Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
19:35ثُمَّ سَكَّنَ الْكَاتِبُ الْجَمْعَ وَقَالَ:"أَيُّهَا الرِّجَالُ الأَفَسُسِيُّونَ، مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الَّذِي لا يَعْلَمُ أَنَّ مَدِينَةَ الأَفَسُسِيِّينَ مُتَعَبِّدَةٌ لأَرْطَامِيسَ الإِلهَةِ الْعَظِيمَةِ وَالتِّمْثَالِ الَّذِي هَبَطَ مِنْ زَفْسَ؟36فَإِذْ كَانَتْ هذِهِ الأَشْيَاءُ لا تُقَاوَمُ، يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا هَادِئِينَ وَلا تَفْعَلُوا شَيْئاً اقْتِحَاماً37لأَنَّكُمْ أَتَيْتُمْ بِهذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، وَهُمَا لَيْسَا سَارِقَيْ هَيَاكِلَ، وَلا مُجَدِّفَيْنِ عَلَى إِلَهَتِكُمْ38فَإِنْ كَانَ دِيمِتْرِيُوسُ وَالصُّنَّاعُ الَّذِينَ مَعَهُ لَهُمْ دَعْوَى عَلَى أَحَدٍ، فَإِنَّهُ تُقَامُ أَيَّامٌ لِلْقَضَاءِ، وَيُوجَدُ وُلاةٌ، فَلْيُرَافِعُوا بَعْضُهُمْ بَعْضاً39وَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَ شَيْئاً مِنْ جِهَةِ أُمُورٍ أُخَرَ، فَإِنَّهُ يُقْضَى فِي مَحْفِلٍ شَرْعِيٍّ40لأَنَّنَا فِي خَطَرٍ أَنْ نُحَاكَمَ مِنْ أَجْلِ فِتْنَةِ هذَا الْيَوْمِ وَلَيْسَ عِلَّةٌ يُمْكِنُنَا مِنْ أَجْلِهَا أَنْ نُقَدِّمَ حِسَاباً عَنْ هذَا التَّجَمُّعِ"41وَلَمَّا قَالَ هذَا صَرَفَ الْمَحْفَلَ.


كان رجلٌ حكيمٌ جالساً في المدرج بين الهائجين، هادئ الأعصاب ومتفهماً شعبه. وهو رئيس البلديّة، ولقبّوه بالكاتب، فلم يحاول أن يكلِّم الصارخين، بل تركهم للزمجرة والعجيج ساعتين، مفتكراً أنّهم حالما يتعبون يُقرِّعهم تقريعاً. ولمّا رأى أنّ الأكثريّة قد تعبت في الجوّ الحار، قام وابتدأ يتكلّم، فصمت الجمهور صمتاً تاماً، وأبرز المسؤول أوَّلاً شهرة الأفسسيين، وشهد أنّ الصَّنَم الخشبي الأسود للإِلهة أرطاميس قد هبط مِن السّماء، ولا ضرورة للمجادلة مطلقاً، فكلّ العالم يعرفه ولا أحد ينكر هذا الاعتقاد، فالهدوء واجبٌ ضروري، لكيلا يقع أيّ عمل متسرّع، وهو مستعدّ للبت بكلّ التفاصيل.
وبعدئذ بيّن أنّ رفيقي بولس والشاب اسكندر لم يسرقوا شيئاً، ولم يُجدِّفوا على الهياكل، كما اتَّضح مِن التحقيق الّذي أجراه أثناء صراخهم مدّة ساعتين، فهؤلاء الثَّلاثة أبرياء، والجمهور هو الملوم، لأنّه خطفهم بلا حقّ.
وبما أنّ ديمتريوس زعيم الصاغة لم يقدّم شكوى رسميّة، والغالب أنّه لم يحضر فيما بعد إلى المحفل، خوفاً مِن اتهامه بالثورة، فقد طلب الكاتب مِن جماعة الصّياغ أن يتقدّموا إليه بشكوى رسميّة، إن كان لهم أيّة أدلة اتهاميّة ضدّ شخص معين، فتأخذ القضيّة مجراها القانوني.
واستمرّ يهدّئ الشعب أكثر فأكثر، فلم يمنعهم مِن بلورة رأيهم العام واتّخاذ قرار جماعيّ، بل طلب مِنهم تقديم طلباتهم في اجتماع رسمي يحضره جميع الأهالي الّذين لهم حقّ التصويت. وهذه الأدلّة مِن لوقا تعطينا بصيرة عميقة لكيفيّة تنظيم المدن في الحضارة اليونانيّة أثناء الاستعمار الروماني.
وفي النهاية هدّد رئيس البلديّة الجماهير المصغية إلى كلامه، ودلّها على خطر غضب الرومان الّذين سحبوا امتيازات مِن كلّ مدينة غير مستحقّة ، كما أنّهم منحوا كلّ جماعة منظمة امتيازات جديدة، فلم يُرِدْ أحدٌ مِن أهل أفسس أَن يكون سبباً لفقدان لطف المعاملة الرومانيّة، بل بالعكس سعى الجميع نحو هذه الغاية وازديادها، فهدأت رؤوس المجانين خلال خطاب الكاتب الحكيم، وعاد الجميع إلى بيوتهم يجرّون ذيول الخيبة.