Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
1- ابن الله يفوق بمجده وسُلطانه جميع المَلاَئِكَة
(عبرانيين 1: 1- 14)
1:1اَللهُ بَعْدَمَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ2كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ


لقد تكلَّم الله! يا لها مِن معجزة عظيمة ونعمة لا مثيل لها. الله أعلن ذاته، وأخبر النَّاس بمسرَّته وطرق مشيئته. فمِن وحيه يحيا البشر. ولو لم يتكلَّم الله، لَمَا وُجِدَ الكون. وإذْ تكلَّم وجدت جميع المخلوقات، النُّور والحياة والذَّرَّة والأفلاك. وأخيراً خلق الإنسانَ على صورته، مرآةً لرسم جوهره. فكانت المخلوقات كلُّها، في جماله وحكمته، شهادةً لقدرة كلمته وجلاله كخالق قدير. فهل تسجد للأزليِّ وتُدرك القوَّة العاملة في كلمته؟ لقد خلق كلَّ شيءٍ بكلمته فقط. فكلمة الله أكبر قوَّةٍ في الدُّنيا والآخرة. احفظ إِنْجِيْلك، واحمله معك ليلاً نهاراً. وإن احترق بيتك، فاترك جميع الكنوز الفانية، وتمسَّك بكلمة الله وحدها.
اختار الله في الماضي إبراهيم وموسى وداود، وأعلن لآباء الإيمان إرادتَه. ونجد فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ أكثر مِن 25 اسماً لأنبياء مشهورين، إضافةً إلى أكثر مِن مائة نبيٍّ غير معروفة أسماؤهم. وكان الرب يُرسل المنذرين مفوَّضين منه إلى شعب العهد، وبخاصَّةٍ في أيَّام الضَّلال، ليردَّهم إليه. فجميع المؤمنين يعيشون مِِن إعلانات مشيئة الله.
فمَن يكون نبيّاً حقيقيّاً؟ إنَّه ليس سوى مَن استنار بالرُّوْح القُدُس، واتَّجه بأفكاره إلى المسيح محور التَّاريخ. فكلّ مَن يُنكر المصلوب ومصدره الإلهي ليس مِن الله، لأنَّ الرُّوْح القُدُس لا يُناقض نفسه في إعلاناته.
وقد أعلن الله وحيَه بطرقٍ متنوِّعةٍ: برؤى، وظهور مَلاَئِكَة، وحضوره هو بنفسه. ومضمون إعلانات روح الله هو وعودٌ، وشرائع، وأدلَّة على مجده القُدُّوْس، ونبوَّاتٌ عن المستقبل. لذلك كان لآباء الإيمان غنىً روحيٌّ كبيرٌ لا نزال نعيش منه حتَّى اليوم. فهل أدركتَ مجد الله، وخطَّة خلاصه، مِن خلال إعلاناته فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ، وسجدتَ له فرِحاً؟
لكنَّ الله لم يُكلِّم البشر مئاتٍ مِن السَّنين بعد ملاخي. فصمت الرُّوْح القُدُس طويلاً، حتَّى انشقَّت السَّموات فجأةً، وصار الكلمة بشراً في يسوع النَّاصري الذي هو كلمة الله المتجسِّد. لقد كان الله يُكلِّم الأنبياء قديماً بكلامٍ مفهومٍ وجملٍ منطقيَّة، ولكنَّه بمجيء يسوع إلى عالمنا كلَّمَنا بشخص ابنه وسيرته وتصرُّفاته وأعماله وأقواله. فكان يسوع المسيح تمام وقمَّة إعلانات الله العديدة عبر القرون. فادرس حياة يسوع لتعرف إلهك ومسرَّته المنعمة عليك.
إنَّ لله الواحد ابناً واحداً. وهذا يدلُّنا أوَّلاً على أنَّه أبٌ حقٌّ ممتلئٌ محبَّةً وجودةً ورحمةً. فالله ليس أنانياً انعزاليّاً، ولا دكتاتوراً متعجرفاً، بل هو لطيفٌ مُحبٌّ ودودٌ؛ وقد تجلَّى بابنه الحبيب المملوء بصفاته وفضائله. واسم "الآب" يحمل في معانيه محبَّة الله القُدُّوْسة الأبويَّة.
والجهة الثانية لهذه الحقيقة المبدئيَّة هي أنَّ الابن ليس مخلوقاً، بل هو مولودٌ مِن الآب قبل جميع الدُّهور، نورٌ مِن نورٍ، إلهٌ حقٌّ مِن إلهٍ حقٍّ، ذو جوهرٍ واحدٍ مع الآبِ. وهذا الابن الأزليُّ تجسَّد لأجلنا نحن البشر، ولأجل خلاصنا. وقد قال المسيح: "اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ"، لأنَّ في الإنسان يسوع سكن ملء اللاهوت جسديّاً. لا شكَّ أنَّ هذه الحقائق تفوق عقولنا؛ ولكنَّ الوحي الصَّحيح لا يتَّضح إلاَّ بالإيمان.
يقول البعض بجهلٍ: "إنْ كان لله ولدٌ، فهذا معناه أنَّ الله قد لمس امرأةً". حاشا وكلاَّ. إنَّ مثل هذا الفكر النَّجس لا يصدر إلاَّ ممَّن لا يعرف الرُّوْح القُدُس. فالعالم لم يَشهد في تاريخه كلِّه أقدس وأطهر مِن ولادة يسوع المسيح التي تمَّت بِوَاسِطَةِ حلول الرُّوْح القُدُس في مريم العذراء.
إنَّ شخص المسيح هو إعلان جوهر الله كاملاً. ففي المسيح جال القُدُّوْس بين البشر مستتراً في هيئة إنسانٍ، فأصبحَت حياته وسلوكه مقياساً لحياتنا، حسب قوله: "كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَِنِّي أَنَا قُدُّوْس". وكلامه يمنحنا القدرة على الإيمان والمحبَّة والرَّجاء.
وتجسُّد المسيح يعني وجود الله في عالَمنا. فالأنبياء جميعاً أخذوا الوحي الإلهيَّ جزئيّاً، أمَّا المسيح فهو الوحي الكامل المتجسِّد النِّهائيّ. ولا نجد إعلاناً أسمى وأفضل لمشيئة الله مِن كلمته المتجسِّدة في شخص يسوع المتواضع، لا قبله ولا بعده. ولذلك ابتدأت بمجيئه نهاية العالم، وأوان القرار، وفصل البشر إلى فريقَين. فمَن يرفض يسوع يرفض الله، ومَن يَقبله يَقبل أباه. إنَّ ابن الله هو المحور في تطوُّر خطَّة الخلاص الإلهيَّة، فهو خبز الحياة، ونور العالم، والباب المؤدِّي إلى الآب. وهو حقُّنا وبِرُّنا وحياتُنا. فمَن لَهُ الاِبْنُ فَلَهُ الآبُ أيضاً، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فلا يَعرف اللهَ البتَّة، بل يمكث عليه الغضب الأبديُّ.

الصَّلَاة
أبانا الذي في السَّماوات، نُعظِّمك لأنَّك أرسلتَ إلينا ابنك الحبيب لِنراكَ فيه. ساعِدنا بروحك القُدُّوْس على أن نُحبَّ ابنك محبَّةً أبديَّةً، ونؤمن به، ونعرفه، ونعمل إرادته على الدَّوام.
السُّؤَال
ما هو الفرق بين الأنبياء كلَّهم وابن الله؟