Skip to content

Commentaries
Arabic
أعمال الرسل
  
9:36وَكَانَ فِي يَافَا تِلْمِيذَةٌ اسْمُهَا طَابِيثَا، الَّذِي تَرْجَمَتُهُ غَزَالَةُ هذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالاً صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا37وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَنَّهَا مَرِضَتْ وَمَاتَتْ، فَغَسَّلُوهَا وَوَضَعُوهَا فِي عِلِّيَّةٍ38وَإِذْ كَانَتْ لُدَّةُ قَرِيبَةً مِنْ يَافَا، وَسَمِعَ التَّلامِيذُ أَنَّ بُطْرُسَ فِيهَا، أَرْسَلُوا رَجُلَيْنِ يَطْلُبَانِ إِلَيْهِ أَنْ لا يَتَوَانَى عَنْ أَنْ يَجْتَازَ إِلَيْهِمْ39فَقَامَ بُطْرُسُ وَجَاءَ مَعَهُمَا فَلَمَّا وَصَلَ صَعِدُوا بِهِ إِلَى الْعِلِّيَّةِ، فَوَقَفَتْ لَدَيْهِ جَمِيعُ الأَرَامِلِ يَبْكِينَ وَيُرِينَ أَقْمِصَةً وَثِيَاباً مِمَّا كَانَتْ تَعْمَلُ غَزَالَةُ وَهِيَ مَعَهُنَّ40فَأَخْرَجَ بُطْرُسُ الْجَمِيعَ خَارِجاً، وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْجَسَدِ وَقَالَ:"يَا طَابِيثَا، قُومِي!" فَفَتَحَتْ عَيْنَيْهَا وَلَمَّا أَبْصَرَتْ بُطْرُسَ جَلَسَتْ،41فَنَاوَلَهَا يَدَهُ وَأَقَامَهَا ثُمَّ نَادَى الْقِدِّيسِينَ وَالأَرَامِلَ وَأَحْضَرَهَا حَيَّةً42فَصَارَ ذلِكَ مَعْلُوماً فِي يَافَا كُلِّهَا، فَآمَنَ كَثِيرُونَ بِالرَّبِّ43وَمَكَثَ أَيَّاماً كَثِيرَةً فِي يَافَا، عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُلٍ دَبَّاغٍ.


أمر يسوع رسله قبل سنين عديدة بالكرازة قائلاً: أكرزوا قائلين قد اقترب ملكوت السماوات. اشفوا مرضى، طهّروا برصاً، أقيموا موتى، أخرجوا شياطين. مجّاناً أخذتم مجّاناً أَعطوا (متّى 10: 7-8) ومنح يسوع رسله السلطان أن يمارسوا هذه الأعمال باسمه، وفي انسجام كامل معه، ففي أعمال الرسل تحقّقت إرادة يسوع والرّوح القدس، أرشدهم لتمجيد الابن وتحقيق مملكة محبته.
وكانت تلميذة في يافا قد ماتت. وهنا نقرأ للمرّة الأولى والوحيدة، في الكتاب المقدّس كلّه، كلمة تلميذة تطلق على إحدى المؤمنات بالمسيح. واسم التلميذة طابيثا الذي معناه بالعربيّة غزالة. وكانت هذه الأخت تتمتّع بالخلق الكريم والوداعة، فلا تسارع بالنميمة بين الجيران، بل تسارع لمساعدة المرضى، فنظَّفت بيوت العجائز، وساعدت في تربية الأولاد عند الأمهات المتعبات، ورحمت الأرامل في الكنيسة، اللواتي عشن في ضيق كبير؛ فضحّت غزالة بكثير مِن ممتلكاتها، وعملت يداها بالتطريز في فراغها، مصلّية أثناء أشغالها اليدويّة، وطالبةً أن يطرّز المسيح اسمه في قلوب أعضاء الكنيسة ليصبحوا معاً بساطاً جميلاً لتمجيد اسمه.
وفجأة ماتت القدّيسة. ولم تكن العادة عندهم أن يوضع المُتوفَّى في العليّة؛ ولكنّهم فضلوا ذلك، حتّى يستطيع النّاس أن يأتوا إليها أفواجاً، ويبكوا ذاكرين محبّتها وتضحيتها. أيّها الأخ إن مُتَّ يوماً، فهل سيبكون عليك، لأجل أعمالك الصالحة المضحيّة؟ أم سيلعنونك، لأنّك عشت أنانيّاً قاسيّاً غير مضحّ.
سمع شيوخ الكنيسة أنّ بطرس، مقدام الرسل، كان قريباً مِن مدينتهم، فطلبوا إليه أن يعزّي الحزانى، ويساعد الحاضرين في مأساتهم، لأنّ الفقيدة انتظرت مثلهم مجيء المسيح الثاني، ورجت لقاءه في أيام حياتها، فكانت الصَّدمة في الكنيسة كبيرة، لأنّ إحدى فاضلات الكنيسة، قد ماتت قبل مجيء المسيح.
وسمع بطرس الدعوة، فمضى تَوّاً ليجتاز حوالي 18 كيلو متر مِن لدّة إلى يافا مصليّاً، ليعزّي الكنيسة. وتذكّر بطرس، وتصوّر كيف دخل الرّبّ يسوع إلى بيت يايرس، حيث كانت النساء يلطمن وجوههنّ، وينتفن شعورهنّ، فولج غرفةَ البنت الميتة، وأحياها حيث طرد كلّ الباكين وأقامها بقوله: يا ابنتي قومي.
وفي جوّ هذه التصوّرات، دخل بطرس إلى بيت غزالة، وقد حزن في قلبه، لمّا سمع صراخ النساء، واستاء مِن سلطة الموت بين المؤمنين الأحياء في المسيح، فأخرج كلّ الباكين مِن الغرفة، وجثا منفرداً وصلّى مؤمناً. فقاد الرّوح القدس دعاءه ليطلب مِن يسوع إقامة التلميذة، ولمّا أيقن بطرس أنّ يسوع سيمجّد في هذه الساعة اسمه، لم يبتدئ بحركات غريبة وتمتمة ساحرة، بل نطق بالكلمات نفسها الّّتي قالها يسوع لبنت يايرس: يا طابيثا قومي.
وللعجب! فإنّه لم يذكر اسم يسوع علناً، لكنّه بالقوّة الإلهيّة أقامها بالكلمات نفسها الّّتي استخدمها الرّبّ سابقاً، ولا شكّ أنّ مقدام الرسل لم يقم الميتة باسمه هو، لأنّه مَا مِنْ إنسانٍ فانٍ يقدر أن يغلب الموت مِن تلقاء نفسه. المسيح وحده انتصر على هذا الشبح المميت، لأنّه قدّوس وثبت بلا خطيئة. فإيمان بطرس في المسيح يسوع جرّد الموت مِن قوّته، وأعاد التلميذة إلى الحياة.
وسمعت المؤمنة صوت يسوع في كلمات الرسول، وفتحت عينيها مدهوشة، وجلست وشمّت الطيب، ورأت الأقمطة حول جسدها، وشاهدت الرجل الغريب في غرفتها، مصليّاً وناظراً إليها؛ فأمسك بطرس بيدها وأجلسها، وأوضح لها أنّ يسوع يريدها أن تخدمه مدّة طويلة، لتصبح في كيانها شهادةً حيَّةً لانتصار المسيح على الموت في كلّ مدن السَّاحل والمناطق حولها.
ولمّا دخلت الجموع صامتة فزعة إلى الغرفة، وقعوا في حيرة وخجل، وبعضهم صلّوا، والآخرون جثوا وسبّحوا المسيح غالب الموت. وانتشر الخبر في المدينة وما حولها وجاء النّاس أفواجاً للدخول في الإيمان، وكسبوا الحياة الأبديّة بثقتهم بيسوع ربّهم. ولكن لم يثبتوا جميعاً في رئيس الحياة، بل إِنّ عدداً وافراً مِنهم هو الّذي انضمّ عمليّاً إلى الكنيسة، وصار عضواً في جسد الله، ولأجل هذه النهضة الإيمانيّة بقي بطرس مدَّةً طويلةً في يافا، يخدم الكنيسة المزدهرة.
وللعجب أنّ بطرس لم ينزل في أفخم بيوتات الطائفة، بل سكن عند دبّاغ محتقر، وبيته ممتلئ برائحة الجلود ووساختها المنتنة، وكان يسكن خارج المدينة حسب القانون آنذاك، حتّى لا يتأذّى النّاس برائحة مهنته. فأقام بطرس عند هذا الرجل المسكين المؤمن، المكتوب اسمه في السماوات.

الصَّلَاة
أيّها الرّبّ القدير، نسجد لك لأجل أعجوبة إقامة الميتة في يافا، ونشكرك لأجل إيمان بطرس الّذي أطاع إرشاد صوتك. علّمنا أن نطيع جذب روحك لكلّ خدمة في اسمك. طهّرنا لنخدمك في قوّتك.
السُّؤَال
كيف حقّق يسوع أمره للتلاميذ بإقامة الموتى؟