Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
4:8حِينَئِذٍ امْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَقَالَ لَهُمْ:"يَا رُؤَسَاءَ الشَّعْبِ وَشُيُوخَ إِسْرَائِيلَ،9إِنْ كُنَّا نُفْحَصُ الْيَوْمَ عَنْ إِحْسَانٍ إِلَى إِنْسَانٍ سَقِيمٍ، بِمَاذَا شُفِيَ هذَا،10فَلْيَكُنْ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ، أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللّهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِذَاكَ وَقَفَ هذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحاً11هذَا هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبَنَّاؤُونَ، الَّذِي صَارَ رَأْسَ الّزَاوِيَةِ.


قبل أسابيع قليلة مِن هذه الحادثة، أنكر بطرس يسوع ثلاث مرّات خوفاً على حياته ولعن نفسه إِنْ كان قد سمع هذا الاسم. أمّا الآن فامتلأ مِن الرّوح القدس، وتمّ فيه الوعد القائل: لا تهتمّوا بما تقولون إذا قادوكم لمجامعهم ومحاكمهم، لأنّ في تلك الساعة يملأ الرّوح القدس أفواهكم، ويضع الكلمات الصَّحيحة على ألسنتكم، فلستم أنتم الّذين تتكلّمون، بل الرّبّ نفسه، وليس أحد يستطيع أن يقاوم حكمته وقوّته العاملة فيكم.
فوقف الرسولان كشاهدي المسيح أمام زعماء الأمّة اليهوديّة ولم يتكلّما بسخرية، بل بكلّ تواضع مع المسؤولين أمام الله عن قيادة الشعب، وأكرماهم كشيوخ منحهم الله حكمة وصبراً وفضائل.
ورغم هذا قاد الرّوح القدس بطرس أوَّلاً ليقول لهم، إنّه لمِن المستغرب جداً أن يسجنوهما ويفحصوهما لأجل إحسان لمريض مزمن بشفائه، وقد اعتبر القبض عليهما وإبقاءهما في السجن طوال الليل ظلماً.
ولكنّ التلميذين لم يتأثّرا كثيرا بالظّلم الواقع عليهما، ولم يتكلّما كثيراً عن الشفاء والقوّة الصادرة مِن كلماتهما الخاصّة، بل تقدّم بطرس وانتقل مباشرةً إلى لبّ الشكوى، وأعلن جهاراً انتصار الله في يسوع المسيح. لم يتكلّم خائفاً أو بأساليب بليغة، بل كلّم الزعماء وكلّ الشعب باللّغة العاميّة، مدركاً أهمية السَّاعة، إِنَّ الرّبّ أهَّله ليدعو رؤساء أمته للإيمان بالمسيح. ولم يُبقِ بطرس مجالاً للشكّ فيمَن هو المسيح؛ فما هو برجلٍ ماضٍ ومُنتهٍ في السَّابق، ولا هو آتٍ في المستقبل البعيد؛ بل صرّح بكلّ وضوح أن المسيح هو يسوع، الشَّاب الناصري الّذي سلّمه رؤساء الأمّة للصلب. ولم يداهنهم بطرس بل سمّاهم قتلة، وأكثر مِن ذلك أعداء الله، لأنّهم صلبوا مسيح الرّبّ شخصيّاً. ما أروع هذه الصورة! فليس الصَّيادان هما المشتكى عليهما، بل هما اشتكيا على قتلة ابن الله علناً، وأوضحا لهم أنَّ الحكماء المحترمين قد أخطأوا هدف تاريخ العهد القديم خطأً شنيعاً، وكسروا العهد بين الله وشعبهم بقتل المسيح الموعود منذ ألوف السنين.
فكان بطرس المدَّعي العام باسم الله، وألصق تهمة التَّعدّي ضِدّ الله بالحكّام، لقد برهن بطرس أنّ اليهود لم يخطئوا تُجاه يسوع فقط، بل ضدّ الله مباشرة، لأنّ القدّوس ليس معهم بل مع يسوع، وهو الّذي أقامه مِن بين الأموات. هكذا دان الصيادان رؤساء الكهنة وقدّسا المسيح، فطعنا بالتَّقوى الكاذبة والتخيلات بالوظائف والتعجرف في الأبّهة، ووضّحا أنّ الله لا يهتمُّ بمراكز العهد القديم، بل يتجاوزها، ويفوّض المؤمنين مِن الشعب البسيط الّذي تبع فتاه يسوع.
إنّه لسرّ كبير مستتر في اسم يسوع. جهنّم تخاف هذا اللقب كأشد سمّ! بينما السماوات تمتلئ بالحمد لهذا الاسم بلا انقطاع، والرّوح القدس يمجّد مخلّص العالم، والله نفسه أجلسه عن يمينه، فالمسيح يملك معه في سلطان الرّوح القدس إلهاً واحداً إلى الأبد. واليوم يعمل عجائب أكثر ممَّا عمل في حياته لمّا كان على الأرض، لأنّه يعمل بواسطة آلاف مِن خدّامه، ويتجدّد ملايين مِن المؤمنين به بواسطة الرّوح القدس. فالمسيح الحيُّ هو عاملٌ ومخلِّصٌ ومنتصرٌ، ومَن يؤمن به يشترك في مقدرته. وفي مثل حجر الزَّاوية وضّح بطرس للرُّؤساء أنّ يسوع هو أساس وقوّة وتاج بناية فخمة ضخمة، هي هيكل الله الرّوحي المرتفع اليوم في كلّ بلدان العالم، لأنّ مَن يؤمن بالمسيح يبني في هيكله. والمسيح يشبه رأس الجسد الرّوحي الّذي يدير ويحرّك كلّ أعضائه العاملين. فجسد المسيح الرّوحي هو سرّ عصرنا، ونتيجة انتصاره على الصّليب. فهل أنت مبنيٌّ وثابتٌ في المسيح أَمْ أنت ترفضه كرؤساء اليهود الّذين لم يدركوا عظمة متانة محبّة الله في المسيح؟

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ يسوع المسيح، أنت المخلّص العامل اليوم بين الشّعوب، والمنجّي ألوف المؤمنين، والباني كنيسَتك بواسطة روحك القدّوس. ساعدنا لنكون مخلِصين لك، ولا نرفض جذب روحك، ليكتمل هيكلك الرّوحيّ، وأنت رأسه العتيد.
السُّؤَال
22- ما هو معنى خطاب بطرس أمام رؤساء الكهنة؟