Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
سادساً: الإبحار مِن قيصرية إلى روما
(27: 1 - 28: 31)

1 - الانتقال إلى صيدا ثم إلى كريت
(27: 1 - 13)
27:1فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الرَّأْيُ أَنْ نُسَافِرَ فِي الْبَحْرِ إِلَى إِيطَالِيَا، سَلَّمُوا بُولُسَ وَأَسْرَى آخَرِينَ إِلَى قَائِدِ مِئَةٍ مِنْ كَتِيبَةِ أُوغُسْطُسَ اسْمُهُ يُولِيُوسُ2فَصَعِدْنَا إِلَى سَفِينَةٍ أَدْرَامِيتِينِيَّةٍ، وَأَقْلَعْنَا مُزْمِعِينَ أَنْ نُسَافِرَ مَارِّينَ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي فِي أَسِيَّا وَكَانَ مَعَنَا أَرِسْتَرْخُسُ، رَجُلٌ مَكِدُونِيٌّ مِنْ تَسَالُونِيكِي3وَفِي الْيَوْمِ الآخَرِ أَقْبَلْنَا إِلَى صَيْدَاءَ، فَعَامَلَ يُولِيُوسُ بُولُسَ بِالرِّفْقِ، وَأَذِنَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أَصْدِقَائِهِ لِيَحْصُلَ عَلَى عِنَايَةٍ مِنْهُمْ4ثُمَّ أَقْلَعْنَا مِنْ هُنَاكَ وَسَافَرْنَا فِي الْبَحْرِ مِنْ تَحْتِ قُبْرُسَ، لأَنَّ الرِّيَاحَ كَانَتْ مُضَادَّةً5وَبَعْدَ مَا عَبَرْنَا الْبَحْرَ الَّذِي بِجَانِبِ كِيلِيكِيَّةَ وَبَمْفِيلِيَّةَ، نَزَلْنَا إِلَى مِيرَا لِيكِيَّةَ6فَإِذْ وَجَدَ قَائِدُ الْمِئَةِ هُنَاكَ سَفِينَةً إِسْكَنْدَرِيَّةً مُسَافِرَةً إِلَى إِيطَالِيَا أَدْخَلَنَا فِيهَا7وَلَمَّا كُنَّا نُسَافِرُ رُوَيْداً أَيَّاماً كَثِيرَةً، وَبِالْجَهْدِ صِرْنَا بِقُرْبِ كِنِيدُسَ، وَلَمْ تُمَكِّنَّا الرِّيحُ أَكْثَرَ، سَافَرْنَا مِنْ تَحْتِ كِرِيتَ بِقُرْبِ سَلْمُونِي8وَلَمَّا تَجَاوَزْنَاهَا بِالْجَهْدِ، جِئْنَا إِلَى مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ "الْمَوَانِي الْحَسَنَةُ" الَّتِي بِقُرْبِهَا مَدِينَةُ لَسَائِيَةَ9وَلَمَّا مَضَى زَمَانٌ طَوِيلٌ، وَصَارَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ خَطِراً، إِذْ كَانَ الصَّوْمُ أَيْضاً قَدْ مَضَى، جَعَلَ بُولُسُ يُنْذِرُهُمْ10قَائِلاً: "أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَنَا أَرَى أَنَّ هذَا السَّفَرَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بِضَرَرٍ وَخَسَارَةٍ كَثِيرَةٍ، لَيْسَ لِلشَّحْنِ وَالسَّفِينَةِ فَقَطْ، بَلْ لأَنْفُسِنَا أَيْضاً"11وَلكِنْ كَانَ قَائِدُ الْمِئَةِ يَنْقَادُ إِلَى رُبَّانِ السَّفِينَةِ وَإِلَى صَاحِبِهَا أَكْثَرَ مِمَّا إِلَى قَوْلِ بُولُسَ.12وَلأَنَّ مَوْقِعَ الْمِينَا لَمْ يَكُنْ صَالِحاً لِلْمَشْتَى، اسْتَقَرَّ رَأْيُ أَكْثَرِهِمْ أَنْ يُقْلِعُوا مِنْ هُنَاكَ أَيْضاً، عَسَى أَنْ يُمْكِنَهُمُ الإِقْبَالُ إِلَى فِينِكْسَ لِيَشْتُوا فِيهَا، وَهِيَ مِينَا فِي كِرِيتَ تَنْظُرُ نَحْوَ الْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ الْغَرْبِيَّيْنِ13فَلَمَّا نَسَّمَتْ رِيحٌ جَنُوبٌ، ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ مَلَكُوا مَقْصَدَهُمْ، فَرَفَعُوا الْمِرْسَاةَ وَطَفِقُوا يَتَجَاوَزُونَ كِرِيتَ عَلَى أَكْثَرِ قُرْبٍ.


مَضَى على بولس سنتان طويلتان وهو في السجن، وقد ملأهما بالصلوات والهدوء والتأمّلات والرسائل، والتكلّم المباشر مع أفراد. وأخيراً أرسل الوالي بولسَ إلى روما. ولم يتمّ هذا الإبحار في باخرة فخمة، إنّما أُرسل الرسول كأسيرٍ مع مقيَّدين آخرين، ما كانوا على الأغلب رومانيين، بل أَسرى مبعوثين إلى روما، ليُلقَوا إلى السيرك، حيث عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم أمام الأسود الجائعة، وإلاّ التهمتهم الوحوش.
ولم يكن بولس منفرداً، بل رافقه لوقا الطبيب وأرسترخس الوفي، ومِن الآن فصاعداً، نقرأ مرّة أخرى في أعمال الرسل الأخبار بصيغة الجمع "نحن". فلم تنته شركة القدّيسين عند الآلام والضيقات، بل تأصّلت أكثر، وثبتت في أخطار الموت. وقد جمع لوقا خلال السنتين مِن سجن بولس تفاصيل إنجيله، وسِفر أعمال الرسل مِن شهود العيان، ونسخ نصوصاً مِن كلمات المسيح المجموعة، وحمل هذا الكنز الفريد الثَّمين معه في السفر الخطر الطويل، ولم يذكر نفسه بأخباره ولا بكلمته ولا في إنجيله المُخبَّأ في محفظة، لكي لا يتسرّب الماء إليه، فنرى بهذه السفرة تعزية أنّ رجالاً ثلاثة اجتمعوا في شركة المحبّة، غالبين بصلواتهم كلّ العراقيل، الّّتي تعوقهم عن الاستمرار نحو رومية.
فاتجهوا بحراً إلى صيداء، حيث كان يعيش فريق مِن المؤمنين، فأَذِنَ الضابطُ والإنسانيُّ يوليوس لبولس أن ينزل إلى الشاطئ واثقاً به، إذ عرفه مِن سجنه في قيصرية. والأغلب أنّ بولس في هذا الوقت كان مقيّداً يداً بيد، مع جندي حسب النظام الروماني، ولكن ما كانت السلسلة لتمنع بولس مِن التبشير بالإنجيل الكامل.
وبعد إقلاعهم صوب الأناضول، ابتدأت الرياح تهبّ ضدّ اتجاه السفينة، وبما أنّ الشراع كان ثابتاً غير منتقل، فلم تستطع السفينة التقدّم ضدّ الريح، بل اضطروا للتجديف مع التيّار رغم انقفال الشراع والتفافه، فأبحروا في حماية الجبال القبرصية بدون ريح إلى الغرب نحو روما البعيدة، وأخيراً وصلوا إلى ميراليكيّة الأناضوليّة، حيث وجدوا سفينة شراعية كبيرة شاحنة القمح إلى روما، فنقل الأسرى عليها. وهكذا اكتملت على ظهر هذه السفينة الشحنة المعتادة، لأنّ العاصمة كانت تتطلّب خبزاً وألعاباً، أي غذاء رخيصاً مِن المستعمرات وعبيداً لاعبين في السيرك، حيث تسفك دماؤهم أنهراً، وبهذه الطريقة أرضى القياصرة الغوغاء الكسالى في روما، لكي يساندوا حكمهم. وحتّى اليوم نجد المبادئ نفسها في بعض الدول، الخبز الكثير للغوغاء والألعاب العجيبة للتغلّب على الملل.
وكانت الرياح مضادة لسفرة بولس الأخيرة على طول الخط، كأنّ أرواح الشرّ كانت تمانع تَقدُّمَ الإنجيل إلى رومية، وبغضة جهنّم استعدّت للسطو على بولس ورفقائه، وشعر الرسول بتألب الظلمة على نفسه، وتنبأ بالضيق المقبل، وحذّر الضابط والربّان وصاحب السفينة مِن إكمال السفر، لمّا وصلوا إلى ميناء بسيط على جزيرة كريت، واسمه على غير حقيقته (الميناء الصالح). وحقّاً فإنّ المسؤولين استغنوا عن خُطَّتهم للإبحار إلى رومية وسط العواصف الشَّتويّة، ولكنهم أرادوا أن يُشَتُّوا في بلدة يتمتّعون فيها، وليس في قرية جدباء، فأبحروا عند أوّل هبوب للريح الّذي بان كأنّه صالح، ولكنّه كان كطعم مِن الشرّير ليجذبهم إلى قاعه، ليخرّب السفينة ومَن عليها برياح أرواحه. لا يريد إبليس منعَ الإنجيل فقط، بل محوه وإبادة رسل المسيح أيضاً بدون رحمة.

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ الحنون، ساعدنا لنصغي دائماً إلى صوتك، لكيلا نهلك أنفسنا وَأَنفُسَ أصدقائنا. علّمنا أن نطيع صوتك، ونثبت في حمايتك.
السُّؤَال
مَن هم رجال الله الثلاثة المجتمعون في هذه السفرة إلى روما؟