Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
12- قربان المسيح وشفاعته أكملانا نهائيّاً
(10: 11- 18)
10:11وَكُلُّ كَاهِنٍ يَقُومُ كُلَّ يَوْمٍ يَخْدُمُ وَيُقَدِّمُ مِرَارًا كَثِيرَةً تِلْكَ الذَّبَائِحَ عَيْنَهَا الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ الْبَتَّةَ أَنْ تَنْزِعَ الْخَطِيَّةَ.12وَأَمَّا هَذَا فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً جَلَسَ إِلَِى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ13مُنْتَظِرًا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تُوضَعَ أَعْدَاؤُهُ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْهِ.14لأَِنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَِى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ.15وَيَشْهَدُ لَنَا الرُّوْح القُدُس أَيْضًا. لأَنَّهُ بَعْدَمَا قَالَ سَابِقًا16هَذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَهُمْ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ يَقُولُ الرَّبُّ أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي قُلُوبِهِمْ وَأَكْتُبُهَا فِي أَذْهَانِهِمْ17وَلَنْ أَذْكُرَ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ.18وَإِنَّمَا حَيْثُ تَكُونُ مَغْفِرَةٌ لِهَذِهِ لاَ يَكُونُ بَعْدُ قُرْبَانٌ عَنِ الْخَطِيَّةِ


ها نحن قد وصلنا إلى نهاية عرض كَاتِب الرِّسَالَةِ إلى العِبْرَانِيِّيْنَ لموضوعه عن المسيح رئيس الكهنة وذبيحته الفريدة. وهو يُلخِّص بجُملٍ قليلةٍ مُفعمةٍ بالقوَّة مضمون رسالته وغايتها. فمن الضَّروري أن نتأمَّل هذا المقطع ونحفظه جيِّداً.
يُرينا الكَاتِب أوَّلاً بُطلان اجتهادات الكهنة فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ الذين لم يستطيعوا نزع الخطايا مِن قلوب الناس، رغم ذبائحهم وصلواتهم الكثيرة. فتكرار الذَّبائح المتنوِّعة باستمرارٍ أثبت جليّاً استحالة غفران الخطايا بواسطتها. فلا خلاص بِوَاسِطَةِ كَهَنُوْت العهد القديم لأنَّه ليس مقتدراً، بل هو دليلٌ على الآتي فقط. بهذه الكلمات أراد الوَاعِظ أن يحفظ كنيسته مِن الارتداد عن المسيح، كي لا ترجع إلى أنظمة العهد القديم الكَهَنُوْتيَّة.
وعلى أساس فشل العهد القديم أبرز الكَاتِب انتصار المسيح ونتيجة ذبيحته ومجده. فلم يحتَجْ يسوعُ إلى ذبائح متعدِّدةٍ، بل كان موته وحده كافياً، لأنَّ الكاهن والذّبيحة كليهما، في هذه الحالة، قُدُّوسٌ فعَّالٌ كاملٌ، فلا حاجة إلى ذبيحةٍ أخرى. فبهذا القربان الإلهيِّ أصبحت الذَّبائح الأخرى كلُّها باطلةً، والأنظمة الكَهَنُوْتيَّة كلُّها ملغاةً؛ وكلُّ ذبيحةٍ بعد ذبيحة المسيح هي تجديفٌ على ذبيحة المسيح، وكفرٌ بوحي الله المعلَن في الصَّلِيْب.
بقيامة المسيح مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ وصعوده إلى السَّماء ظهر الانسجام بين الله والمسيح في تأدية الذَبيحة نيابةً عن جميع الناس، وقبولها مِن العليِّ. فثبت الابن قُدُّوْساً راسخاً في مشيئة أبيه التي تمَّمَها. ولم يجد الحاسد المُهلِك سلطاناً عليه. وأعاده أبوه إلى وحدة الثَّالُوْث الأَقْدَس. فالمسيح اليومَ جالسٌ في عرش الله، وهذه الصُّورة هي توضيحٌ لوحدة الله.
فمَن يرفض صليب المسيح يجعل مِن نفسه عدوّاً لله. ومَن لا يؤمن أنَّ المسيح تجسَّد ليموت لأجل تطهيرنا، يُعارض الرُّوْح القُدُس. ومَن لا يَقبل قيامة يسوع وصعودَه إلى السَّماء يفرّ إلى أجناد الشَّر. تعال إلى جانب المسيح المنتصِر، وآمِن بخلاصه التَّام. تغيَّر عن شكلك بِوَاسِطَةِ الرُّوْح القُدُس، كيلا يضع المسيح أخيراً رجله على رأسك، وتكون موطئاً لقدميه. لكلِّ إنسانٍ أن يختار بين هذين الطَّريقين: إمَّا أن يُسلمه الله للمسيح عدوّاً مربوطاً، أو أن يُصبح معاوناً للمسيح وخادماً لله يرى وجه أبيه إِلَِى الأَبَدِ. فاختَر اليوم. لا تتمهَّل ولا تؤجِّل إلى الغد، وإلاَّ فات الأوان.
كيف يُمكن أن يصير مِن أعداء الله الخطاة قدِّيسون وأبناء له؟ ينتج هذا التَّغيير الأساسي في الإنسان مِن ذبيحة المسيح. لقد مات يسوع ليغفر خطايانا ليُغيِّرنا ويُحرِّرنا مِن سلطة الخطيَّة ويُقدِّسنا ويُكمِّلنا.
وقد اختبر كَاتِب الرِّسَالَةِ قوَّة دم المسيح حتَّى إنَّه اعترف أنَّ دم يسوع قد أوصلنا إلى الهدف. فلسنا بعد ناقصين بل كاملين. ونحن أولاد الله وروحه يسكن فينا لأجل دم المسيح. وهذا الروح سيُحقِّق فينا غايات ذاك الدَّم كلَّها. فلسنا قدِّيسين في أنفسنا، بل مقدَّسين بنعمة المسيح.
يشهد الرُّوْح القُدُس لنا في إِرْمِيَا 31: 33 أنَّ حلول ناموس الله وانسكاب أفكار ذهنه فينا لا يتمَّان إلاَّ على أساس الذَّبيحة التي تُرضي الله. فلا يذكر الخطايا، لأنَّها قد مُحيَت وأُلغِيَت وزالت نهائيّاً. فدم المسيح منحنا فداءً كاملاً أبديّاً. وله حقوقٌ وقوىً وأفعالٌ وإمكانيَّاتٌ كثيرةٌ نجد خلاصتها في قول المسيح: "ثِقْ يَا بُنَيَّ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ."
هل عرفتَ خطاياك يا أخي واعترفتَ بها؟ هل التجأتَ إلى المسيح مخلِّصك الوحيد؟ هل أدركتَ ذبيحتَه، وآمنتَ بدمه الفعَّال؟ هل تُحبُّ وسيط العهد الجديد وضامنه؟ هل تعرف أنَّه جالسٌ عن يمين الله، ويَشفع فيك؟ هل نِلْتَ بركته الكَهَنُوْتيَّة بحلول الرُّوْح القُدُس في قلبك؟ عِنْدَئِذٍ نُبشِّرك باسم المسيح ونقول: "قَد غُفِرَتْ لَكَ خَطَايَاكَ".
إنَّ هذه الجملة هي مفتاح الإِنْجِيْل. فلأجل غفران خطاياك أصبح الله أباك، ولا يُهلكك بعد. ولأجل موت المسيح نِلْتَ الحياة الأبديَّة. ولأجل انعزاله على الصَّلِيْب أصبحتَ قريباً لله. ووظيفته كرئيس الكهنة هي الكفالة لكمالك. فلستَ صالحاً ولا مقتدراً، ولكنَّ إيمانك بدم المسيح وثقتك بقدرته الكَهَنُوْتيَّة قد خلَّصاك.
لقد تقدَّستَ يا أخي بالنِّعمة، وتحرَّرْتَ للخدمة الإلهيَّة لتُصبح كاهناً رحيماً لكثيرين. اقبَل دعوتك، واتبع المسيح الكاهن العظيم، وابدأ ابتهالاتٍ مستمرَّةً لأجل أصدقائك وأقربائك. بارك أعداءك. آمِن بانتصار المسيح في محيطك. اشترك مع جميع المقدَّسين في ترانيم الحمد والتَّسابيح المستمرَّة لأجل رئيس الكهنة يسوع، مسبِّحين ذبيحته بدافع روحه، لتنال وإيَّاهم القدرة على أن تعيشوا حياة القداسة، مشتاقين إلى مجيء المسيح المجيد الذي خلَّصَنا وقدَّسنا وأكملنا في قوَّته.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ، أَشْكُرُكَ لأجل آلام جسدك، وأحمدك لأجل الفزع الذي حلَّ في نفسك، وأُسبِّحك لأجل العذاب النَّفسي والجسدي الذي قاسيته على الصَّلِيْب لأجل خطاياي، وأَشْكُرُكَ لإطاعتك أباك حتَّى الموت، وأومن بفعالية دمك في ضميري، لأنَّك طهَّرتَني حقّاً، فغفر الله لي ذنوبي كلَّها. ذبيحتك قد قدَّسَت جميع المؤمنين بك، وشفاعتك هي ضمانة كمالنا. نَسْجُدُ لَكَ بتهلُّلٍ وابتهاجٍ، طالبين خلاص الكثيرين مِن أبناء شعبنا بقوَّة دمك، كي نُعظِّمك معاً، ونُبشِّر بفدائك إلى أن تجيء.
السُّؤَال
ما هي خلاصة تعليم الرِّسَالَة إلى العِبْرَانِيِّيْنَ عن كَهَنُوْت المسيح وذبيحته العظيمة؟