Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
23:6وَلَمَّا عَلِمَ بُولُسُ أَنَّ قِسْماً مِنْهُمْ صَدُّوقِيُّونَ وَالآخَرَ فَرِّيسِيُّونَ، صَرَخَ فِي الْمَجْمَعِ:"أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، أَنَا فَرِّيسِيٌّ ابْنُ فَرِّيسِيٍّ عَلَى رَجَاءِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ"7وَلَمَّا قَالَ هذَا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ، وَانْشَقَّتِ الْجَمَاعَةُ،8لأَنَّ الصَّدُّوقِيِّينَ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَيْسَ قِيَامَةٌ وَلا مَلاكٌ وَلا رُوحٌ، وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَيُقِرُّونَ بِكُلِّ ذلِكَ9فَحَدَثَ صِيَاحٌ عَظِيمٌ، وَنَهَضَ كَتَبَةُ قِسْمِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَطَفِقُوا يُخَاصِمُونَ قَائِلِينَ:"لَسْنَا نَجِدُ شَيْئاً رَدِيّاً فِي هذَا الإِنْسَانِ! وَإِنْ كَانَ رُوحٌ أَوْ مَلاكٌ قَدْ كَلَّمَهُ فَلا نُحَارِبَنَّ اللّهَ"10وَلَمَّا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ كَثِيرَةٌ اخْتَشَى الأَمِيرُ أَنْ يَفْسَخُوا بُولُسَ، فَأَمَرَ الْعَسْكَرَ أَنْ يَنْزِلُوا وَيَخْتَطِفُوهُ مِنْ وَسَطِهِمْ وَيَأْتُوا بِهِ إِلَى الْمُعَسْكَرِ.


أدرك الرسول أَنَّ الرُّؤَساء المجتمعين، لم يقصدوا امتحان إنجيله، بل اجتمعوا ليُخضعوه ويحكموا عليه، وقبل ذلك حقد الصَّدُّوقيُّون على المسيحيين، لأنَّ هذا الإِيمان الجديد كان مبنيّاً على قيامة المسيح وحده، ولكن المفكّرين المتفلسفين اعتبروا كلّ الظهورات والرُّؤَى والملائكة والأحلام وقيامة الأموات مزَّيفةً. وكانوا بالحقيقة رجالاً بلا رجاء، عائشين حسب منطقهم ومثلهم العليا، سطحيِّين نظريِّين، ولم يجد بولس بينهم وبين نفسه شيئاً مشتركاً. لقد كانوا أردأ مِن كلّ الوثنيين. أمّا الفريسيون، فكانوا لا يزالون يؤمنون، بجانب حفظهم الناموس (الشريعة)، بكيان الملائكة، وترقّبوا قيامة الأموات أجمعين. فحاول بولس، في الجلسة الأولى أمام المجمع الأعلى، أن يجد قاسماً مشتركاً بينه وبينهم، وأن يخاطبهم من صميم منطقهم، وشهد على نفسه، حتّى وهو رسول، أنّه فَرِّيسيٌّ صميم مِن أرومة فريسيّة، وسمّى أعداءه إخوة، لأنّه وجد بينه وبينهم ارتباطاً بالرَّجاء المشترك في مجيء المسيح، وقيامة الأموات عند ظهوره العتيد. فأبرز بولس هذه الحقيقة الجوهريّة أساساً لإيمانه الخاص، وهدفاً لكلّ الكون، ولم يكلّم المجتمعين عن الصّليب، ولا عن قيامة المسيح مِن القبر، ولا عن انسكاب الرّوح القدس، لأنّ الشيوخَ لم يقدروا أن يستمزجوا هذا كلّه ويفهموه. فربط قوله بهدفهم المعروف، ألا وهو مجيء المسيح المنتظر.
وهذه الشهادة علقت في الرؤوس بسرعة، حتّى ولو كان المسيح الّذي ينتظره بولس هو غير ذاك الّذي ينتظره الفريسيون. لقد علم الجميع أنَّ بولس تكلَّم أمساً في ساحة الهيكل عن ظهور يسوع له، فالفريسيّون كانوا يؤمنون بإمكانية ظهور كهذا، ولم يتجاسروا، كما لم يتجاسر غمالائيل العليم مِن قبل، على معارضة إعلانات إلهيّة مثل هذه، فأصبحوا متردّدين في نفوسهم في تصديق ادعاء بولس وتكذيبه، ورفضوا الحكم عليه، مع العلم أنّهم لم يؤمنوا بيسوع ولكنّهم لم يرفضوا إمكانية كينونته بعد الموت، فهاج الجمع الحاضر في المحكمة، ولم يعد أحد يفهم مِن الآخر.
فقد توصّل بولس في احتجاجه إلى أسس الأديان، وهي الوحي والإلهام والرؤى، وظهر مِن وراء هذا البحث الفساد والانشقاق في المجمع الأعلى اليهودي بنفسه.
عندئذٍ تدخَّل القائدُ الرُّوماني، وأمر بخطف بولس مِن الجمهور الغاضب.لم يَفهم ما هو سبب الشكوى على بولس، ولماذا نَشبت الضَّجة بين الوجوه، فعَمل واجبه كضابط، وخلَّص بولسَ مِن أيدي النوّاب. ولكنّ هؤلاء لم يفهموا الدعوة الأخيرة مِن قبل المسيح للمسؤولين عن كلّ الأمّة، ولم يتوصّل بولس إلى إبراز صميم إيمانه، ولم يذكر اسم يسوع في هذه الجلسة، فالكلّ تورّط في أسئلة تمهيديّة عن الضمير والوحي، ولم يصلوا إلى صميم العقيدة. فخسر زعماء اليهود آخر فرصة للتَّوبة والنِّهايةُ أقبلَتْ عليهم.

الصَّلَاة
أيها الرّبّ يسوع، افتح آذاننا لصوت روحك القدّوس، لنفهم أقوالك، ونغلق قلوبنا على الإيحاءات الغريبة. طهّر ضمائرنا بدمك الثمين، وأرشدنا إلى إطاعة الإِيمان في أعمالٍ صالحةٍ لكي نخدمك وأباك السماوي دائماً.
السُّؤَال
لِم اعتمد بولس على ضميره لا على الشريعة؟ ولم برّره الفريسيون لأجل إيمانه بالمسيح الآتي والقيامة مِن الأموات؟