجن قائلاً: "أعطوني مصباحاً". وكان هذا الطلب رمزاً على أنّه قد عاش طيلة حياته العسكريّة في ظلم وظلمات، ولكنّه الآن استنار قليلاً بكلمات بولس توّاً، فأدرك نور الرّوح السماوي، وسجد عند قدمي الرَّسول الّذي خلَّص حياته. ولعلّه ظنّهم آلهة أو ملائكة، إذ بدا مستحيلاً عليه عَدمُ هربهما، ومحبتهما الفائقة له، والمحافظة على حياته. إِنَّ لُطفَ المسيح أعظمُ ثورةٍ روحيَّةٍ في العالم.
لم يستغلّ بولس ارتعاب الرجل لينتفخ، بل وضّح للضابط أنّه مثله إنسانٌ. لكنّه تغيّر وتجدّد بنعمة المسيح. ولمّا سمع هذا المرتعب المضطرب قول الرسول قاده مع رفيقه إلى السّاحة، فشاهد جسديهما الداميين، وخاف مِن غضب الله لأنّه اشترك في تعذيب رسله الكرام، وتمتم بهلع مخيف: ماذا يجب عليّ أن أفعل لكي أهرب مِن غضب القدّوس وأخلص؟ عندئذ لخّص الرسول بولس لهذا الحائر الإنجيل في جملةٍ عظيمةٍ، هي مِن أهمِّ جمل الكتاب المقدّس، وبشّر المرتعب بالحقّ الكامل صراحةً: آمِنْ بالرّبّ يسوع المسيح فتخلص أنتَ وأهل بيتك. فهذا القول أعطى الحارس رجاء قويّاً فلم يهلكه الله، ولم يضربه بصاعقة مِن السّماء، بل فتح له الباب إلى النّعمة في شخص يسوع المسيح. وشهد بولس لكلّ المتراكضين والمتجمهرين هنالك، نساءً ورجالاً، عبيداً وسجناء، شيباً وشباباً، أَنَّ المسيح يسوع هو الرّبّ المقتدر أن يجري زلازل، القادر أن يغفر الذنوب، المعطي خلاصاً، الرّبّ الّذي يقيم مِن الموت، والمستعدّ أن يملأ التائبين بالرّوح القدس واللطيف، الّذي يحرّر الإنسان مِن سلطة خطاياه. فبكلماتٍ قليلةٍ ألقى رسول الأمم الإنجيل إلى القلوب الفزعة، وهؤلاء المستمعون آمنوا فوراً، وأدركوا أنّ الله نفسه كان واقفاً في رسله أمامهم لأنّه ما مِن إنسانٍ يتكلّم هكذا. بل إِنَّ الازلي نَفسه يقدِّم لهم يد المصالحة. فنما نور الإنجيل السماوي في قلوب المستمعين، ودعا الضابط الرَّسولين إلى داره، وغسّل جروحهما وألبسهما ثياباً نظيفة وطلب منهما أن يعمّداه، رمزاً لتسليمه الكامل إلى ملك المحبّة يسوع المسيح.
أراد هذا الضابط المتقاعد والمشرف على السجن تصفية كلّ رواسب حياته وفتح بيته لهذا الرّوح الجديد، وجمع كلّ أهله، وخدّامه وموظفيه ليعتمدوا في الليلة نفسها معاً. وقد أدرك هذا العسكري أنّ لأمر الله ضرورة، وكلّ تباطؤ يكون خطيئة. فكان جوابه توبةً كاملةً مباشرةً، وتسليماً تامّاً للرّبّ الحيّ.
وعندما حلّ الرّوح القدس في المعتمدين، انشرحت صدورهم لذكر الله، وملأت ترانيم الحمد قلوبهم، وأدركوا أنّ الله قد زارهم وسط السجن وغياهب الظلمات.
عندئذ هيّأوا العليّة الّّتي في بيتهم، وابتدأوا يحضّرون الطعام لإقامة وليمة كبيرة. وتهللّوا معاً، لأنّ المسيح قد غسل ضمائرهم مِن الخطايا، وقدّسهم مجّاناً، هم الخطاة المجرمون الّذين عاشوا الآن في ملء نور الله وسط الليل البهيم. ما أجمل هذه الصورة! أن تُقام وليمة في نصف الليل! فالمسيح أنار المؤمنين وسط الظلمات المحيطة بهم، وملأهم بأعظم الفرح كان هذا ثمار احتمال العذاب وإطاعة الإيمان في بولس وسيلا كما أنّ ليديا ولوقا وتيموثاوس لم ينتهوا مِن الصّلاة لأجل المحبوسين.

السُّؤَال
لِمَ تعتبر الآية رقم 31 مِن الأصحاح السادس عشر أهم كلمات الكتاب المقدّس؟