Skip to content

Commentaries
Arabic
غلاطية
  
4:16أَفَقَدْ صِرْتُ إِذًا عَدُوًّا لَكُمْ لأَِنِّي أَصْدُقُ لَكُمْ.17يَغَارُونَ لَكُمْ لَيْسَ حَسَنًا بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكُمْ لِكَيْ تَغَارُوا لَهُمْ.18حَسَنَةٌ هِيَ الْغَيْرَةُ فِي الْحُسْنَى كُلَّ حِينٍ وَلَيْسَ حِينَ حُضُورِي عِنْدَكُمْ فَقَطْ.19يَا أَوْلاَدِي الَّذينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ.20وَلَكِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ حَاضِرًا عِنْدَكُمُ الآنَ وَأُغَيِّرَ صَوْتِي لأَِنِّي مُتَحَيِّرٌ فِيكُمْ


لا يستطيع جميع النَّاس احتمال الكلمة الواضحة عن حالتهم السَّيئة، بل يعتبر الكثيرون إعلان الصِّدق تعدِّياً وإهانةً، فينكرون الصَّديق الحقَّ، والزَّوجة المخلصة، والوالدَين الحنونَين، والإِخْوَة في الرُّوح إذا بادروهم بإعلان الحقيقة، ليس انتقاماً، بل بدافع المحبَّة للإرشاد والبنيان. فأصغِ لكلِّ مَن يقول الحقَّ في وجهك، وتحفَّظ مِمَّن يُداهنك رياءً.
أظهر النَّاموسيّون (شريعة موسى) غيرةً على أهل غَلاَطِيَّة، واهتمّوا بأمورهم، وتعبوا فيهم. ولكنَّ بُوْلُس بشَّر بالخلاص الآتي بالنِّعْمَة، فلم يُشجِّع الإنسان على الاتِّكال على ذاته، بل حطَّم ثقته بنفسه، وبنى في المؤمنين الاتِّكال على الله، والعمل بقوَّته السَّرمديَّة. أمَّا المُضِلُّون فأتَوا بالنَّاموس (شريعة موسى) (شريعة موسى)، وشجَّعوا مستمعيهم على الثِّقة بقدراتهم الشَّخصية، وكأنَّهم قادرون على إنشاء خلاصهم بأَعْمَالهم الحسنة، ولا حاجة لهم إلى نعمة الله.
أحدث هذا الظَّن مُسَابَقَة في الصَّلاح البشري، وكأنَّ الواحد أفضل مِن الثَّاني، ويستحقّ التَّصفيق والاعتبار والمدح لأجل جهده وتعبه في حفظ أحكام الوصايا. فالمُضِلُّون لم يقصدوا خلاص مستمعيهم في الدَّرجة الأولى، بل سعَوا للشُّهرة والتَّباهي أمامهم، بينما ظهر بُوْلُس عاملاً خادماً متواضعاً صغيراً، ليكون مثالاً حقيقيّاً لروح المسيح الوديع.
كان بُوْلُس غيوراً على أحبَّائه، على الرَّغم مِن اعتبارهم إيَّاه عدوّاً ورفضهم إيَّاه وهو بعيدٌ عنهم. فظهرَت فيه المحبَّة الأصيلة أشرف مِن محبَّة الأمِّ الَّتي تلد ابنها مرَّةً واحدةً. ولكنَّ الرَّسُوْل عانى آلاماً شديدةً في قلبه، ومخاضاً في نفسه، كأنَّه يلد أحبَّاءه مرَّةً أُخرى للحياة الرُّوْحِيّة الأَبَدِيَّة. فالتَّبشير ليس أمراً حياديّاً عقليّاً، أو لامبالاة فيه، بل إنَّه يقتضي الانتباه الشَّديد، والصَّلاَة المستمرَّة، وتحمُّل الرَّفض بصبرٍ ورجاءٍ. هذه هي الغلبة الَّتي تغلب العالم إيماننا.
كان بُوْلُس أيضاً إنساناً، فشاء ألاَّ يُصلِّي ويكتب مِن بعيدٍ فقط، بل تمنَّى أن يرى أحبَّاءه، ويُحدِّثهم وجهاً لوجه، ويجيب أسئلتهم، ويُرشدهم بلطفٍ، ويؤنِّبهم بمحبَّة.
ولعلَّ عدم قدرته على رؤيتهم قد انعكس خيراً عميماً لنا جميعاً، إذ رأى نفسه مضطرّاً لكتابة رسالته الواضحة هذه لهم لتقرأها الأجيال مِن بعده، ففسَّر فيها مبدأ النِّعْمَة من جميع جوانبه، كي يُدرك الغَلاَطِيُّوْنَ وجميع الأمم طريقة الخلاص، فتكون لنا منها فائدة الثَّبات في المسيح، وليس في النَّاموس (شريعة موسى) الميت.

الصَّلَاة
أيُّها الرَّبّ يسوع، قد تألَّمتَ لأجلنا على الصَّلِيْب، وتعذَّبْتَ بسبب عنادنا واستكبارنا، حتَّى ولدتنا ثانيةً مِن روحك القُدُّوْس. لا تسمح بأن نسعى إلى تقديس ذواتنا بأحكام مميتة، بل ساعِدنا على أن نفتح قلوبنا كلِّياً لأمطار نعمتك، فنختبر ملء قوَّتك في حياة الشُّكر لخلاصك. أعطِنا ألاَّ نهتمَّ بخلاصنا نحن فقط، بل بخلاص الآخرين أيضاً، كما تألَّم بُوْلُس لأجل ولادة الآخرين الرُّوْحِيّة وثباتهم في النِّعْمَة.
السُّؤَال
لماذا تألَّم بُوْلُس لأجل الغَلاَطِيِّيْنَ؟