Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
22:17وَحَدَثَ لِي بَعْدَ مَا رَجَعْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَكُنْتُ أُصَلِّي فِي الْهَيْكَلِ, أَنِّي حَصَلْتُ فِي غَيْبَةٍ,18فَرَأَيْتُهُ قَائِلاً لِي, أَسْرِعْ وَاخْرُجْ عَاجِلاً مِنْ أُورُشَلِيمَ, لأَنَّهُمْ لاَ يَقْبَلُونَ شَهَادَتَكَ عَنِّي.19فَقُلْتُ, يَا رَبُّ, هُمْ يَعْلَمُونَ أَنِّي كُنْتُ أَحْبِسُ وَأَضْرِبُ فِي كُلِّ مَجْمَعٍ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِكَ.20وَحِينَ سُفِكَ دَمُ اسْتِفَانُوسَ شَهِيدِكَ كُنْتُ أَنَا وَاقِفاً وَرَاضِياً بِقَتْلِهِ, وَحَافِظاً ثِيَابَ الَّذِينَ قَتَلُوهُ.21فَقَالَ لِي, اذْهَبْ, فَإِنِّي سَأُرْسِلُكَ إِلَى الأُمَمِ بَعِيداً.


لم يكن بولس هو موجد إنجيل النّعمة، وما خلق رمز المعموديّة، إنّما يسوع قد أمره أن يشهد بكيانه المجيد، كباب وحيد مؤدّ إلى الله لكلّ الّذين يؤمنون به. فشهد بولس، أمام الجمع الضخم الصامت في ساحة الهيكل، بظهور آخرَ مِن المسيح له، فرآه أثناء سفرته الأولى إلى أورشليم وسط الهيكل، وهذا يعني معجزة مدهشة تتحقّق، اعتبرها كثير مِن اليهود تجديفاً شنيعاً، إنّ يسوع المصلوب المرفوض مِن الأمّة ظهر وسط مسكن الله القدّوس. فهذه العبارة طعنت قلب كلّ يهودي وجرحته مِن جهتين الأولى: دلالتها أنّ يسوع إله حق، واحد مع القدّوس الساكن في الهيكل، منسجم معه مِن الأزل إلى الأبد. والثّانية أَنَّ اليهود هم قاتلوه. فحكم على كلّ اليهود مرّة واحدة بالهلاك، لقتلهم ابن الله وعدم إدراك مجده. وليس أحد مِن الحضور في الهيكل رأى يسوع إلاّ بولس.
وربّه لم يلتق به كما أمام دمشق شخصيّاً، بل ظهر له في غيبوبة. وكان هذا الإعلان الثاني مِن المُقام مِن بين الأموات حقيقيّاً أيضاً. فأقام بولس شهادته عن مجد شخص يسوع، كشهادة عن الحقيقة أمام مستمعيه، فلم يباحثهم في قضايا الناموس (الشريعة) البتة، بل شهد بشخص يسوع الحيّ.
لم يعلن يسوعُ نفسَه تنفيذاً لمأرب روحيّ خاصّ، بل ليبني كنيسة الله في العالم كلِّه. فكان يأمره: أسرع، اركض، امش، اذهب، تحرّك لا تبق جالساً، بل اترك القدس وشركة القّديسين ولا تبشّر المتعصّبين، وابتعد عن الناموسيين، (الشرائعيين) لأنّهم لا يسمعون. ولكن يا للعجب! كان بولس عنيداً وما أراد الذهاب بعيداً، بل فضّل البقاء قرب مسكن الله، حيث ظهر له يسوع، وأصرّ على أن يشهد لليهود أنَّ يسوعَ حيٌّ، ورجا أن يؤمنوا بشهادته، لأنّه كان شاهد الشَّرفَ عند رجم استفانوس، وكان معروفاً كقاتل المسيحيين. فجسد بولس وإرادته كانا بطيئَين غير فعّالين فلم يخترع هو تبشير الأمم، ولم يرد جذب الوثنيين إلى العهد مع الله. ولكنّ ربَّه الحيّ أمره بكلّ وضوح أَن يذهب إلى الأمم، لأنّه أرسله إلى البعد البعيد. فالعهد الجديد للناس كلّهم، وليس لليهود فقط. فالرّبّ يسوع نفسه فجَّر حدودَ العهد القديم، وفتح البابَ المؤدِّي إلى الله للبشر جميعاً. فعَصرُ الأمم قد ابتدأ، والنّعمة تمطر على كلّ طلاب الله المخلّصين.