Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
5 - السَّفرة الأخيرة إلى مكدونية واليونان
(20: 1 - 2)
20:1وَبَعْدَمَا انْتَهَى الشَّغَبُ، دَعَا بُولُسُ التَّلامِيذَ وَوَدَّعَهُمْ، وَخَرَجَ لِيَذْهَبَ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ2وَلَمَّا كَانَ قَدِ اجْتَازَ فِي تِلْكَ النَّوَاحِي وَوَعَظَهُمْ بِكَلامٍ كَثِيرٍ، جَاءَ إِلَى هَلاَّسَ،3فَصَرَفَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ.


أدرك بولس في الشغب الأفسسي مِن جديد، أنّ الكنيسة المنتشرة لم تكن مؤمَّنة مِن الخطر والاضطهاد بل بالعكس، فبمقدار ازدياد البركة كانت تزداد هجومات إبليس أيضاً. فعلى المؤمنين في الكنائس الكبيرة أن يصلّوا بانتباه "لا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا مِن الشرّير". لقد صلّى بولس وأتباعه الأمناء خلال مدّة الهيجان، فهدّأ الرّبّ العاصفة وخلّص المتضايقين، كما انتهر الزوبعة على بحيرة طبريا، فصار هدوء عظيم.
وبعد انفجار البغضة في أفسس، اتضح للمؤمنين أنّ بولس لم يكن قادراً بعد على البقاء في المدينة والمنطقة، لأنّ حبّ الانتقام فار في صدور الغوغائيين، ولم يعد قادراً الرسول على السَّير منفرداً في الطرق والأزّقة. ولكنّ بولس الأبوي لم يهرب خوفاً مِن الخطر الجاثم في المدينة، بل طلب نخبة تلاميذ المسيح لاجتماع منظّم، كان عكس الشغب الحاصل في المدرج، فعزّى بولس الحزانى بحضور المسيح الّذي يضع روحه القدّوس في كلّ أتباعه الأمناء.
هكذا ودّع رسول الأمم أهل كنيسة أفسس بقلب أليم، وابتدأ بسفرته الطويلة، ماراً في مناطق فيلبي وتسالونيكي وبيرية، وهو نفسه يفسّر اختباراته في هذه الرحلة برسالته الثانية إلى أهل كورنثوس الأصحاح 7: 5 بكلماته: لمّا أتينا إلى مكدونية، لم يكن لجسدنا شيءٌ مِن الرَّاحة، بل كنّا مكتئبين في كلّ شيء، مِن خارج خصومات مِن داخل مخاوف. لكنّ الله الّذي يعزّي المتضعين عزّانا. فلم يسافر بولس في رحلة صيفيّة للاستجمام، بل دخل إلى الكفاح والحرب والجهد الجهيد ضدّ التعصب والكراهيّة والتجارب. لقد امتلأ بولس بكلمة الله ووعظ بقوّة الرّوح القدس، ليس مِن أجل التبشير فقط، بل لأجل التعليم والتنبيه لتقوية الكنائس. فكان بولس راعياً أميناً، طالباً الضّالين، مضمِّداً الجراح مُوْقِعاً القصاص بالمعاندين.
ولمّا دخل بولس إلى مدينة كورنثوس سنة 56 تقريباً، خدم مدّة ثلاثة أشهر الكنيسة المزعزعة مِن التجارب الفلسفيّة والحماسيّة، ولكنه وجد بجانب كلّ هذه المجهودات وقتاً كافياً، ليؤلّف أطول رسائله للكنيسة في روما، الّّتي لم يؤسّسها هو شخصيّاً. وبهذه الرِّسالة إلى أهل روما، أبرز الرسول تعليمه بطريقة منظّمة منطقيّة بعمق وقوّة فائقة، الأمر الّذي طلبه الفلاسفة مِنه في أثينا مِن قبل، ولكنّه لم ينجز طلباتهم، لأنّهم لم يكونوا ناضجين روحيّاً، ليدركوا هذه الأفكار المسيحيّة المبدئيّة. وهذه العظة بشكل رسالة إلى أهل رومية، لا تزال حتّى اليوم أفضل عرض لمبادئ المسيحيّة بطريقة منظّمة موجزة، حتّى إِنَّ الرّوح القدس يبشّر بكلمات بولس هذه العالم إلى يومنا هذا.

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ يسوع المسيح، نشكرك لأنَّك أَنت الحافظ المنتصر؛ تحفظ أحبَّاءك في العواصف والضيق والهجومات والتّجارب. أَعطنا رُعاةً أمناء في كنائسنا، ومُصلِّين شُجعاناً، لنكرمك معاً بإيمان ثابت ومحبّة فائقة ورجاء حيّ.
السُّؤَال
لماذا وكيف ترك بولس كنيسة أفسس؟