Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
11- مشيئة الله الأزليَّة تتمُّ فينا بِوَاسِطَةِ ذبيحة المسيح
(10: 5- 10)
10:5لِذَلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا لَمْ تُرِدْ وَلَكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَدًا.6بِمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُسَرَّ.7ثُمَّ قُلْتُ هَنَذَا أَجِيءُ فِي دَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي لأَِفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللَّهُ.8إِذْ يَقُولُ آنِفًا إِنَّكَ ذَبِيحَةً وُقُرْبَانًا وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُرِدْ وَلاَ سُرِرْتَ بِهَا. الَّتِي تُقَدَّمُ حَسَبَ النَّامُوسِ.9ثُمَّ قَالَ هَنَذَا أَجِيءُ لأَِفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللَّهُ. يَنْزِعُ الأَوَّلَ لِكَيْ يُثَبِّتَ الثَّانِيَ.10فَبِهَذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً


ماذا يُريد الله؟ إنَّه يُريد الشَّركة مع الناس الذين خلقَهم على صورته، يُريد أن يمتلئوا قداسةً في المحبَّة، فلا يموتون، بل يمكثون معه إِلَِى الأَبَدِ، ممتلئين قوَّةً وحياةً وجلالاً.
ولكنَّ استكبار المخلوقات يحول دون تحقُّق هدف الخالق. فخطايانا فصلَتنا عن الله. ولكنْ هل يُمكن ألاَّ تتمَّ مشيئته؟ كلاَّ، فقد أوجد القُدُّوْس طريقة الذَّبائح الحيوانيَّة لمدَّةٍ محدودةٍ ليتوب الناس ويتطهَّروا بِوَاسِطَةِ إيمانهم.
ولكنَّ هذه الذَّبائح الحيوانيَّة لم تمنح تطهيراً عميقاً ولا تغييراً جوهريّاً لعناد الإنسان. عِنْدَئِذٍ طلب الله الطَّاعة، واعتبر إتمام الوصايا أعظم مِن الذَّبائح (مزمور 40: 7- 9). وقد فهم كَاتِب الرِّسَالَةِ هذه الإعلانات والنُّبوَّات مِن خلال كلمات المسيح التي قالها سابقاً على لسان الأنبياء، وتلك التي نطق بها في تجسُّده. فقراءتنا الآن هي مكالمةٌ فريدةٌ بين المسيح والله مؤلَّفةٌ مِن النُّبوات الصَّادرة في المزامير.
تُعلِن هذه المكالمة بين الله وابنه تطوُّراً جذريّاً في مشيئة الآب. لقد علم الآب أنَّ الناس لا يتقدَّسون بِوَاسِطَةِ الذَّبائح الحيوانيَّة، ولا يستطيعون إتمام متطلّبات الناموس بقدرتهم الذَّاتية؛ فرفض نظام الذَّبائح والناموس والعهد القديم كلَّه، وقرَّر نهائيّاً ذبيحة ابنه وقطع العهد الجديد وسكب الرُّوْح القُدُس في قلوب الناس. وكان هذا القرار الإلهيُّ انقلاباً في مشيئة الله، فنسخ طقوس القديم وأوجد وحياً جديداً. وهكذا نرى في العهد الجديد الغلبة وإكمال العهد القديم (الآية 9).
أمَّا المسيح فهو الإعلان الجديد لمشيئة الله الكاملة. فإن شئت معرفة ما يريده الله، ادرس حياة المسيح وكلامه وموته وقيامته. عِنْدَئِذٍ تُدرك أنَّ تجسُّد يسوع هو سِرُّ مشيئة أبيه. لقد قَبِلَ الابن بفرحٍ جسد الإنسان المُفعَم بالآلام لكي يتألَّم في هذا الجسم ويموت ذبيحةً مقدَّسةً لله. فبذبيحة المسيح تبلورَت مشيئة الله لتقديس الكون. فكيف يكون معقولاً وجائزاً قول بعض الناس إنَّ المسيح لم يمُت مصلوباً؟ إنَّ هؤلاء لم يُدركوا إعلانات الوحي الحقّ.
لقد أصبح المسيح إنساناً بكلِّ عزمه (مزمور 47: 7- 8)، فاعترف أنَّ غذاءه هو أن يُتمِّم مشيئة أبيه. وفي بستان جثسيماني أخضع أمنيته البشريَّة لإرادة الله، رغم أنَّه طلب منه شرب كأس غضبه. كان المسيح مطيعاً حتَّى الموت، فأكمل مقاصد الله كلَّها.
نجد في هذه الدَّلائل مبادئ الشَّركة الدَّائمة مع الله. فالمحبَّة تكون مطيعةً وغير عاصيةٍ. فإن أحببنا المسيح نُتمِّم وصاياه. ووصاياه ليست صعبةً، لأنَّها إتمام المحبَّة فقط. فهذه هي مشيئة الله: قداستنا. وتفسيرها أن نثبت في المحبَّة المستمرَّة بانسجامٍ معه.
ظهر هدف مشيئة الله في العهد الجديد أوضح منه فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ. فالله لم يخلق الإنسان على صورته خليقةً طاهرةً فحسْب، بل ولد أيضاً المؤمنين بالمسيح ولادةً ثانيةً أولاداً لروحه، ليكون هو أباهم الحقيقي، ويُصبح اسمه الأبوي لبَّ إعلان مشيئة الله. فإن صلَّينا: "ليتقدَّس اسمك، ولتكن مشيئتك كما في السَّماء كذلك على الأرض" فإنَّنا نطلب بهذه الصَّلاَة تحقيق اسم الله الأبوي، وأن يكون له أولادٌ كثيرون في أُمَّتنا وفي سائر الشَّعوب يسلكون بمحبَّة قداسته، ويُكرمون اسمه. هذا هو هدف موت يسوع ونتيجة ذبيحة جسده: أن يُولَد لله أولادٌ كثيرون بِوَاسِطَةِ الرُّوْح القُدُس. إنَّ تجسُّد المسيح وموته ذبيحاً هو سبب امتلائنا بالرُّوْح القُدُس وتقديسنا لحقَّ الشَّركة مع الله. لم يقدر أحدٌ أن يمنع الله مِن تنفيذ مشيئته هذه. وإنَّنا نعترف بهتافٍ وابتهاجٍ بأنَّ لأبينا السَّماوي أولاداً كثيرين يُطيعون إرشاد روحه بفرحٍ.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الآبُ السَّماوي، نَسْجُدُ لَكَ لأنَّك أبونا، وقد تمَّت مشيئتك في طاعة ابنك. وذبيحته طهَّرَتنا مِن الخطايا لنحيا في شركةٍ معك ونُتمِّم مشيئتك. نَشْكُرُكَ لتطهيرنا، ونطلب إليك أن تملأنا بروحك القُدُّوْس لنعمل مشيئتك في كلِّ حينٍ، ونحفظ وصايا ابنك، فتُصبح حياتنا حمداً وتمجيداً لاسمك الأبويِّ. ادعُ كثيرين مِن الضَّالين في أمَّتنا وفي جميع الأمم والشُّعوب إلى ذبيحة ابنك، كي يتجدَّدوا منكسرين بقوَّة روحك القُدُّوْس.
السُّؤَال
ماذا يُريد الله؟