Commentaries
Arabic
- إنجيل المسيح حسب البشير متى
(عبد المسيح وزملاؤه) - إنجيل المسيح حسب البشير مَرْقُس
(عبد المسيح وزملاؤه) - إنجيل المسيح حسب البشير لوقا
(عبد المسيح وزملاؤه) - إِنْجِيْلُ المَسِيْحِِِ حسبَ البَشير يُوْحَنَّا
(عَبْدُ المَسِيْح وَزُمَلاؤُه) - أعمال الرسل حسب البشير لوقا
(عبد المسيح وزملاؤه) - رِسَالةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُوْمِيَة
(عَبدُ المَسِيْح وزُمَلاؤه) - رسالة بُوْلُس الرَّسُوْل إلى أهْلِ غَلاَطِيَّة
(عَبْدُ المَسِيْح وَزُمَلاؤُه) - رِسالةُ بُولُسَ الرَّسُول إِلَى أَهْلِ كَنِيْسَةِ فِيْلِبِّي
(عبد المَسِيْح وزملاؤه) - رِسالةُ بولس الرَّسول إِلَى الكَنِيْسَةِ في كُوْلُوْسِّيْ
(عبد المسيح وزملاؤه) - رِسَالَةِ بولس الرَّسول إلى العِبْرَانِيِّيْنَ
(عَبد المسِيح وزُملاؤُه) - رِسَالةُ يَعْقُوب
(عَبد المسِيح وزُملاؤُه) - رُؤْيا يوحنا اللاهوتي
(عَبْدُ المَسِيْح وَزُمَلاؤُه)
English
- The Gospel of Christ according to Matthew
(Abd al-Masih and Colleagues) - The Gospel of Christ according to Mark
(Abd al-Masih and Colleagues) - The Gospel of Christ according to Luke
(Abd al-Masih and Colleagues) - The Gospel of Christ according to John
(Abd al-Masih and Colleagues) - Acts of the Apostles
(Abd al-Masih and Colleagues) - Studies in the Letter of Paul to the Romans
(Abd al-Masih and Colleagues)
German
- Die Offenbarung des Johannes
(Abd al-Masih and Colleagues)
مقدمة
أولاً: نشأة ونموّ الكنيسة الأصليّة في أورشليم
(الأصحاح 1 – 7)
(الأصحاح 1 – 7)
1 – افتتاحيّة السِفر وآخر مواعيد المسيح
(1:1 – 8)
(1:1 – 8)
2 – صعود المسيح إلى السّماء
(1: 9- 12)
(1: 9- 12)
3 – النُّخبة الّذين انتظروا انسكاب الرّوح القدس
(1: 13 – 14)
(1: 13 – 14)
4 – اختيار رسول بديل عن يهوذا الخائن
(1: 15 – 26)
(1: 15 – 26)
5 – انسكاب الرُّوح القدس في يوم الخمسين
(2: 1 – 13)
(2: 1 – 13)
6- عظة بطرس في عيد العنصرة
(2: 14 – 36)
(2: 14 – 36)
7 – بنيان النُّفوس بخدمة الرُّسل
(2: 37 – 41)
(2: 37 – 41)
8 – الحياة الرّوحيّة في كنيسة المؤمنين
(2: 42 – 47)
(2: 42 – 47)
9 – شفاء الأعرج
(3: 1-10)
(3: 1-10)
10 – عظة بطرس في الهيكل
(3: 11 – 26 )
(3: 11 – 26 )
11 – سجن بطرس ويوحنّا ووقوفهما للمحاكمة لأوّل مرّة
(4: 1 -22)
(4: 1 -22)
12 – الصّلاة المشتركة في الكنيسة
(4: 23 – 31)
(4: 23 – 31)
13 – الحياة المشتركة بين أعضاء الكنيسة
(4: 32 – 37)
(4: 32 – 37)
14 – موت حنانيّا وسفيرة الكاذبين
(5: 1-11)
(5: 1-11)
15 – النهضة الانتعاشيّة والشّفاءات الكثيرة
(5: 12 – 16)
(5: 12 – 16)
16 – إلقاء الرسل إلى السجن وتحريرهم بملاك
(5: 17-25)
(5: 17-25)
17 – جميع الرسل أمام المجمع الأعلى
(5: 26 – 33)
(5: 26 – 33)
18 – نصيحة غمالائيل وجَلْد الرسل
(5: 34 – 42)
(5: 34 – 42)
19 – تنظيم الكنيسة واختبار الشمامسة السبعة
(6: 1- 7)
(6: 1- 7)
20 – شهادة استفانوس الفعّالة
(6: 8 – 15)
(6: 8 – 15)
21 – خطاب استفانوس للدفاع عن نفسه
(7: 1 – 53)
أ – وصف أيام آباء الإيمان
(7: 1 – 19)
(7: 1 – 53)
أ – وصف أيام آباء الإيمان
(7: 1 – 19)
ب – أيام موسى
(20 – 43)
(20 – 43)
ج – خيمة الاجتماع وإنشاء الهيكل
(7: 44 – 50)
(7: 44 – 50)
د – الشكوى على الشعب العنيد
(7: 51- 53)
(7: 51- 53)
هـ – نظر استفانوس إلى السَّماء المفتوحة ورجمه كأوّل شهيد
(7: 54 – 8:1)
(7: 54 – 8:1)
ثانيّاً – انتشارُ بشرى الخلاص في السّامرة وسوريا وبداية اهتداء الوثنيين
(8: 1- 12)
(8: 1- 12)
1 – الاضطهاد الأوّل لكنيسة المسيح في أورشليم وتشتّت المؤمنين إلى السامرة
(8: 1 – 8)
(8: 1 – 8)
2 – الساحر سيمون وعمل بطرس ويوحنّا في السامرة
(8: 9 – 25)
(8: 9 – 25)
3 – إيمان ومعموديّة الوزير الحبشي
(8: 26 – 40)
(8: 26 – 40)
4 – ظهور المسيح لشاول أمام دمشق
(9: 1 – 5)
(9: 1 – 5)
5 – معموديّة شاول على يد حنانيّا
(9: 6 – 18)
(9: 6 – 18)
6 – تبشير شاول في الشام واضطهاده مِن اليهود
(9: 19 – 25)
(9: 19 – 25)
7 – اللِّقاء الأَوَّل بين بولس والرُّسُل في أورشليم
(9: 26 – 30)
(9: 26 – 30)
8 – عظائم المسيح على يد بطرس
(9: 31 – 43)
(9: 31 – 43)
9 – بداية التَّبشير بين الوثنيين بواسطة اهتداء كرنيليوس الرُّوماني قائد المئة
(10: 1 – 11: 18)
(10: 1 – 11: 18)
10- تأسيس كنيسة انطاكية للمهتدين مِن الأصل الوثني
(11: 19 – 30)
(11: 19 – 30)
11 – اضطهاد الملك أغريبا للكنائس في أورشليم
(12: 1- 6)
(12: 1- 6)
12 – خلاص بطرس على يد الملاك
(12: 7 – 17)
(12: 7 – 17)
13 – غيظ هيرودس ونهايته
(12: 18 – 24)
(12: 18 – 24)
الجزء الثاني أخبار عن التّبشير بين الأمم وتأسيس كنائس مِن أَنطاكية إلى روما بواسطة خِدمة الرَّسول بولس المنطلق بالرّوح القدس
(الأصحاح 13 – 28)
(الأصحاح 13 – 28)
أَوَّلاً: السَّفرة التَّبشيريَّة الأولى
(الأصحاح 13: 1 – 14: 28 )
1 – إِفراز برنابا وشاول للخِدمة
(13: 1 -3)
(الأصحاح 13: 1 – 14: 28 )
1 – إِفراز برنابا وشاول للخِدمة
(13: 1 -3)
2 – التّبشير في جزيرة قبرص
(13: 4 – 12)
(13: 4 – 12)
3 – التبشير في أَنطاكية الأناضول
(13: 13 – 52)
(13: 13 – 52)
4 – تأسيس كنيسة إِيقونية
(14: 1 – 7)
(14: 1 – 7)
5 – تأسيس كنيسة لسترة
(14: 8 – 20)
(14: 8 – 20)
6 – الخدمة في دربة والعودة لتقوية الكنائس المؤسَّسة حديثاً
(14: 21 – 23)
(14: 21 – 23)
7 – الرُّجوع إلى أَنطاكية سوريا وعرض نتائج الخدمة على الإخوة هناك
(14: 24 – 28)
(14: 24 – 28)
ثانياً: المؤتمر الرَّسولي في أورشليم ونتائجه
(15: 1 – 35)
(15: 1 – 35)
ثالثاً: السَفرة التبشيريّة الثانية
(15: 36 – 18: 22)
1 – انفصال بولس عن برنابا
(15: 36 – 41)
(15: 36 – 18: 22)
1 – انفصال بولس عن برنابا
(15: 36 – 41)
2 – تقوية كنائس سوريا والأناضول واختيار تيموثاوس للخدمة
(16: 1 – 5)
(16: 1 – 5)
3 – ممانعة الرّوح القدس للرسل في التوجّه لبعض الأمكنة
(16: 6 – 10)
(16: 6 – 10)
4 – إنشاء كنيسة فيلبي
(16: 11 – 40)
(16: 11 – 40)
5- تأسيس كنيسة تسالونيكي
(17: 1 – 9)
(17: 1 – 9)
6 – تأسيس كنيسة بيرية
(17: 10 – 15)
(17: 10 – 15)
7 – بولس في أثينا
(17: 16 – 34)
(17: 16 – 34)
8 – تأسيس كنيسة كورنثوس
(18: 1-17)
(18: 1-17)
9 – عودة بولس إلى الشرق، أورشليم وأنطاكية
(18:18 – 22)
(18:18 – 22)
رابعاً: السَّفرة التَّبشيريَّة الثَّالثة
(18: 23 – 21: 14)
1 – بولس في الأناضول وأبلوس في أفسس وكورنثوس
(18: 24 – 28)
(18: 23 – 21: 14)
1 – بولس في الأناضول وأبلوس في أفسس وكورنثوس
(18: 24 – 28)
2 – انتعاش روحي في أفسس ومحافظة آسيا الأناضولية
(19: 1 – 20)
(19: 1 – 20)
فَلَمَّا سَمِعُوا اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ
(أعمال الرسل 19: 5)
(أعمال الرسل 19: 5)
3 – الرَّسولُ يُخطِّط لعودته إلى أورشليم وتقدّمه مِن ثمّ إلى رومية
(19: 21 – 22)
(19: 21 – 22)
4 – ثورة صاغة الفضّة في أفسس
(19: 23 – 41)
(19: 23 – 41)
5 – السَّفرة الأخيرة إلى مكدونية واليونان
(20: 1 – 2)
(20: 1 – 2)
6 – المؤامرة لقتل بولس في كورنثوس وأسماء رفقائه في عودته إلى أورشليم
(20: 3 – 5)
(20: 3 – 5)
7 – عظة الليل والعشاء الرّبّاني في ترواس
(20: 6 – 12)
(20: 6 – 12)
8 – مِن ترواس إلى ميلينوس
(20: 13 – 16)
(20: 13 – 16)
9 – العظة الوداعيّة أمام الأساقفة والشيوخ
(20: 17 – 38)
(20: 17 – 38)
10 – الإبحار مِن الأناضول إلى لبنان
(21: 1 – 6)
(21: 1 – 6)
11 – مِن صور إلى قيصرية
(21: 7 – 14)
(21: 7 – 14)
خامساً: سجن بولس في أورشليم وقيصرية
(21: 15 – 26: 32)
1 – الوصول إلى القدس وإخبار الرسول الإخوة عن خدماته
(21: 15 – 20)
(21: 15 – 26: 32)
1 – الوصول إلى القدس وإخبار الرسول الإخوة عن خدماته
(21: 15 – 20)
2 – قبول بولس التطهير حسب الناموس (الشريعة)
(21: 20 – 26)
(21: 20 – 26)
3 – هجوم اليهود على بولس وحفظ عسكر الرومان له
(21: 27 – 40)
(21: 27 – 40)
4 – احتجاج بولس أمام شعبه
(22: 1 – 29)
(22: 1 – 29)
5 – بولس أمامَ المجلس اليهوديِّ الأَعلى
(22: 30 – 23: 10)
(22: 30 – 23: 10)
6 – ظهور المسيح لبولس ليلاً
(23: 11)
(23: 11)
7 – مؤامرة الفدائيين اليهود على بولس
(23: 12 – 22)
(23: 12 – 22)
8 – نقل بولس مِن أورشليم إلى قيصرية
(23:23 – 35)
(23:23 – 35)
9 – الجلسة الأولى مِن المحاكمة في قيصرية
(24: 1 – 23)
(24: 1 – 23)
10 – بولس على انفراد مع الوالي وامرأته
(24:24 – 27)
(24:24 – 27)
11 – الجلسة الثَّانية لمحاكمة بولس أمام الوالي الجديد
(25: 1 – 12)
(25: 1 – 12)
12 – بولس أمام الملك أغريباس الثاني وحاشيته الملكيّة
(25: 13 – 26: 32)
(25: 13 – 26: 32)
سادساً: الإبحار مِن قيصرية إلى روما
(27: 1 – 28: 31)
1 – الانتقال إلى صيدا ثم إلى كريت
(27: 1 – 13)
(27: 1 – 28: 31)
1 – الانتقال إلى صيدا ثم إلى كريت
(27: 1 – 13)
2 – العاصفة البحريّة وانكسار السفينة عند جزيرة مالطة
(27: 14 – 44
(27: 14 – 44
3 – المشْتَى في مالطة
(28: 1 – 10)
(28: 1 – 10)
4- إكمال السفر في الربيع إلى روما
(28: 11 – 14)
(28: 11 – 14)
5 – بداية خدمات بولس في رومية
(28: 15 – 31)
(28: 15 – 31)
وقف بولس أمام نبلاء شعبه وضبّاط القوى الاستعماريّة، بدون عقد نفسيّة أو خجل بضعفه، بل امتلأ برسالته ورفع يده، كأنّه يريد أن يهدّئهم، ودافع عن نفسه بسرور، لأنّ الملك أغريباس الثاني كان يعرف إِلى حَدٍّ ما مستوى وعمق المسائل اليهوديّة الدينيّة، فرجا بولس أن يكون الملك فاهماً المشكلة.
لم يبتدئ بولس احتجاجه بسرد مبادئ وأسئلة وأفكار، بل رسم أمام مستمعيه تاريخ حياته. فالرَّسول كان واقعيّاً روحيّاً، متجنّباً الآراء الفارغة، وضاحكاً على التَّخيُّلات الخدَّاعة، وبنى نفسه على تدخّل الله في تاريخ البشر.
وكان اليهود، الّذين أرادوا أن يعرفوا شيئاً دقيقاً عن ماضي بولس، قد استخبروا أنّه كان فريسيّاً مُتزمِّتاً، ولم يتفلسف بحفظ الشريعة وقتاً طويلاً، بل أَحبَّ الله بكلّ قوّة إرادته وروحه ونفسه وجسده. فالقدُّوس المجيد كان هدفَ تفكيره، وحفظ الناموس (الشريعة) حَرفيّاً، ظهر له أنّه الطريقُ الوحيدُ إليه، وبالإضافة إلى هذا التَّعصُّب الدِّيني، ترقّب بولس مع كلّ الناموسيين (الشريعيين) تَحقُّقَ الوعود الإلهيّة لآباء الإيمان، أنَّ الرَّجاءَ العظيمَ سَيتمُّ قريباً، ويأتي المسيح بحكمه وسلطانه وسلامه إلى الأرض، فلأجل ترقّب المسيح كان بولس واقفاً أمام المحكمة.
وربّما ظهر في هذه اللحظة عُبُوسٌ على محيّا الملك، كأنّما يريد أن يقول لبولس: ليس لأجل الرجاء بمجيء المسيح أنت واقفٌ هنا، بل لاِدِّعائك أنّه قد أتى وصُلب ودُفن وقام. هذا لبّ المشكلة الخطيرة.
وقد قرأ بولس ما كان يجول بخاطر الملك، وقبل أَن ينطق به جاوبه الرسول قائلاً: لم لا تؤمنون إذاً بالله، إنّه قادرٌ أن يقيم الموتى؟ فالسؤال حول المسيح يتمركز دائماً في القبر الفارغ، وفي انتصار الرّبّ على الموت، فآية يونان تبقى حجر عثرة أو أساساً للكنيسة. فبماذا تفكّر أنتَ شخصيّاً؟ هل تعتقد أنّ جسد يسوع قد فسد في القبر، أَم تؤمن أنّ الإنسانَ يسوع عائشٌ في المجد، ومالكٌ مع أبيه وآتٍ إلينا قريباً؟ إنّ هذا الإيمان ليس سهلاً، بل يتمّ بواسطة إنارة الرّوح القدس، وينمو في الّذي يقرأ كلمة الله باستمرار.
وقد أبغض بولس في السابق هذه الرسالة، ورفض بغيظ الفكرة أنَّ يسوعَ الناصري المصلوب المحتقر، هو المسيح وابن الله بالذات، واعتبر بولس هذه العقيدة تجديفاً، وابتدأ باسم المجلس اليهودي اضطهاداً شاملاً ضدّ المسيحيين، وأغلق بيده أبواب السجون على المؤمنين السجناء، واشتكى على القدّيسين الممتلئين بالرّوح القدس أمام المحاكم المحليّة، حتّى قتلوا بالجملة. وخلال الاستنطاق في كلّ مجامع أورشليم وكورة اليهودية، كان يجبر المؤمنين على الارتداد والشهادة الزائفة بأنَّ يسوع ليس هو المسيح، وأنّهم يرفضون ألوهيته. فأصبح شاول (بولس) سبباً للتجديف مِن البسطاء، لأنّ هذا المتفقّه بالتوراة أجبرهم، ضدّ اختبارات ضمائرهم، على رفض الخلاص بيسوع. وحصل شاول على السلطان مِن المجلس الأعلى، أن يسطو أيضاً في المدن الأجنبيّة على هذه البدعة الخطيرة، فيستأصلها مِن جذورها. وقد مرّن نفسه على ممارسة هذا التعدّي بغيرة وبغضة وحمق.
وبعدئذ ها هوذا يسوع يقف في وجه هذا الشاب، ويضربه بنوره الساطع، فيقع عن فرسه مبهوراً. فبهاء ظهور المسيح كان أعظم مِن إشراق أشعة الشّمس، وضياؤُهُ أسدّ لمعاناً مِن وميض البرق. فاحترق صميم فؤاد بولس وتزعزع قلبه، وظنّ بارتعاب أنّ دينونة الله حلّت عليه وعلى العالم كلّه فجأةً.
إنّ البشير لوقا ذكر هذه القصّة عن لقاء المسيح لبولس، على مشارف دمشق ثلاث مرّات في سفره (الأصحاحات 9 و22 و26)، لكي ندرك أنّ هذا الاختبار هو محور وسرّ كتاب أعمال الرسل، والدافع الحقّ في إنجيله.
والرّبّ المجيد لم يهلك شاول، قاتل قدّيسيه، حسب العدل والحقّ، بل أعلن له في رحمته، أنّه رغم غيرته المتعصّبة لله، فهو عدوّه وضِدٌّ للمسيح، وباطلاً يضطهد المسيحيين، لأنّهم واحد مع ربّهم إلى الأبد. فظنّ بولس في طموحه أنّه كان يُرضي الله، إن هو عذّب المسيحيين وأهلكهم. أمَّا الآن فكشف المسيح له أنّه ليس هو، بل المضطهَدون هم الّذين يُرضون الله، ولكنّ شاول كان عبد الشرّير نابعاً عن البغضة والتجديف والقتل والأحقاد.
في هذه اللحظة انكسر في بولس كلّ كبرياء وشبه كبرياء، وذاب اعتقادُه ببِرِِّهِ الشَّريعي، فأبغضَ نفسَه واستحيا مِن ذاته، وشعر في الوقت نفسه، في صميم قلبه، أنّ الرّبّ العظيم لم يهلكه، بل يحبّه؛ فتجاسر مؤمِناً، وسأله عنِ اسمه طالباً إعلان شخصيته له، ملتمساً نعمة المعرفة، مترقِّباً جواباً مِنَ السَّماء، عالماً أنّه في ذاته مجرمٌ قاتلٌ عدوُّ الله.
ولم يرفض يسوع الطَّالِبَ، بل كلَّمه بلغةٍ واضحةٍ كأنَّهُ يقول: إنّي أَنا يسوع، وأنت متفكّرٌ أنّي مَصلوبٌ ميتٌ فاسدٌ ومتفتِّتٌ، لا أنا حيٌّ مجيد، وواحدٌ معَ الله يا شاول يا مسكين، لقد فكّرت أن الصّليب كان عقوبتي. لا ثمّ لا، فأنا قد مت لأجلك واحتملت عقوبة البشر جميعاً، أنا البارّ بذلت نفسي لأجلكم أنتم الظالمين. أنا بريءٌ أمّا أنتَ فهالكٌ. فتُب عاجلاً وارجع إليَّ، وغيِّر أفكارَكَ لأنّي ها أنذا حَيٌّ وكياني هو حَجرُ الزَّاوية، فإِمَّا أن تبني نفسك عليّ، أو تنسحق بواسطتي.
أيّها الأخ العزيز، هل أدركتَ يسوعَ حقّاً؟ هل رأيتَه أمامَك حيّاً؟ هل سلّمتَ له حياتك نِهائيّاً؟ هل تَعيشُ في انسجامٍ مع روح الله؟ لا تنسَ أنَّ المسيحَ المنتصرَ حيٌّ كائنٌ وحاضرٌ في كلّ حينٍ ومكان، ويضم كُلَّ مؤمنٍ في موكبِ نُصْرَتِه.