Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
6 - تبشير شاول في الشام واضطهاده مِن اليهود
(9: 19 - 25)
وَكَانَ شَاوُلُ مَعَ التَّلامِيذِ الَّذِينَ فِي دِمَشْقَ أَيَّاماً 20وَلِلْوَقْتِ جَعَلَ يَكْرِزُ فِي الْمَجَامِعِ بِالْمَسِيحِ "أَنْ هذَا هُوَ ابْنُ اللّهِ"21فَبُهِتَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ وَقَالُوا:"أَلَيْسَ هذَا هُوَ الَّذِي أَهْلَكَ فِي أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِهذَا الاسْمِ، وَقَدْ جَاءَ إِلَى هُنَا: لِيَسُوقَهُمْ مُوثَقِينَ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ؟"22وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَزْدَادُ قُّوَةً، وَيُحَيِّرُ الْيَهُودَ السَّاكِنِينَ فِي دِمَشْقَ مُحَقِّقاً "أَنَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ"23وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ تَشَاوَرَ الْيَهُودُ لِيَقْتُلُوهُ،24فَعَلِمَ شَاوُلُ بِمَكِيدَتِهِمْ وَكَانُوا يُرَاقِبُونَ الأَبْوَابَ أَيْضاً نَهَاراً وَلَيْلاً لِيَقْتُلُوهُ25فَأَخَذَهُ التَّلامِيذُ لَيْلاً وَأَنْزَلُوهُ مِنَ السُّورِ مُدَلِّينَ إِيَّاهُ فِي سَلٍّ.


حيثما يعمّ الرّوح القدس، تملك المحبّة في الكنيسة، ويجري التبشير بين الّذين لا يعرفون الرّبّ يسوع، فقد اشترك شاول أَياماً في حياة الكنيسة، مع التعمّق في الأسفار المقدّسة والشكر لله، فظهرت له بصيرة العهد الجديد في النبوّات القديمة جليّاً.
ولم يقدر شاول أن يخبّئ كنز اختباراته مِن التقائه بالمسيح، وكان معروفاً في كنيس اليهود كسفير المجلس الأعلى في أورشليم. فتقدّم وسط الكنيس وبشّر بيسوع علانيّة. ولم يكتف، كما عمل الرسل في أول تبشيرهم، بأن يُبيِّن النَّاصري كرجل الله أو نبيّاً عظيماً أو المسيح الموعود، بل قد رأى شاول مجد يسوع، فشهد له أنّه إله حق مِن إله حق، مولود غير مخلوق، ذو جوهر واحد مع الآب وهذه الشهادة سبّبت ثورة روحيّة وطعنت في إيمان اليهود الجامد بوحدانيّة الله، لأنّ كلّ لفظة أنّ لله ابناً، تحسب عند اليهود تجديفاً وكفراً.
أمّا شاول فشهد، مِن أوّل يوم، بتبشيره عن حقيقة الثالوث الأقدس، لأنّه قد سمع صوت يسوع، وعاين مجده، وأدرك أنّ الإنسان يسوع هو ابن الله نفسه ولم يشكّ ثانية في هذه الحقيقة، ونادى بها ضدّ كل تقاليد وتفاسير وعقائد أخرى. وصرّح بولس أَنَّ أُبَّوة الله ليست فكراً غريباً، بل هكذا هو الله وهكذا فقط، ولا يوجد إلهٌ آخر إلاّ الآب والابن والرّوح القدس. فالإيمان الميت بالوحدانيّة المجردة هو تخيُّلٌ غريبٌ، بدون عصارة حياة أو قوّة، وإلهنا محبّة، وهو يحقّق محبَّته في الشركة بين الآب والابن والرّوح القدس الإله الواحد، فمَن يرفض الابن لا يعرف الله، ومَن لا يؤمن بالآب السماوي لم يحصل على الرّوح القدس بعد.
وبرهن شاول، الفقيه المثقّف والممتلئ بالرّوح القدس، لليهود العصاة الناقدين، أنّ يسوع الناصري هو المسيح الحقّ، وأنّ كلّ اليهود خطاة، لأنّهم قتلوا ابن الله، المرسل إليهم. فلم يباحثهم شاول بأمور ثانويّة، بل تقدّم إلى لبّ القضية. ولم يبشّر بولس بمسيح حبيب، ينعم على كلّ مستمعيه ويباركهم بلا قيد ولا شرط، بل طلب الخضوع للملك المسيح، لأنّ ربّه عارض طريقه بسلطة نوره الساطع، وأراه أنّ برّه الغيور باطل، وأنّ النّعمة وحدها هي أساس حياته.
واليهود في دمشق فزعوا وتحيّروا، لأنّهم رجوا أن يرسل إليهم سفير المجلس الأعلى حليفاً، ليقضوا على الحركة اليسوعيّة النامية في طائفتهم. أمّا الآن فبرهن هذا الفقيه، أنّ يسوع هو المنتصر والرّبّ الحيّ فلم يستطع أحدٌ مِن اليهود المتزمّتين أن يغلبه. وبعد أيام كثيرة، ازداد عدد المؤمنين بالمسيح مِن اليهود، وصاروا تلاميذ لبولس، وتحمسوا بنشاطه فقرّر المسؤولون في الكنيس اليهودي قتل بولس، فاضطرّ للاختفاء، حيث دخل جواسيس اليهود إلى بيوت المؤمنين، كأصدقاء أوفياء، وكان لهم تأثير في رؤساء المدينة، حتّى أنّهم اشتركوا مع حرّاسها في حراسة أبواب المدينة، لكيلا يقدر شاول على الهرب.
وهكذا اختبر الشّاب المؤمن لأوّل مرّة، أنّ لنشر الإنجيل ردّ فعل، القبول والرفض، الشّكر واللعنة، المحبّة والبغضة. فلم يقرّر شاول البقاء في دمشق، قائلاً لنفسه: الآن عليَّ البقاء هنا، مهما كلّف الأمر، وأموت للمسيح شهيداً؛ بل اتّفق مع الإخوة المؤمنين على أن يدلّوه في السلّة مِن السور ليلاً، وقبل أسابيع كان قد جاء إلى دمشق كفارس فخور، والآن صار لاجئاً، عليه أن يغادر مدينة الواحة حالاً. وكما كان قلبه سابقاً بارداً قاسياً وغيوراً للشريعة، صارت الآن محبّته للمسيح في صميم فؤاده ملتهبة، وقوّة الرّوح القدس دفعت رسول الأمم إلى العالم كلّه.

الصَّلَاة
يا ابن الله الحنون، نسجد لك، ونكرِّس لك قلوبنا وأذهاننا. نشكرك لأنّك أعلنت لنا أباك السماوي، ومحوت الذُّنوب، ومَسحتنا بروحك القدّوس. احفظنا في اسمك، وادفعنا للتَّبشير بإنجيلك، ليدرك كثيرون اسمك والآب المُحب.آمين.
السُّؤَال
ماذا تعني العبارة أَنَّ الإِنسان يسوع هو ابن الله الحقّ؟