Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
8- المجد العظيم الآتي باكتمال العهد الجديد
(12: 18- 24)
12:18لأَِنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَلٍ مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ وَإِلَى ضَبَابٍ وَظَلاَمٍ وَزَوْبَعَةٍ19وَهُتَافِ بُوقٍ وَصَوْتِ كَلِمَاتٍ اسْتَعْفَى الَّذِينَ سَمِعُوهُ مِنْ أَنْ تُزَادَ لَهُمْ كَلِمَةٌ.20لأَِنَّهُمْ لَمْ يَحْتَمِلُوا مَا أُمِرَ بِهِ وَإِنْ مَسَّتِ الْجَبَلَ بَهِيمَةٌ تُرْجَمُ أُوْ تُرْمَى بِسَهْمٍ.21وَكَانَ الْمَنْظَرُ هَكَذَا مُخِيفًا حَتَّى قَالَ مُوسَى أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ.


يُشجِّع الوَاعِظ رعيَّته، بعدَما حذَّرهم للمرَّة الثَّالثة مِن الارتداد، مذكِّراً إيَّاهم أنَّهم لا يعيشون بعد في بيت الدَّيْنُوْنَة المبنيَّة على الناموس (شريعة موسى)، بل في بيت النِّعمة المبني على شخص يسوع المسيح، فيحثُّهم على إلقاء رجائهم بالتَّمام على النِّعمة، وعدم الارتداد إلى برِّ الناموس وطهارة الذَّبائح الحيوانيَّة. وبغية إبراز امتيازات عصر النِّعمة، يقارن الكَاتِب كيفيَّة إعلان العهد القديم بصورة إكمال العهد الجديد التي تختلف عن الأولى اختلاف النُّور عن الظُّلمة.
فالناموس يتراكم أمام طالب الله كجبلٍ عالٍ لا يمكن تسلُّقه. هكذا وقف شعب البرِّية أمام جبل مِن حجارةٍ وموادّ منصهرةٍ بنيرانه المنطلقة مِن فوهته. ومنه أيضاً خرجت غيومٌ مِن رمادٍ ودخانٍ، فضجَّت العواصف وزلزلت الأرض زلزالها، وأبرقت الصَّواعق، ورعدت الرُّعود. هكذا أعلن الله نفسَه فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ. فلم تشرق الشَّمس، ولم تتلألأ النُّجوم في ليلٍ لطيفٍ، بل أعلن الله غضبه على فجور الناس بصورة الجبل الملتهب. لم يُهلك الرَّب الشَّعب الخاطئ، بل كلَّمه. ولم يكن قوله لطيفاً ومعزِّياً بجملته، بل مرعباً ومخيفاً. فارتجف الشَّعب كلُّه مِن الله، ولم يريدوا أن يسمعوا صوته أكثر، ولا احتمال وحيه، فتراجعوا وأرسلوا موسى أمامهم، لأنَّه شعروا بإعلان قداسة الله دينونة تدين خطاياهم. ليس ثمَّة إنسانٌ أو حيوانٌ أو نباتٌ أو حجرٌ دنيويٌّ مقبولٌ عند الله البارِّ القُدُّوْس. فالجميع يحتاج إلى تطهير بالدَّم. وهكذا لم يسمح، حتَّى للحيوان، بالاقتراب مِن مكان إعلان الله ذاته فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ. فاحتاج الشَّعب كلُّه إلى الرَّش بالدَّم كيلا يموت، لأنَّ الله مثل نارٍ آكلةٍ. وهذه المعرفة فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ مبدئيَّةٌ ومخيفةٌ وعميقةٌ.
وموسى الوسيط والأنبياء القِدِّيْسُوْنَ خافوا مِن الله أيضاً، وارتجفوا مِن القُدُّوْس، وسقط رجال الله مِن مجد رؤيته كأموات، لأنَّ الفاني لا يستطيع احتمال غضبه.
ولكنَّ إعلان يسوع في العهد الجديد يختلف كلِّياً عن ذلك الإعلان الإلهي، لأنَّ ابن الله أتى كإنسان المحبَّة، وليس مهلكاً ديَّاناً قاضياً، كما أنبأ يُوْحَنَّا المعمدان عنه. فقاد المسيح تلاميذه مِن ظلام التَّوبة إلى نور فرح العرس، رمزاً لاختلاف عصر النِّعمة مبدئيّاً عن عصر الدَّيْنُوْنَة. ونكاد لا نتصوَّر عظمة الفارق بين العهدَين القديم والجديد، لأنَّنا نسينا أنَّ الله قُدُّوْس وغاضبٌ وديَّانٌ وعادلٌ. لهذا السَّبب لا يرنُّ صوت الفرح في قلوبنا، ولا نفيض بالابتهاج والشُّكر، كما فاضت قلوب الرُّسل عند انتقالهم إلى رحاب المسيح، حيث قالوا: "الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً. وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعاً أَخَذْنَا. وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ. لأَِنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ. أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوْعَ الْمَسِيحِ صَارَا. اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ".

الصَّلَاة
أيُّها الإله الثَّالوث القُدُّوْس، الآب والابْن والرُّوح القُدُس، أسجد لك لأنَّك قُدُّوْس وليس فيك شرٌّ. أمَّا أنا، فمِن جنسٍ شرِّيرٍ حقّاً. اغفر لي خطاياي بدم المسيح، وقدِّسني بروحك، وغيِّرني إلى صورة قداستك، لكي نثبت في فرح شركتك، ونَسْجُدُ لَكَ، لأنَّك ولدتنا في عصر النِّعمة المفرحة.
السُّؤَال
كيف أعلن الله ذاته فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ؟