Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
د: أمثلة لتاريخ موسى ويشوع
(11: 23- 31)
11:23بِالإِيمَانِ مُوسَى بَعْدَمَا وُلِدَ أَخْفَاهُ أَبَوَاهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ لأَِنَّهُمَا رَأَيَا الصَّبِيَّ جَمِيلاً وَلَمْ يَخْشَيَا أَمْرَ الْمَلِكِ.24بِالإِيمَانِ مُوسَى لَمَّا كَبِرَ أَبَى أَنْ يُدْعَى ابْنَ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ25مُفَضِّلاً بِالأَحْرَى أَنْ يُذَلَّ مَعَ شَعْبِ اللهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَتُّعٌ وَقْتِيٌّ بِالْخَطِيَّةِ26حَاسِبًا عَارَ الْمَسِيحِ غِنًى أَعْظَمَ مِنْ خَزَائِنِ مِصْرَ لأَِنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْمُجَازَاةِ.27بِالإِيمَانِ تَرَكَ مِصْرَ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ غَضَبِ الْمَلِكِ لأَِنَّهُ تَشَدَّدَ كَأَنَّهُ يَرَى مَنْ لاَ يُرَى.28بِالإِيمَانِ صَنَعَ الْفِصْحَ وَرَشَّ الدَّمَ لِئَلاَّ يَمَسَّهُمُ الَّذِي أَهْلَكَ الأَبْكَارَ.29بِالإِيمَانِ اجْتَازُوا فِي الْبَحْرِ الأَحْمَرِ كَمَا فِي الْيَابِسَةِ الأَمْرُ الَّذِي لَمَّا شَرَعَ فِيهِ الْمِصْرِيُّونَ غَرِقُوا.


نتأمَّل الآن المراحل الخمس للرَّجاء والإيمان التي في حياة موسى:
1- آمن الوالدان بأنَّ ولدهما عطيَّةٌ مِن الله، فلم يتركاه لاستبداد فرعون، بل أطاعا الله أكثر مِن الناس. والعليُّ لم يُنجِّ موسى بأعجوبةٍ مِن القتل المُقبِل، بل أتاح لوالدَيه أن يُخبِّئاه راجيَيْن أن يُخلِّصه الله. والعليُّ ثبَّت إيمانهما، وأرسل ابنة فرعون لتبنِّيه، بحيث يحصل قائد الأمَّة العتيد على التَّربية اللازمة. فإيمان الوالدين يقدر أن يُحيط الطِّفل بمقدار أنَّ الله يتسلَّم قيادة حياته، ويُدخله إلى سلسلة الفائزين الرَّاجين.
2- وكانت لموسى في شبابه إمكانيَّة الحصول على وظيفة عالية، كما كان ليوسف مِن قبل. فآمَن بإرث البركة أكثر مِن تجربة الثَّراء والشُّهرة، واختار احتقار شعبه، وتخلَّى عن مستقبله الباهر. فأرشده الله إلى الضِّيق والهرب والحياة غير المأمونة، فصار بدويّاً بسيطاً وراعياً منعزلاً، وتعلَّم الإيمان بالله غير المنظور في البراري والقفار. وأشبه موسى، باستغنائه عن الحضارة والثَّقافة، المسيح الذي تخلَّى عن مجد السَّماء، وحمل عار الصَّلِيْب مِن يد شعبه والأمم، لأنَّه لم يشأ أن يُنكر أرومته الإلهيَّة وجوهره، وهو المحبَّة المضحِّية المُخلصة. فالمهمُّ في الحياة ليس الاعتبار الدُّنْيَوِي، ولا الرَّفاهية، ولا قبول الجماهير، بل مشيئة الله وحكمه على الإنسان. فمَن يستغنِ عن كنوز الأرض لأجل الإيمان بالمسيح، ويَبْنِ مستقبله على الرَّجاء بالآتي الأكيد، يُرْضِ ربَّه.
3- سمع موسى وحي الله، وخاف مِن فرعون. ولكنَّ الله قوَّى إيمان عبده حتَّى غلب خوفه، لأنَّ حقيقة الله غير المنظور صارت له أيقن مِن سلطة الملك المنظور. فوثق موسى بحضور الله وسلطانه أكثر مِن خوفه مِن اعتداء فرعون وظلمه. وهكذا ترك مع شعبه في إطاعة الإيمان العبودية المهلكة. ولا بدَّ لكلِّ إنسانٍ مِن تعلُّم هذه الخطوة كي يتقدَّم إلى المسيح مؤمناً تاركاً عبودية الخطية، ويُطيع المُقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ أكثر ممَّا يُصغي إلى صوت التَّجربة بدمه الشَّخصي.
4- وسمع موسى عن غضب الله الآتي، وأعدَّ شعبه لذلك. فآمن بذبيحة الفصح، وأمر كلَّ عائلةٍ أن ترشَّ بدم الفصح عتبات البيوت العليا وقوائمها، لكي يعبر ملاك الغضب عنهم بدينونته ولا يقربهم. فخلَّص هذا الإيمان بدم الحَمَل الجميع الذين لم يكونوا أفضل مِن المصريِّين، إنَّما إيمانهم خلَّصهم. وهذه الإمكانيَّة متاحةٌ لنا كي ننجو مِن غضب الله ودينونته بأن نضع أنفسنا وجميع أحبَّائنا تحت قوَّة رشِّ دم المسيح الذي هو الفصح الصَّحيح. عِنْدَئِذٍ ننجو في ساعة الغضب وتعبر الدَّيْنُوْنَة عنَّا.
5- وصل موسى إلى حالةٍ سيِّئةٍ مخيفةٍ جدّاً حين وقف مع مئات الألوف مِن قومه على شاطئ البحر، وخلفهم يقترب ضجيج عربات أعدائهم السَّريعة. عِنْدَئِذٍ قوَّى الله إيمانه وأمره قائلا: "قل للشَّعب أن يرحلوا". فآمن القائد بكلمة الله، ورفع عصا رعويَّته، فشقَّ الرَّب المياه لأجل إيمان موسى، وتبعت الأمَّة كلُّها إيمانه الجسور، فعبروا أرض البحر بين أطواد الأمواج الهادرة حتَّى بلغوا الشَّاطئ الآخَر.
لم يعرف جيش فرعون سرَّ قوَّة الله، بل اتَّكلوا على قدرتهم وسرعتهم وتكتيكهم الحربي، فغرقوا في غضب الله لأنَّهم ناضلوا بدون إيمان.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ سيِّدنا، ما أمجد اسمك في الأرض. قد اخترتَ موسى عبدك وأرشدتَه في جميع مراحل حياته، فخلع مجده وتقوَّى في الإيمان. ساعدنا نحن أيضاً على أن نُنكر أنفسنا ونُطيع أوامرك حالاً.
السُّؤَال
كيف ظهر إيمان موسى؟