Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
7:30وَلَمَّا كَمِلَتْ أَرْبَعُونَ سَنَةً ظَهَرَ لَهُ مَلاكُ الرَّبِّ فِي بَرِّيَّةِ جَبَلِ سِينَاءَ فِي لَهِيبِ نَارِ عُلَّيْقَةٍ31فَلَمَّا رَأَى مُوسَى ذلِكَ تَعَجَّبَ مِنَ الْمَنْظَرِ وَفِيمَا هُوَ يَتَقَدَّمُ لِيَتَطَلَّعَ، صَارَ إِلَيْهِ صَوْتُ الرَّبِّ:32أَنَا إِلهُ آبَائِكَ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ فَارْتَعَدَ مُوسَى وَلَمْ يَجْسُرْ أَنْ يَتَطَلَّعَ33فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: اخْلَعْ نَعْلَ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ34إِنِّي رَأَيْتُ مَشَقَّةَ شَعْبِي الَّذِينَ فِي مِصْرَ، وَسَمِعْتُ أَنِينَهُمْ وَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ ،فَهَلُمَّ الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَى مِصْرَ.


عاش موسى في بيت عمّه يثرون - والد زوجته - الّذي كان كاهناً لله حنيفاً، والّذي حصل خارج العهد القديم على إعلانات روحيّة وكان أميناً للعلي، وموسى رغم ثقافته المصريّة لم يلحد بالله، ولم يكفر رغم ارتكابه جريمة القتل، بل كان قلبه مفعماً بالاشتياق للانسجام مع الواحد الّذي خلق السماوات والأرض. والانفراد في البراري يقود الفرد إلى قرب الله، تصوّر: أربعين سنة في الهدوء وهذا معناه مئات ألوف الساعات وحده مع الخراف في الرّيح والشَّمس، في الخطر ومناجاة القلب لله.
وفجأة ظهر القدّوس الأزلي لموسى، وأعلن نفسه في نار العلّيقة فأحد ملائكته مِن حملة العرش أوجد بمجده النار، فاقترب الراعي متعجّباً مِن العلّيقة الملتهبة، الّّتي لم تكن تحترق رغم النار، وسمع فجأة صوتاً واضحاً، بدون أن يرى شخصاً. إنّ إلهنا يتكلّم بكلمات بشريّة مفهومة، وأبونا السماوي ليس شبحاً أو روحاً هائماً، بل هو شخص ذاتي، متكلّم ب "الأنا"، ويخاطبنا:"أنت" فينزل إلى حضيضنا ويمنحنا فهم أفكاره، إنّ إلهنا محبّة.
وقد أعلن الله نفسه لموسى، كإله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب، لأنّه ارتبط بآباء الإيمان إلى الأبد، فهذا الإله هو أمين، لا يتغيّر البتّة.
وابتدأ موسى يرتعب ويرتجف، لما سمع في البرّيّة الصوت مِن النار ولم يجرؤ على النظر إلى أشعة قداسة الرّبّ، بل بقي خاشعاً بعيداً عنها، ولم يجرؤ أن يتقدّم إليها، وأعطى الله موسى علامة لجلالة قداسته، قائلاً: اخلع نعليك، لأنّ الموضع الّذي تقف عليه في البرّيّة، هو موضع مقدس ،فكل شبر مِن الأرض الّّتي داسها المسيح، أو حيث ينطلق حاملو الرّوح القدس اليوم، هي أرض مقدّسة. إِنَّ القدّوس غير منفصل عن الخطاة، رغم انفصاله عن كلّ خطيئة، ومحبته ملفوفة بعباءة قداسته، لكيلا نحترق نحن النَّجسين بنار مجده.
فتقدّس موسى بصوت الله القريب، وانتعش قلبه وروحه، وابتدأ يفكّر بطرق الرّوح القدس، ولولاه لذاب في قرب الرّبّ.
وقال الله لموسى إنّه قد سمع صلوات العبيد، لأنّ ربّ السّماء والأرض يحبّ الصغار المحتقرين، ويستعدّ لخلاصهم وبركتهم؛ فكلّ أنين قلبي مستقيم هو صلاة حقّة يستجيبها الله، وكلّ كلمة مِن قلبك، موجّهة إلى العلي، تصله حقّاً. فالله يعرف صوتك، ويشعر بشوقك الحنيف.
وقد نزل القادر على كلّ شيء إلى كرتنا الأرضيّة الصغيرة، ليحرّر العبيد المسخّرين فلم يرسل جيش الملائكة، ولم يهزّ الأرض، ولا ألقى صواعق، بل اختار عجوزاً عمره ثمانون سنة كان يرعى غنمه في البرّيّة، ليحرّر بضعفه شعب العهد. فخلاص الله لا يتمّ بقوّة وقدرة، بل بإرشاد روحه وحده. وطلب الله مِن موسى إطاعته وقبول دعوته، ليصبح مبشّراً ببشرى الخلاص لأمّته.

السُّؤَال
5 - ماذا يعني إعلان الله عن ذاته إلى راعٍ عمره 80 سنة في البرّيّة؟