Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
1:3الَّذِي وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ بَعْدَمَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي


إنَّ معرفتنا السَّامية أنَّ يسوع هو خالق الكون، ومُديم الكائنات، والمتسلِّط على المستقبل، لا تفتح قلوبنا له تماماً، بل تجعلنا ساجدين مسبِّحين بخوفٍ ووقارٍ. ومجده الكبير موشَّحٌ اليوم بقداسته السَّاطعة التي تدين جميع الكائنات. لا يستطيع إنسانٌ احتمال بهاء يسوع؛ ولذلك تجسَّد، وصار بشراً، وستر مجده، ومات على الصَّلِيْب لأجلنا محتقَراً. ففي موته تظهر محبَّة الله التي هي صميم مجده. فالصَّلِيْب هو المفتاح الوحيد لمعرفة جوهر الله.
والإنسان الذي يتعرَّض لأشعَّة الله الحي يشعر بها فوراً. إنَّنا جميعنا أشرار جدّاً، بل وأشرّ مِمَّا نَعلم بكثير. فليتَنا نُبصِر أنفسنا كما يُبصرها الله، ونستر وجوهنا سريعاً خجلين، ونسجد مُصلِّين وضارعين: "اللهمَّ ارحمني أنا الخاطئ". إنَّ الإنسان المسكين هو الذي لا يعرف بعد أنَّه خاطئٌ أثيمٌ. وكثيراً ما لا يرى الأتقياء والمستقيمون نقصهم في محبَّة الله ومجده، فيتكبَّرون ويتقسّون ويَعمون. أمَّا بولس الرَّسول فقد اعترف جهاراً، وكشف حالة الإنسان حين لا يكون ثابتاً في الله بقوله: "إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، شَيْءٌ صَالِحٌ؛ لأَِنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ، بَلِ الشَّرُّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ." هذا ما قاله الرَّسول عن اختباراته، فما هو موقفك أنت؟ هل أنت صالحٌ في ذاتك، أم شرِّير؟ تُب وابكِ خاشعاً، لأنَّ الله في قداسته السَّامية يراك في نجاساتك وفسادك وتخاذلك.
اللهُ محبَّةٌ، وابنه رحمةٌ، وروحه تعزيةٌ. لقد أرسل الآب ابنه ليحمل خطيَّة العالم، ويرفعها على كتفيه ويُنهيها. فالمسيح لم يَخلق العالم فقط، بل يتحمَّل مَسْؤُوْليَّة خلقه أيضاً. وهو لم يدنَّا بغضبه العادل، أو يُبِدْنا في ثورتنا على الله، بل رحمنا، وأوجد لنا فداءً بذبيحة نفسه التي تفوق كلَّ منطقٍ بشريٍّ. فالصَّلِيْب هو إعلان رحمة الله، لأنَّ يسوع أصبح حمله، ومات عوضاً عنَّا في لهيب دينونة القاضي الأزليِّ، وحمل القصاص عن جميع الناس، لكي نتحرَّر ونتبرَّر ونتقدَّس. ودم المسيح يُطهِّرنا تطهيراً نهائيّاً في ضمائرنا تعجز عنه جميع المحاولات الباطلة التي يبذلها علماء النَّفس وجهابذة الفكر الإنساني. ويؤكِّد الرُّوْح القُدُس لنا أنَّ دم المسيح قد طهَّرنا تماماً وكُلِّيّاً. فالمسيح ضَحَّى بذاته لكي يُقدِّس الخُطاة، ويُعيد الخلق الفاسد بأعجوبة دمه وروحه.
أخي العزيز، هل تُحبُّ ابن الله؟ إنَّ كَاتِب الرِّسَالَةِ إلى العِبْرَانِيِّيْنَ يُريد أن يوضح لنا ذبيحة المسيح الفريدة، عمقاً وعرضاً وطولاً وعلوّاً، لنتحرَّر مِن كابوس خطايانا، ونفرح، ونتقدَّس. فالابن المجيد صار إنساناً حقيراً ليَفدينا بتواضعه، كي لا نيأس برؤية مجده، بل نُفدى بِوَاسِطَةِ ذبيحة محبَّته.
لا يقدر أحدٌ أن يشفي سقوط الخليقة غير ابن الله. ولم تكن الذَّبائح الدُّنْيَوِية كلُّها سوى رموزٍ ناقصةٍ للذَّبيحة الإلهيَّة الكاملة. فالمحرَقات كلُّها كانت ناقصةً. وحده المسيح استحقَّ أن يُقدِّم ذاته حَمَلاً لله، لأنَّه وحده ثبت قُدُّوْساً بلا خطيَّةٍ، ولم يسقط في أيِّ تجربةٍ؛ فأكمل الفداء على الصَّلِيْب.
ادرس جلال رئيس الكهنة الإلهي، وتأمَّل كيف قدَّم ذاته ذبيحةً عن العالم، فتهتزّ في أعماقك، وتُسلِّم نفسك له شاكراً، فلا تحيا لنفسك فيما بعد، بل للذي أخلى نفسَه ليُطهِّرك أنت النَّجِس؛ علماً أنَّ الابن القُدُّوْس لم يُكفِّر عن خطاياك فقط، بل أوجد للناس جميعاً، في كلِّ مكانٍ وزمانٍ، تطهيراً أبديّاً. لقد تمَّ الخلاص لجميع البشر. فمَن يؤمن يَحْيَ، ومَن يَقبَل ذبيحة المسيح يتطهَّر إِلَِى الأَبَدِ.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ، حَمَل اللهِ القُدُّوْس، نُحبُّك ونَشْكُرُكَ لأنَّك كفَّرتَ عن خطايانا وخطايا الناس جميعاً، واشتريتَنا لله خاصَّةً. سَاعِدْنَا عَلَى تعظيم ذبيحتك بسلوكنا في محبَّتك، كي يتقدَّس كثيرون.
السُّؤَال
لماذا أكمل المسيح التَّطهير عن جميع الخطايا، وكيف؟