Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
3 - الرَّسولُ يُخطِّط لعودته إلى أورشليم وتقدّمه مِن ثمّ إلى رومية
(19: 21 - 22)
19:21وَلَمَّا كَمِلَتْ هذِهِ الأُمُورُ، وَضَعَ بُولُسُ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ بَعْدَمَا يَجْتَازُ فِي مَكِدُونِيَّةَ وَأَخَائِيَةَ، يَذْهَبُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، قَائِلاً:"إِنِّي بَعْدَ مَا أَصِيرُ هُنَاكَ يَنْبَغِي أَنْ أَرَى رُومِيَةَ أَيْضاً"22فَأَرْسَلَ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ اثْنَيْنِ مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يَخْدِمُونَهُ: تِيمُوثَاوُسَ وَأَرَسْطُوسَ، وَلَبِثَ هُوَ زَمَاناً فِي أَسِيَّا.


أطلق الرومان كلمة "آسيا" أولاً على إحدى المناطق التابعة لهم في الأناضول. وكانت أفسس عاصمة هذا الإقليم، ومحوراً للمواصلات. ثم أُطلقت هذه الكلمة بعدئذٍ على القارَّة الأسيويّة كلّها، الّّتي لم تُعرف بدقّة بحدودها ومناطقها وتفصيلاتها إلاّ منذ قرن تقريباً، مِن باب إطلاق اسم الجزء على الكلّ.
وفي تلك المنطقة الأناضوليّة الّّتي سُمّيت آسيا أولا، بشّر بولس زهاء سنتين ونصف، وأشبع الجياع إلى البرّ، فنشأت كنيسة حيّة، شعّت أنوار محبّتها على محيطها، وإلى آخر قرية مِن المحافظة دخلت بشرى الخلاص، فأصبحت أفسس المركز الثالث الرئيسي بعد أورشليم وأَنطاكية، لانطلاق الإنجيل إلى روما. وقد كتب بولس مِن هذه العاصمة رسالتيه الغيورتين إلى أهل كورنثوس، وتألّم مِن مشاكلهم مصليّاً، حتّى أرشد الرّبّ الإخوة هناك إلى تمييز الأرواح، وحرّرهم مِن العقد الفكريّة والنفسيّة.
وفي فترة بقائه في هذه المدينة قام بولس بمشروع جمع تبرّعات لكنيسة أورشليم المحتاجة، وأشرك الكنائس اليونانيّة والأناضوليّة في هذا المشروع الهام، كما نقرأ في رسالته الثانية الأصحاح 8-9 وبقيت هذه المدينة مئات السنين بعد ذلك محوراً للمسيحيّة، حيث رعى الرسول يوحنّا خراف المسيح هنالك، وذكرها الرّبّ الحيّ ليوحنّا في رؤياه كأمّ الكنائس في أوّلها (رؤيا 2: 1-7) وفي زمن القياصرة البيزنطيين عقد في أفسس أحد المؤتمرات المسكونيّة سنة 431 ب م.
وفي نهاية خدمة بولس هنالك سنة 55 إذ شكر المسيح لأجل انتصاره في آسيا الصغرى، وضح الرّوح القدس لرسول الأمم أنّه ينبغي له أن يرجع إلى أورشليم قريباً ليربط الكنيسة الجديدة بالكنيسة الأولى في القدس.
ولكنّ بولس أراد أن يرى أعضاء الكنائس اليونانيّة المحبوبين مرّة أخرى، وخطّط في صلوات كثيرة، وبإرشاد الرّوح القدس، للسفر أولاً غرباً نحو روما، وبعدئذ إلى الشرق تجاه أورشليم.
وعلم الرسول أنّ المدينة المقدّسة ليست هي نهاية المطاف في سفراته التبشيريّة، لأنّ الرّوح القدس أعلن له أنّ روما ستكون هدفه الأخير. فالإنجيل مندفع مِن أورشليم إلى روما، ومِن مركز الرّوح القدس إلى مركز السلطة المدنيّة، لكي يغلب سلاح البرّ كلّ الأسلحة الظالمة فما وجدت بلدة ولا حزب ولا دين، إلاّ ويطلب المسيح مِنه الخضوع. إنّه هو الرّبّ، وأمامه ستجثو كلّ ركبة، ممّا في السماوات وما على الأرض وتحت الأرض، وتعترف كلّ الألسنة أنّ يسوع المسيح هو الرّبّ لمجد الله الآب. فتعظيم هذا الاسم الفريد كان الدافع والضرورة في رحلات بولس التبشيريّة.
ولم يكن بولس عبقريّاً منعزلاً في ملكوت الله، بل خدم مشتركاً مع إخوة كثيرين، الّذين هم يمثّلون جسد المسيح الرّوحي. وليس أحد مِن الإخوة قادراً على الخدمة باستمرار بدون إخوته الآخرين، فنعترف بأنّنا محتاجون إلى صلواتك وشركتك، كما أنّك تحتاج إلى خدمتنا وابتهالاتنا، فنصلّي لأجلك، فهل تصلّي لأجلنا عمليّاً؟ لقد بعث بولس تيموثاوس ممهّداً لسفرته، الّذي خدمه بأمانة كابنه. فكان تيموثاوس هذا الخليط الدم، همزة الوصل بين الرسول والكنائس المؤسَّسة حديثاً في أغلب الأحيان، وها هوذا الآن يمهد الطريق لبولس لسفرته الوداعيّة الكبيرة.

الصَّلَاة
نشكرك أيّها الرّبّ المسيح، لأن لا السلطة ولا الشيطان يستطيعان منع موكب انتصارك الرّوحي. لقد أدخلتنا إلى رحاب ملكوتك. علّمنا أن نطيع صوتَ روحك القدّوس، لكي نركض حيثما تريد، ونقف حيثما تشاء. آمين.
السُّؤَال
لِم كان ينبغي لبولس أن يذهب إلى رومية؟