Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
11:7بِالإِيمَانِ نُوحٌ لَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تُرَ بَعْدُ خَافَ فَبَنَى فُلْكًا لِخَلاَصِ بَيْتِهِ فَبِهِ دَانَ الْعَالَمَ وَصَارَ وَارِثًا لِلْبِرِّ الَّذِي حَسَبُ الإِيمَانِ.


نقرأ عن نوح في هذه الآية أربعة معانٍ تُسَاعِدُنَا عَلَى الإيمان:
1- حصل نوح على دعوة الله، فلم يُبصر الطُّوفان الآني مِن حساسية شعوره، ولا استخبر عن وقوعه بِوَاسِطَةِ عرَّافٍ. ولكنَّ الله نفسه أخبره به، وأمره أن يبني سفينةً كبيرةً لخلاص كثيرين.
كيف يُكلِّم الله أناساً فانين، ويمنحهم نبوَّاتٍ عن المستقبل؟ ليس لأجل تقواهم، ولا لذبائحهم، ولا بسبب سموِّ أخلاقهم، بل لإيمانهم فقط. فمَن يرتكز في الله يرتكز الله فيه، ومَن يتَّكل على غير المنظور يُعلن له أموراً آتيةً غير منظورة. فالنُّبوة الحقَّة هي نتيجة المحبَّة لله. فمَن يعِش مع الله قريباً منه يفتح الله له بصائر للمستقبل لخلاصه وخلاص كثيرين.
2- سمع نوح دعوة الله، وآمن بكلمته، وأطاعه، وبنى فلكاً؛ والنَّاس مِن حوله ضحكوا عليه واستهزأوا به، لأنَّه خالف بعمله التَّقليد والعادة ببناء سفينةٍ ضخمةٍ في البرِّ، فأجهد نفسه وأهل بيته لإتمام مشيئة الله. ولا شكَّ أنَّ إنشاء سفينةٍ يتطلَّب فنّاً وجهداً وعملاً دقيقاً مع تضحيةٍ كبيرةٍٍ. فعبد نوح اللهَ رغم استهزاء الناس، وعاش لأجله وسط الإلحاد.
3- ولا شكَّ أنَّ نوح أعلم الناس بسبب صنعه الفلك، وطلب منهم ألاَّ يُهملوا نعمة الله، بل أن يتَّكلوا على كلمته ويتوبوا قبل أن يحلَّ بهم الطُّوفان. ولكنَّهم استهزأوا به، ولم يؤمنوا بوحي الله، وأصمُّوا آذانهم عن سماعه. فأصبح إيمان نوح سبب دينونةٍ لغير المؤمنين، وإطاعته كلمة الله شهادة على المهملين.
فنجد دائماً نتيجتَين للإيمان. فهو يبني الذي يقبله، ويدين الذي يرفضه. فمَن يثق بالأدلَّة على حقيقة يسوع ومجيئه القريب يخلص، أمَّا الذي يُنكرها ويسخر بها فيهلك. وهكذا تتمُّ كلمة يسوع القائلة: "اقْبَلُوا الرُّوْح القُدُس. مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ. وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ".
4- أخيراً جاء الامتحان الأكبر لإيمان نوح، لأنَّه دخل الفلك حين الصَّحو، ولم تكن ثمَّة دلالةٌ على أيِّ طوفانٍ أو هطول مطرٍ. ولا ريب أنَّ أقرباءه اعتبروه مجنوناً ومستبدّاً بأولاده وامرأته، أمَّا هو فآمَن بالله وأطاعه ضدَّ كلِّ ما هو متعارَفٌ عليه في الطَّبيعة. والله، لأجل هذه الإطاعة للإيمان، حسب نوح وارثاً للبرِّ. فهو لم يكن صالحاً في ذاته، ولكنَّه استسلم دون قيدٍ أو شرطٍ لوحي الله؛ فوهب الله له برَّه الخاص. وهكذا بدرجةٍ عليا يُقدِّس المسيح أتباعه بدمه، ويملأ الأبرار بروحه، فسيلمعون أكثر بهاءً مِن الشَّمس.
5- ومكث الله مع نوح وسط الدَّيْنُوْنَة, ورافقه في كلِّ ثانيةٍ. وبينما غرق ملايين السَّطحيِّين في أمواج غضب الله، نجا نوح ومَن معه مِن اللُّجج المهلكة. وهذا تماماً يوضح مستقبلنا. فمَن يثبت في كنيسة المسيح يَنجُ وسط بحر غضب الله الهائج. ولا شكَّ أنَّ الغضب كبيرٌ, ولكنَّ قدرة الله المنجِّية أعظم. إنَّ الدَّيْنُوْنَة آتيةٌ لا ريب فيها. فماذا تفعل؟ هل تسمع صوت المسيح؟ هل تشترك في صنع فلك الكنيسة، أم أصبحتَ مهملاً وفاتراً كالكثيرين؟ إنَّ كلَّ مَن لا يثق تماماً باسم المسيح يهلك في ساعات غضب الله. ولكنْ مَن يسمع صوته ويُطِع أوامره ويتَّكل على عنايته، يحمله لطف الله وسط الغضب العظيم.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، علِّمنا أن نُحبَّك لكي نُصغي إلى كلمتك ونُتمِّم مشيئتك، حتَّى وإن استهزأ جميع الناس بنا وحاولوا أن يمنعونا مِن خدمتك. خلِّصنا مِن الغضب الآتي، وامكث معنا في وادي ظلِّ الموت لنرث برَّك، وثبت في شركتك، لأنَّنا واثقون بمواعيدك.
السُّؤَال
كيف آمن نوح بدعوة الله؟