Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
2:24اَلَّذِي أَقَامَهُ اللّهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ25لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي، لِكَيْ لا أَتَزَعْزَعَ26لِذلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي حتّى جَسَدِي أَيْضاً سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ27لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلا تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَاداً28عَرَّفْتَنِي سُبُلَ الْحَيَاةِ وَسَتَمْلأُنِي سُرُوراً مَعَ وَجْهِكَ.


إِنَّ انتصار الله على الموت هو شعار المسيحيين، ورمز هذا الظَّفر هو المسيح المُقام مِن بين الأموات، إنّه حَيٌّ ولن يموت، وهو الضَّمانُ لقيامتنا وكافلُ حياتنا الأبديّة.
فشهد بطرس جهراً بفوز الله على معارضة اليهود الّذين صلبوا يسوع، لأنّ الله قبل هذا المرفوض، وأقام الشاب الناصري المحتقَر الميت، وحلّ سلاسل الموت (مزمور 18: 5- 6) إذ مستحيل للحيّ أن يبقى ميتاً لأنّه قدّوس، فلم يجد الموت حقّاً عليه. لقد مات يسوع لأجل خطايانا، وقام لأجل تبريرنا؛ فإقامة المسيح عَنَتْ لليهود دينونة الله الخارقة، وفي الوقت نفسه أعظم تعزية للمسيحيين.
بعدئذ وضّح الرّوح القدس بواسطة بطرس، كيف نظر الملك داود ببصيرة المسيح إلى أسرار الثالوث الأقدس، واعترف بأنّ الابن رأى الآب دائماً أمامه غير مستتر بل مكشوفاً بكلّ مجده فكان يسوع آدمُ الثاني وقبلة الله، وصورته الحقيقيّة، مفعماً بالقوّة والجمال والبهاء، وعاش معه في وحدة الانسجام عاملاً ما أراد الآب.
قَبْلَ الصَّلب رأى الابن أباه عن يمينه، كما نعلم أنّه أيضاً عن يمين أبيه بعد صعوده، فنرى مرّة أخرى أنّ كلّ أقنوم في الثالوث الأقدس يكرّم الآخر بلا انقطاع، معتبراً نفسه الأصغر بالتواضع. وقال المسيح في هذه النبوّة إِنّه يثبت بواسطة نصر الله ولا يتزعزع لرؤيته؛ فكم بالحريّ نحن نحتاج أن ننظر دائماً إلى أبينا لكيلا نسقط في التجربة.
وهكذا لن تدوم العلاقة الحميمة الدّائمة بين الآب والابن دون أن يعكّر صفوَها استكبارٌ أو خطيئة، بل تبقى مفعمةً بالسّرور والمحبّة والغبطة والابتهاج، كما أعلن الله إله المسرّة بنفسه لمّا قال: أنتَ ابني الحبيب الّذي به سُررت. فلا تحزنوا لأنّ فرح الرّبّ هو قوّتكم.
والمسيح رأى قبل تجسده موته كحمل الله مقبلاً عليه، ولكنّ بصيرته امتدت إلى ما بعد الموت، إلى الأعماق المؤبّدة؛ فلم يمت يائساً على الصّليب، بل مطمئناً في الرجاء، عالماً أن روحه ونفسه لا يبقيان في سجن الأموات إنّما في يدي الله. وأنبأ داود عن يسوع، أَنّ جسده لا يفسد لأنّه قدّوس. هكذا صار رجاء المسيحيين، أنّ جسدهم أيضاً يتقدّس وسيقوم، لأنّ الغفران تامٌّ ويطهّر جسدنا إلى التّمام، الّذي هو هبة صالحة مِن الخالق؛ فقيامة المسيح هي قدرتنا وفرحنا وشكرنا، وكان المسيح دائماً عالماً كلّ الأسرار والطرق في الحياة الأبديّة، حتّى استطاع أن يقول:" أنا هو القيامة والحياة، مَنْ آمن بي ولو مات فسيحيا، وكلّ مَنْ كان حيّاً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد". ففي المسيح نجد قيامة كلّ المؤمنين مُختصرَة، حتّى أصبح هو المحيي لأتباعه، فبدونه وخارج رحابه ليست ثمة حياة حقّة.
وآخر الزمان يغمر المسيحَ مِلءُ الفَرح العظيم، حين يرى أنّ موته قد فدى ملايين مِن النّاس وأحياهم ليثبتوا معه، متّحدين أمام عرش النّعمة، وفوق ذلك فإن الرّوح القدس قد جعلهم أعضاء في جسده الرّوحي، وأدخلهم إلى جوهر محبّة الله وحقيقة حياته الأبديّة. إنّ إيماننا عظيمٌ جِدّاً مَبنيٌّ على الفرح والابتهاج والرجاء.