Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
12:22بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَة23وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ24وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ يَسُوعَ وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ


مِن الغريب أنَّ كَاتِب الرِّسَالَةِ لم يبنِ وصف إعلان العهد الجديد على شخص يسوع المسيح كخلاصة إعلان النَّعمة، وإنَّما أرشد أبصارنا إلى السَّماوات، إلى جبل الله النُّوراني، وإلى مدينة أورشليم السَّماوية المكعبة التي يبلغ ضلعها 2200 كيلومتراً. وهي مؤلَّفةٌ مِن أرواحٍ ونورٍ ومحبَّةٍ. الله نفسها هو لبُّها، ومجده هو محورها وقوتُّها وينبوع كلِّ حركةٍ فيها.
يرى الوَاعِظ أنَّ إكمال العهد الجديد سيتحقَّق في ذلك الاجتماع العظيم في أورشليم السَّماوية الذي سيحضره المؤمنون مع ربِّهم برفقة ألوف الرَّبوات مِن المَلاَئِكَة. عِنْدَئِذٍ يتحلِّق المولودون مِن الرُّوْح القُدُس حول عرش أبيهم. ربَّما كانوا مضطهَدين في سبيل الله، أو محتقَرين، أو شهداء، أو عاشوا في هذه الدُّنيا فقراء، أو مغمورين، أو مطرودين. ولكنَّ أسماءهم في السَّماء معروفةٌ، وهذا سبب فرحٍ دائمٍ لهم.
إنَّ أولاد الله القِدِّيْسِيْنَ هم جماهير غفيرةٌ لا تُعَدُّ ولا تُحصى. وهم جميعاً يجتمعون إلى أبيهم، ويرونه بوجهٍ مكشوفٍ معاينين مجده؛ فلا يبهَرون رغم لمعانه الذي يفوق بريق الشَّمس في وضح النَّهار. فالجميع قد صاروا أرواحاً حقيقيَّةً وأجساداً ملموسةً.
نرى في هذا الاجتماع الرُّسُل، ويمكننا أن نسأل بطرس عن تفاصيل يوم العنصرة، ونستمع لبولس كيف يُعظِّم أعماق النِّعمة، ونُصغي إلى يُوْحَنَّا الذي يوضح لنا محبَّة أبينا، ونرى هناك إبراهيم أبا المؤمنين، وإشعياء المُعلن مجد الله في الهيكل، وحزقيال الذي أبصر مجد الله على عرشه العظيم، كما نرى يُوْحَنَّا المعمدان غير منفصل الرَّأس، لأنَّ الجميع قد صاروا أرواحا،ً مكَمَّلين مجتمعين حول أبينا السَّماوي.
فكيف صار هؤلاء الخطاة كاملين، ولماذا يخافون مِن الدَّيان المخيف المُهلك؟ إنَّهم يتبعون يسوع حَمَل اللهِ الذي قطع معهم العهد الجديد. والمسيح هو الوسيط الوحيد الذي يُقرِّبنا إلى الله، فنشتاق أن نراه ونسجد له، لأنَّ الإيمان بدمه الثَّمين حرَّرَنا مِن الخوف والرُّعب، وخلق فينا السُّرور والغبطة.
لا يقف الناموس بين المؤمنين والله مشتكياً عليهم. ولكنَّ هذا الناموس متمركزٌ في قلوبهم بِوَاسِطَةِ الرُّوْح القُدُس الذي نظَّم حياتهم وثبَّتهم في مقاصد الله وصفاته. فيظهر في هؤلاء المؤمنين جوهر العهد الجديد النُّور والمحبَّة والرُّوح المنسجمة معاً في فرحٍ عظيمٍ.
ونعجب إذ نقرأ عن مادَّةٍ في السَّماء هي دم المسيح، ولا نستطيع أن تصوَّر نوع هذا الدَّم، إلاَّ ونُدرك أنَّ القوَّة الروحية في دم ابن الله وحده تُخلِّصنا وتُكمِّلنا. فليس إنسانٌ صالحاً وبارّاً مِن ذاته، ولكنَّ دم الإنسان يسوع الذي عاش قُدُّوْساً يتكلَّم ويصرخ أمام الله. وليس لهذا الدَّم صوتٌ دنيويٌّ، بل حقٌّ أبديٌّ. وهو لا يضجُّ بل يتكلَّم صامتاً أمام عرش القُدُّوْس. وتكلُّم دم المسيح هو سبب حياتنا الأبديَّة، لأنَّ الله بدون شفاعته يُهلكنا. فنجد أنَّ ذبيحة المسيح تحمينا إِلَِى الأَبَدِ.
ونتعجَّب مِجدَّداً مِن تسمية كَاتِب الرِّسَالَةِ الله محور هذه الحفلة العظيمة وديَّان الجميع. فهو لا يشعر أنَّ هذا الاسم، في قمَّة تطوُّر العهد الجديد، يُخيفنا ويُرعبنا. الله يثبت قُدُّوْساً ويدين كلَّ خطيَّةٍ. وأولاده بدون خطيَّةٍ، لأنَّ دم ابنه طهَّرهم، وروحه قدَّسهم. ولا يرى أحدٌ اللهَ بدون قداسةٍ. لقد فهم أولاده الطِّلبة الأولى في الصَّلاَة الرَّبانية: "ليتقدَّس اسمك" وأتمّوها. فهم لهذا السَّبب غير مزعزعين مِن صورة الدَّيان، كما كان موسى وأعداء العهد القديم، بل يهتفون إلى أبيهم بتسابيح المحبَّة، لأنَّه قد أتمَّ فيهم ما طلبه سابقاً: "كونوا قدِّيسين لأنِّي أنا قُدُّوْس".

الصَّلَاة
أيها الثَّالُوْث الأَقْدَس، الآب والابْن والرُّوح القُدُس، نَسْجُدُ لَكَ لأنَّ محبَّتك ونعمتك وصبرك أوجدَت لنا مجداً يفوق العقول. وأنت تقودنا بصميم تأديبنا وتقديسنا إلى إماتة أنانيَّتنا لنعيش لك. اجذب كلَّ مدعوٍّ إلى شركتك، واحفظنا مِن الارتداد مهما كلَّف الأمر؛ فننتظر مجيء ابنك، ليقودنا في موكب نُصرته إلى ديارك السَّرمديَّة.
السُّؤَال
كيف يظهر إكمال العهد الجديد؟