Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
12:15مُلاَحِظِينَ لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ. لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ انْزِعَاجًا فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ.16لِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ زَانِيًا أَوْ مُسْتَبِيحًا كَعِيسُو الَّذِي لأَِجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ.17فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرِثَ الْبَرَكَةَ رُفِضَ إِذْ لَمْ يَجِدْ لِلتَّوْبَةِ مَكَانًا مَعَ أَنَّهُ طَلَبَهَا بِدُمُوعٍ


هل تؤمن بالمسيح؟ اهتمّ إذاً بأعضاء كنيستك. لا تُفكِّر فقط بخلاصك ونجاحك وصحَّتك، بل انسَ نفسَك، ولاحظ المتأخِّرين في النِّعمة. فهذا الموقف يُناسب روح المسيح الذي ترك السَّماء ليُخلِّصنا نحن المتأخِّرين في النِّعمة.
واليوم يُشارف كلُّ إنسانٍ على خطر فقدان نعمة الله، لأنَّ هذه النِّعمة الإلهيَّة مفتوحةٌ لكلِّ فردٍ. فالرَّب في محبَّته غفر خطيَّة البشر جميعاً، وأحبَّ المجرمين والزُّناة والهُبْلَ، لأنَّه أتى ليُخلِّصهم مِن حالتهم السَّيئة. فمَن يُساعد هؤلاء حتَّى لا يفقدوا النِّعمة؟ مَن يشهد لهم بالحقيقة أنَّ المسيح خلَّصهم؟ مَن يُصلِّي للمساكين ليعرفوا الله؟ متى تدفعك النِّعمة إلى تبشير الضَّالين والشُّكر الدَّائم؟
يدعوك الرَّب لتكون حارساً في كنيستك، ومَسْؤُوْلاً عن الآخَرين، ليس لأنَّك أفضل وأنضج وأذكى وأكثر تواضعاً مِن الآخرين. فلا تغترّ البتَّة، لأنَّك أنانيٌّ كالآخرين، وفي أعماقك تكمن أبشع الخطايا. اذكر أنَّ المسيح أنعم عليك وبرَّرك وطهَّرك، وهو يتحمَّلك ويشفع فيك. فمِن نعمته وحدها تعيش، وليس لك أيُّ استحقاقٍ، لأنَّك باطلٌ ولا شيء. أمَّا ربُّك فهو القادر على كلِّ شيءٍ.
إن أدركتَ هذه النِّعمة، وعشتَ منها فقط، يمكنك أن تخدم في بنيان النُّفوس، كيلا تظهر بغضةٌ أو شكوكٌ أو حسدٌ أو كفرٌ في الرَّعية. لا تظنّ أنَّ القليل مِن الشُّكوك يزول حتماً مع الوقت، أو أنَّ شرارة البغض الصَّغيرة تضمحلّ. فكما تنتشر حبَّة الزّوان وتمتدُّ كثيراً في الحقل، هكذا ينمو مِن خطيَّةٍ صغيرةٍ شرٌّ هائلٌ. وكما يبقى مِن الشَّجرة، بعد قَطعها، جذرٌ ممتدٌّ في الأرض، وسرعان ما تنمو مِنه شجرةٌ أخرى، هكذا ينبثق مِن الفكر الرَّديء الذي تسمح بنموِّه في الكنيسة روحٌ شرِّيرٌ يستحوذ على الجميع. فاستأصِل الشَّر قبل أن يستفحل. خُذ الأخ الذي يُدخل الشُّكوك أو الكفر أو البغضة أو النَّجاسة وكلِّمه على انفرادٍ، ولا تسمح أبداً بنشر روحه الشِّرير في رعيَّتك، بل أدِّبه ولكنْ ليس أمام الجميع. كلِّمه على انفرادٍ أوَّلاً. وقبل أن توبِّخه صلِّ كثيراً. وبعدَما توبِّخه صلِّ أيضاً بتواضعٍ كيلا تكون أنت المتكلِّم، بل الله بواسطتك. ولا تنسَ أنَّك قد متَّ مع المسيح، فلا تُضلّ فكرك كأنَّك تستطيع شفاء الشِّرير وإخراج روحه الرَّديء مِن جسده. إنَّ هذا العمل الخلاصي يقوم به المسيح وحده بواسطتك أنت المنكسِر بالنِّعمة. فادرس بدقَّةٍ إرشاد المسيح لمعالجة الإخوة المُضِلِّين في الكنيسة، كما تقرأ في إِنْجِيْل متَّى (18: 15- 35).
يَنْبَغِي لك أن تنفصل عمَّن يرتدّ عن الله، ويزني مع أرواحٍ متعدِّدةٍ، ويُحبّ مَلاَئِكَة الشَّيطان أكثر مِن الرَّجاء الممتدِّ لمجيء المسيح؛ لأنَّ هذا المرتدَّ إذا بقي في الكنيسة فسيفسدها. إنَّ محبَّة الله قاسيةٌ على مَن يرتدّ مِن بَعد إيمانٍ، ومِن ثمَّ ينقلب على أولاد الله ليُضلَّهم في الإلحاد. فانفصِل عن العنيد بتصميمٍ لكي يشعر أنَّ الله ينفصل عنه. ولكن فِيْ الوَقْتِ نَفْسِهِ صلِّ لأجله بمواظبةٍ، فلربَّما كان ارتداده جزئيّاً، فيتوب قبل سقوطه نهائيّاً. ويؤكِّد الكتاب المقدس لنا إمكانية الارتداد النِّهائي والسُّقوط بدون خلاصٍ. إنَّ مَن وُلد مِن روح الرَّب باكورةً له، وبعد ذلك رفض بركة المسيح في سبيل شهواته وأطماعه، هو أشبه بعيسو الذي باع بركة الله لقاء طنجرة شوربة عدس؛ فاعتبر أكلةً اشتهاها أطيب وأثمن مِن الكنوز السَّماوية. أمَّا الله فوهب البركة لأخيه يعقوب الذي لم يكن أفضل مِن عيسو، وإنَّما آمن بالبكورية، وتمسَّك بالنِّعمة، فنال البركة.
كان تقسِّي المُختار المرتَدِّ مبدئيّاً وعميقاً، حتَّى إنَّه لم يشترك في بركة الله، لأنَّه فصل نفسه عن النَّعمة؛ فلم يُباركه الله، لأنَّه أوصد نوافذ ذهنه في وجه الله. فمَن يرفض المسيح، ويسدّ أذنيه عن سماع كلمات بركته عمداً، لن يشترك في النِّعمة، لأنَّ مَن يرفض المسيح يرفض الله نفسه، وما مِن إلهٍ آخَر غير أبي ربِّنا يسوع المسيح.
والأمر العجيب هو أنَّ المرتدِّين يُحاولون أحياناً أن يتوبوا، ويبكون بدموعٍ مريرةٍ. ولكنَّ توبتهم هذه نفسانيَّةٌ وغير مبنيَّةٍ على عمل الرُّوْح القُدُس في التَّائب، وقد فات أوانها. وهذا النَّدم لا يُفضي إلاَّ إلى يأسٍ شديدٍ. ويعلم المرتدُّون أنَّ دينونة الله مقبلةٌ عليهم، كما علم يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوْطِيّ عدم إمكانيَّة نيله النِّعمة مرَّةً أُخرى، رغم أنَّه طلب التَّوبة بدموعٍ وصراخ. فانتبه! ليست كلُّ توبةٍ واعترافٍ رجوعاً حقيقيّاً إلى الله. انظر إلى السُّلوك في الطَّهارة والعفَّة والاستقامة، هل أعطى الله الخاطئَ نعمته، ليأتي بثمارٍ تليق بالتَّوبة؟ لا تظنّ أنَّك تستطيع أن تُخلِّص إنساناً قد رفضه الله، لأنَّ هذا الضَّال قد داس النِّعمة بقدميه.
تأمَّل حادثتي عيسو ويَهُوذَا الإِسْخَرْيُوْطِيّ، كيلا تُفضِّل الطَّعام أو المال أو الشَّهوة أو الضَّمان على بركة المسيح وخلاصه، وترفض الصَّلِيْب الذي تحمله. لا تتذمَّر مِن الاضْطِهَاد والشَّدائد، بل تألَّم بسرورٍ لئلاَّ ترمي صليبك وتفقد فداءك.
مَن يرفض المسيح يدخل فوراً إلى الدَّيْنُوْنَة المبتدئة اليوم في المرتدِّين. ومَن يرفض النِّعمة ويهزأ بالرُّوْح القُدُس يدن نفسه، ويسقط إلى أجناد الشَّر. فامتحن ذاتك بصراحةٍ: هل أنت ثابتٌ في تقديس جميع نواحي حياتك، رغم المصاعب الواقعة عليك، أم أنَّك كللت وبتَّ مُتْعَباً في روحك، فعثرتَ وسقطتَ سقوطاً عظيماً؟

الصَّلَاة
لاحظني يا رب، وانتشلني مِن خطاياي، لأنَّ القلب المقيَّد لا يستطيع الصُّعود إلى السَّماوات. ثَبِّتْ كلَّ عضوٍ في اجتماعاتنا، وقوِّ الضُّعفاء المضطربين الشَّاكِّين، وأرشدنا إلى التَّضحية لأجل الفقراء، كيلا يشعروا بعطايانا ويشمئزُّوا. اجعلنا رحماء قدِّيسين متواضعين، وأنِرنا بالحكمة كي نحفظ الخائفين مِن السُّقوط، واجعَل جباهنا كالفولاذ في وجه مُفْسِدي كنيستك.
السُّؤَال
لماذا يَنْبَغِي لنا أن نحرص على الكنيسة، فلا نسمح بتغلغل الكفر والنَّجاسة فيها ولو قليلاً؟