Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
2- التَّحذير مِن الارتداد ومِن غضب الله
(10: 26- 31)
10:26فَإِنَّهُ إِنْ أَخْطَأْنَا بِاخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ لاَ تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطَايَا27بَلْ قُبُولُ دَيْنُونَةٍ مُخِيفٌ وَغَيْرَةُ نَارٍ عَتِيدَةٌ أَنْ تَأْكُلَ الْمُضَادِّينَ.28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.29فَكَمْ عِقَابًا أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقًّا مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنَسًا وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ.30فَإِنَّنَا نَعْرِفُ الَّذِي قَالَ لِيَ الاِنْتِقَامُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. وَأَيْضًا الرَّبُّ يَدِينُ شَعْبَهُ.31مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ


إنَّ مَن ينفصل عمداً مِن شركة كنيسة المسيح، ويترك الرَّجاء بمجيء ابن الله مستهزئاً، ويحلّ رابطة الإيمان بِيَسُوْعَ نهائيّاً، يسقط في خطر الارتداد. ونسمع في هذا الدَّرس أربعة عشر مبدأً عن نوعيَّة الارتداد ومعانيه وعقابه:
1- إنَّ الإنسان الذي يُخطئ عمداً، ويعصي مشيئة الله دائماً، ويرفض المسيح، ويُنكر ذبيحته، يختار اللَّعنة بدلاً مِن البركة، والموت بدلاً مِن الحياة، والهلاك بدلاً مِن النِّعمة.
2- إنَّ الإنسان، كلّ إنسانٍ، هو عاصٍ بطبيعته ومتمرِّدٌ على مشيئة الله ومُنقادٌ مِن الروح الشِّرير. أمَّا الإنسان الذي حصل على معرفة الإِنْجِيْل بِوَاسِطَةِ الرُّوْح القُدُس، وارتبط بالمسيح المخلِّص مؤمناً، ومِن ثمَّ انفصل عنه رغم تأثيرات محبَّته في القلب، فيتفاقم عصيانه ويتحجَّر قلبه.
3- إنَّ هذا الإنسان الذي ارتدَّ باختياره، ورفض بعزمٍ ذبيحة المسيح، ولم يسمح لقوَّة دم ابن الله بتقديس جسده، وكان مِن البداية عميلاً للشَّيطان، ومعارضاً للمسيح على الدَّوام، رغم المعرفة والقوَّة الموهوبتَين له، كما في تصرُّف يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوْطِيّ، لا يجد غفراناً ولا نعمةً حتَّى ولو طلبهما متأخِّراً. فقد انتهى عمل ذبيحة المسيح بالنِّسبة إليه، لأنَّه انفصل عن النِّعمة نهائيّاً، فلا يجد غير الدَّيْنُوْنَة.
4- والعجيب أنَّ المرتدِّين يعلمون بوضوحٍ أنَّهم هالكون مع الشَّياطين في يوم الرَّب الآتي. كما نجد كثيراً مِن العلماء المعاصرين يبتسمون إذا ذكرت أمامهم الدَّيْنُوْنَة وبحيرة النَّار، مع أنَّنا شاهدنا في الحرب العالميَّة كيف احترقت عواصم بأسرها، وأبيدَت عشرات الألوف في نيران القنابل الفسفوريَّة. لقد رأينا صورةً عن جهنَّم كإمكانيَّة عمليَّة لحصولها. أجَل لقد رأينا كيف ذاب الزِّفت في الشَّوارع، والتصق النَّاس به دون أن يستطيعوا منه فكاكاً، حتَّى صاروا مشاعل ملتهبةً وهم يصرخون طالبين النَّجدة ولا يجدونها.
5- والدَّيْنُوْنَة تأتي على جميع أضداد الله. ومعنى كلمة "الشَّيطان" هو ضدُّ الله وعدوُّه. فمَن ينفتح لروح الشَّيطان طالباً السُّلطة والمال والشَّرف والاسترخاء، ينضمّ إلى صفوف أجناد الشَّر. وفي يوم الدَّيْنُوْنَة سيقول المسيح للملحدين والنَّاقصين في المحبَّة: "اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ" (متى 25: 41). فهل أنت ابنٌ وخادمٌ لله الآب، أم ملاكٌ للشَّيطان مرتدٌّ أنانيٌّ؟
6- نجد فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ قصاص القتل بلا رحمةٍ للمجدِّفين وعبَّاد الأوثان والأنبياء الكذبة ومحاربي المقدس. فقد أمر الله بإبادة هؤلاء مِن وسط الشَّعب حالاً وبلا رأفةٍ. وحتَّى لا يُحكَم على أحدٍ خطأً، كان يؤتَى بشاهدَين تتطابق شهادتهما في جميع تفاصيلها.
7- وعظَمَة الموهبة تدلُّ على كبر المَسْؤُوْليَّة. فكان سقوط الشَّيطان كبيراً، لأنَّه كان أميراً عند الله بسلطانٍ شاملٍ. فكم يكون سقوط أبناء الله المولودين ثانيةً أعظم؟ إنَّهم بارتدادهم يُميتون حياة الله الموهوبة لهم، ويفتحون قلوبهم لروح الموت. ولا يُمكن تصوُّر الفزع والخوف في نفوسٍ كهذه.
8- إنَّ أعداء يسوع قد لطموه وبصقوا في وجهه وصلبوه واستهزأوا به؛ ولكنَّهم لم يدوسوه بأرجلهم. أمَّا مَن اختبر ابن الله مخلِّصاً شخصيّاً لنفسه، وبَعْدَئِذٍ عاداه وأبغضه، فهذا يتصرَّف كأنَّه يدوس يسوع ورحمته العُظمى. وهو أشبه بالخنزير الذي يدوس الدُّرر في الوحل ولا يُميِّزها، بل يلتفت ليُمزِّق مَن طرحها أمامه (متى 7: 6).
9- والذين يتركون المسيح يفقدون المقياس الحقيقي، ويعتبرون الخير شرّاً والشَّر خيراً، فيبغضون خدَّام المسيح، ويُنكرون صليبه وألوهيَّته، ويُجتهدون بأكاذيب وحيل وعنف ضدَّ ابن الله وذبيحته. ونجد في العالم أحزاباً وأدياناً كثيرةً انفتحَت للرُّوح العاصي الذي يرفض الحقَّ ويُريد إبادة المؤمنين بالمصلوب.
10- وهؤلاء غير المؤمنين يُجدِّفون على الرُّوْح القُدُس. وأكثر الناس لا يعرفون مَن هو هذا الروح المنعم علينا، ويظنُّون أنَّه ملاكٌ أو شعورٌ عاملٌ في إلهامات الفلاسفة والشُّعراء. كلاَّ، إنَّ الرُّوْح القُدُس هو الله نفسه في محبَّته وقداسته وقدرته وتواضعه. وإذ يحلُّ هذا الرُّوح في الإنسان، يُنوِّره ويُطهِّره ويُجدِّده ويُثبِّته في ملء المسيح، ليس باستحقاقه الخاصِّ، بل بسبب النَّعمة فقط. فويلٌ للَّذي يُنكر هذه النِّعمة المغيِّرة ويستهزئ بها بعدَما اختبرها.
11- إنَّ الله يقوم مِن عرشه وينتقم مِن هذا الخائن للمسيح، ويضعه مع جميع أعداء المسيح موطئاً لقدمي الابن. فالقُدُّوْس عادلٌ، وهو يُعاقب ويحكم بملء إرادته على جميع الثَّائرين. وانتقام الله طاهرٌ بدون انفعالٍ عاطفيٍّ. وحقُّ الانتقام ليس للإنسان، بل لله.
12- فالله نفسه يُجازي المرتدَّ على خطيَّته. الرَّب هو القاضي، وهو لا يضرب بيده. إنَّه متعالٍ قُدُّوْس. أمَّا الشِّرير فيهرب مِن وجهه فزعاً. فلطف الله يدين المتقسِّي، وكلمته تخترق ضمير العاصي، وتطرده إلى ظلمة الفزع وفوضى الهلاك.
13- والله يدين شعبه أوَّلاً. فخطايا الناس كلِّهم كبيرةٌ، أمَّا خطايا مختاريه فهي الأهمُّ عنده. فمَن يعرفه ولا يتقدَّس يسقط في دينونةٍ صارمةٍ. والكنيسة غير المستعدَّة لمجيء المسيح، التي لا تجتهد في التَّبشير والرَّجاء، تسقط في غضب الله سقوطاً مُرّاً. ويسمح الله أن يدخل فيها وعَّاظٌ ملحدون، فيزداد الكفر والتَّقسِّي والعداوة لله.
14- الله محبَّةٌ، وهو يُريدنا أن نكون محبَّةً. والله قُدُّوْس، ويُريدنا أن نكون قدِّيسين. أمَّا الذي لا يُطيع محبَّته القُدُّوْسة ويرفض المسيح متقسِّياً، فيسقط في غضب الله الذي هو أعظم مِمَّا نَعلم. إنَّ أحشاء الرَّب تغتاظ لكلِّ خطيَّةٍ. وغضب الله يقع على كلِّ مَن يفرُّ مِن رعوية المسيح، ويُخفي نفسه عن الرَّاعي الذي يطلبه، ولا يُريد الخلاص أبداً. إنَّنا لا نعرف حدود محبَّة الله وغضبه، فكلاهما أزليٌّ.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، ارحمني أنا الضَّعيف في المحبَّة، وارحَم كنيستي الممتلئة بالخطاة. لقد فدَيتَنا بدمك، وأنرتَنا بروحك. ولكنَّ محبَّتنا شبه غائبةٍ، وصبرنا ضئيلٌ. قوِّ إيماننا، واحفظنا جميعاً مِن أشكال الارتداد، واطلب كلَّ مَن يبتعد عنك. لا تُدخلنا في تجربةٍ، بل نجِّنا مِن الشِّرير.
السُّؤَال
ماذا يعني الارتداد عن المسيح؟