Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
6 - ظهور المسيح لبولس ليلاً
(23: 11)
23:11وَفِي اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ وَقَفَ بِهِ الرَّبُّ وَقَالَ:"ثِقْ يَا بُولُسُ، لأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ، هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضاً"


كان ضمير بولس مستريحاً دائماً، لأنّه خدم الله ليلاً نهاراً، ولم يتصرف طائشاً بدخوله إلى أورشليم، ولم يفتعل هو الأزمة الّّتي حدثت، بل أطاع إرشاد الرّوح القدس، وكان مستعدّاً للموت، ولكن ربّه فكّر بخلاف ذلك، وظهر له شخصيّاً في الليل الدامس، وقال له ثق ولا تخف، ليس الموت على الباب، وإن جال حولك كذئاب جائعة، فهذه لن تؤذيك، لأنّي أنا معك، وأقفل أفواه الوحوش، وأكون سوراً ناريّاً حولك.
لقد انفضّ الإخوة مِن حول بولس، ولم يرافقه صديق ما مِن آسيا أو أوروبا إلى السجن، ولم يظهر يعقوب مع مؤمني اليهود الألوف، لنجدته أو التوسّط له أو التعزية كأنّه بخار متبدّد. إلاّ أنَّ المسيح بشخصه كان معه، فهو كان تعزيته وبرّه وقوّته ورجاءه. أيّها الأخ ليس لك رجاء في الدنيا والآخرة، إلاّ حضور المسيح، كما كتب بولس آنذاك "المسيح فيكم رجاء المجد". فهذا اليقين في قوّة الرّوح القدس، يَثْبُتُ حتَّى في الموت والعذاب، فلا يستطيع غسل الأدمغة أن يمحو هذا اليقين.
أعلن المسيح لبولس ما أعدّه له منذ الأزل، أن يكلّل خدمته بإرساله إلى روما عاصمة الكون آنذاك، فبالوصول إلى هذا الهدف، حقَّق موكب انتصار المسيح غايته. وفي أكبر هزيمة، وفي ليلة اليأس، أعطاه المسيح أمراً بالنهضة الجديدة ليكمل الجزء الأخير مِن سفراته التبشيريّة. وهذه الحركة هي الشِّعار السِّرِّي في سِفر أَعمال الرُّسُل: مِن أورشليم إلى روما. فوقف بولس كمتسابق في بداية الرحلة الأخيرة للإنطلاق. ولكن ربّه شاء ألاّ ينتقل في هذه المرحلة حرّاً فائزاً، بل أسيراً مقيّداً، ولكنّه في صميمه حُرٌّ حرّيةً مسيحيّة حقّة، عالماً أنّه ما من شيءٍ يحدث له إلاّ ما رتبّه المسيح له. وهكذا سمَّى نفسه مِن الآن فصاعداً أسيرَ المسيح، وبهذه الكيفية في السلاسل والأغلال، انطلق إلى روما ليربح العاصمة لربّه.