Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
7- تقدَّسوا تماماً، واهتمُّوا بأعضاء كنيستكم
(12: 12- 17)
12:12لِذَلِكَ قَوِّمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ13وَاصْنَعُوا لأَِرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى.14اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ وَالْقَدَاسَةَ الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ


لماذا يصرخ الناس عند وفاة قريبٍ، أو يرتجفون خوفاً مِن الأوبئة والحروب؟ إنَّ لكلِّ ضيقٍ معنىً. أجَل. الضِّيق في حينه يستنزف الدُّموع وجعاً، ولكنَّه يدفعنا نحو الله، ويُغيِّرنا إلى قداسته.
لذلك يدعو كَاتِب الرِّسَالَةِ أعضاء كنيسته ألاَّ يُولولوا أو ييأسوا بالنِّسبة إلى الضِّيقات الماضية والحاضرة والمستقبَلة، بل أن يُصلُّوا مؤمنين. كان أعضاء العهد القديم يُصلُّون رافعين أيديهم نحو السَّماء، مؤمنين باستجابة صلواتهم فوراً وإغداق النِّعَم على أيديهم المفتوحة. ولكنْ بعد الصَّلوات الطَّويلة تعبت أيديهم المرتفعة واسترخَت حتَّى انخفضت إلى أسفل. وشعر الجاثون أمام الله بوجعٍ في ركبهم التي تنمَّلت وتيبَّسَت؛ فتشاءمت قلوبهم بسبب البطء في الاستجابة، وشكَّكوا في وجود الله واستعداده لمساعدتهم. فلم يُصلُّوا بحرارةٍ بعد ذلك واضمحلَّ رجاؤهم نهائيّاً.
فيُنادي الوَاعِظ بصوتٍ عالٍ في اليائسين وكأنَّه يقول: "استمرُّوا في صلواتكم. فربُّكم يسمعكم ولن يترككم. ألعلَّ صلواتكم أنانيَّة حتَّى إنَّه لم يستجبها لأنَّه محبَّةٌ؟! وجِّهوا أفكاركم وصلواتكم نحو المحبَّة الإلهيَّة، فتنسجموا مع إرادته وتنالوا البركات والعجائب. لا تُفكِّروا بأنفسكم وبعائلاتكم فقط، بل تذكَّروا الضُّعفاء والعرج الذين في كنيستكم. ففي كلِّ كنيسةٍ يوجد حزانى ومُتعَبون وضعفاء وبُسطاء ويائسون. وهؤلاء مهمُّون كالأقوياء والنَّشيطين والخدَّام المثاليِّين. إنَّ الضُّعفاء هم الامتحان للأقوياء. فويلٌ للصَّالح في عينَي نفسه إنْ لم ينحنِ إلى مستوى المسكين ويخدمه بإخلاصٍ، ليس كمتعجرفٍ مزهوٍّ محتقرٍ للمسكين، بل بتواضع المسيح، وكحامل الثِّقل على الدَّوام، وخادم الوسخين بفرحٍ."
"إنَّ المحبَّة المستمرَّة هي الخادم النَّاجح. والصَّلاَة الكَهَنُوْتيَّة المشترَكة تقوِّي الضُّعفاء في الكنيسة، وتُشجِّعهم، وتشفيهم مِن جميع الشُّكوك. فلا تدينوا الضَّعيف في الإيمان والمشلول الإرادة، كيلا تُدانوا. إنَّ فخر الكنيسة ليس الأقوياء الذين فيها، بل الصِّغار والضُّعفاء الذين صاروا أصحَّاء وصالحين. فقوَّة الكنيسة تَظهر في الصِّغار المتقوِّين، وليس في الأساقفة والقسوس والشُّيوخ البارزين. ومحبَّة المسيح الكَهَنُوْتيَّة تخلق فينا نظرة الاهتمام بأخينا الإنسان. فالذي يحيا في المسيح، لا يحيا لنفسه فيما بعد، لأنَّه أصبح كاهناً خادماً للآخرين، وبخاصَّةٍ للمحتقَرين". بهذا الروح نسعى لنحيا مع الناس جميعاً في سلامٍ، ونُفضِّل احتمال الظُّلم على اقترافه. وليس هيِّناً أن نعيش مع بعض الإخوة في الكنيسة بشركةٍ وانسجامٍ. ولذلك نحتاج إلى خضوعٍ وتواضعٍ وصبرٍ واحتمالٍ وصلواتٍ كثيرةٍ. وتصبح الحياة أحياناً مع الملحدين كجهنَّم، فيتعمَّد الناس إيذاء بعضهم البعض، ويُفكِّر أحدهم طوال النَّهار كيف يُضرُّ الآخر. فهنا يثبت صبر القِدِّيْسِيْنَ الذي يُبارِكون لا يلعنون، يُصلُّون ولا ينتقمون.
ويأمر الوَاعِظ رعيَّته باتِّباع السَّلام مع جميع الناس. فهل أنتَ في حالة خصامٍ مع جارك؟ إنَّ الله يُحبُّه كما يُحبُّك. فسامحه، لأنَّك بدون مسامحةٍ تُقاوم روح الرَّب. والمسيح يطلب منك تحقيق محبَّته، لأنَّها لبُّ مجده. فاغلب نفسك بالمحبَّة، لأنَّ حياتك لا تتقدَّس إلاَّ بممارسة اللُّطف والرَّحمة والجودة والرَّأفة. وبنموِّ المحبَّة تتدرَّب على الحقِّ والعفَّة. فاطلب إلى يسوع أن يربط أكاذيبك ومبالغاتك وتخيُّلاتك النَّجسة وشهواتك الدَّنسة بِوَاسِطَةِ الرُّوْح القُدُس، لأنَّ الفجَّار والكذبة واللُّوطيين والسَّارقين لن يروا الله. لا شكَّ أنَّ المسيح قد غفر لك خطاياك على الصَّلِيْب. ولكنَّك بالاستمرار في خطيَّتك تهين كفَّارته. ولذلك منحك روحه القُدُّوْس كي تتغيَّر عن شكلك وتتقدَّس عمليّاً. قال المسيح: "طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَِنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ. طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَِنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ." فالعفَّة والسَّلام قرينان، لأنَّهما مِن ثمار الرُّوْح القُدُس الذي يُثبِّتنا في الشَّركة مع الله. فأسرِع خلف هاتين الصِّفتَين الإلهيَّتين، لأنَّهما أهمُّ مِن الأموال والشَّهادات وتكريم الناس لك.
إنَّ خلاصة رجائنا هي اتِّصالنا بأبينا السَّماوي ورؤيته. عِنْدَئِذٍ تَصمت الأصوات الضَّاجَّة كلُّها، وتنطفئ الأماني المثيرة كلُّها، لأنَّ معاينته هي قمَّة الأماني كلِّها وغايتها. مَن يرَه يعرفه، ومَن يعرفه يمتلئ بحياته، ومَن يحيَ فيه يتغيَّر إلى صورته، ومَن يثبت في مجد صورته يلمع في بهاء جوهره. ولبُّ جوهره هو المحبَّة والخدمة والتَّواضع.
هل تريد أن ترى الله؟ هل تشتاق إلى خالق الكون؟ تذكَّر أنَّ هذا الامتياز محفوظٌ للأعفَّاء وصانعي السَّلام الذين إذ تطهَّروا بدم المسيح، حاضروا بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوضُوعِ أمامهم، وتبعوا ربَّهم، وعاشوا في التَّواضع والوداعة مثله.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ، إنَّني أخجل حين أنظر إلى صميم قلبي، لأنَّه مفعمٌ بالأفكار النَّجسة. اغفر لي محبَّتي النَّاقصة لجيراني وزملائي، واغلبني حتَّى أسامح كلَّ إنسانٍ، وأبارك القساة والمعقَّدين، وأُحسِن إلى الذين يُسيئون إليَّ. قوِّ جميع الضُّعفاء في كنيستنا، لكي يستيقظوا مِن نومهم، ويتقوَّوا في الإيمان والسَّلام والعفَّة والرَّجاء، ويستعدُّوا لاستقبالك في آخر الأيَّام، فنراك معاً، ونُعاين أبانا السَّماويَّ في المجد.
السُّؤَال
لماذا لا يستطيع الذين لا يتقدَّسون ولا يُسامحون أن يرَوا الله؟