Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
10- اثبتوا في المحبَّة الخالية مِن الطَّمَع
(13: 1- 6)
اَلأَصْحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ 1لِتَثْبُتِ الْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ.2لاَ تَنْسُوا إِضَافَةَ الْغُرَبَاءِ لأَِنْ بِهَا أَضَافَ أُنَاسٌ مَلاَئِكَة وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ.3اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي الْجَسَدِ.4لِيَكُنِ الزِّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ وَالْمَضْجَعُ غَيْرَ نَجِسٍ. وَأَمَّا الْعَاهِرُونَ وَالزُّنَاةُ فَسَيَدِينُهُمُ اللهُ.5لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ. كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ لأَِنَّهُ قَالَ لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ6حَتَّى إِنَّنَا نَقُولُ وَاثِقِينَ الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي إِنْسَانٌ


يؤكِّد الإِنْجِيْل لنا أنَّ القداسة تمتزج بالمحبَّة. فلا يجوز أن يظلَّ إيماننا نظريّاً، أو أن يقتصر على أبناء عشيرتنا فقط، لأنَّ المحبَّة والإيمان يشملان جميع أعضاء الكنيسة. فما هو الأهمُّ: الكنيسة أم العائلة؟ لا ريب أنَّ الوالدين والإخوة بحسب الجسد يموتون جميعاً، أمَّا الإخوة بحسب الروح فيبقون إِلَِى الأَبَدِ. وأبونا السَّماوي هو أبونا الحقيقيُّ الذي لا يُجرِّد أولاده مِن ارتباطات دمهم وعشيرتهم، ولكنَّه يقول لهم إنَّ عائلة الله تُفضَّل على العائلة الدُّنْيَوِية. فالعهد الجديد لا يُبطِل الوصيَّة "أكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ" ولكنَّه يضع بجانبها "أحبّ إخوتك في الرُّوح كما أحبَّك المسيح، لأنَّ فرح الخلاص يُوحِّدكم".
ليس المسيحيُّ انعزاليّاً، ولكنَّه يتوق إلى الشَّركة الأخويَّة. يفرح المؤمنون إذا زارهم مؤمنون آخرون، فيتحدَّثون ويُصلُّون معاً، ويُسرُّون بنموِّ مَلَكُوْت الله على الأرض. فلا نُفكِّر بمحيطنا الضَّيق فحسْب، بل لنجمع أخبار مَلَكُوْت الله، ونتعرَّف بالانتصارات التي يُحقِّقها المسيح اليوم بخلاص كثيرين وحفظهم. لذلك نحتاج إلى الاتِّصال المباشَر والدَّائم بخدَّام الرَّب؛ فافتح بيتك لهم، واشترك في حمل أثقالهم. لقد فتح إبراهيم ولوط وكثيرون غيرهم مِن المؤمنين بيوتهم لمَلاَئِكَة الله دون أن يَعلموا، فنالوا بركةً وحمايةً عظيمةً مِن خدمة المحبَّة هذه.
كان بعض أعضاء الكنيسة، على الأرجح، ما زالوا في السُّجون بسبب الاضْطِهَادات الماضية، فتعذَّبوا وجاعوا؛ ولذلك كان واجباً مقدَّساً على الكنيسة آنَذَاكَ ألاَّ تنسى هؤلاء المُبعَدين عن شركتها، بل أن تُصلِّي لأجلهم، وتُقدِّم لهم الطَّعام والكساء وتزورهم، ليشعروا بمحبَّة المسيح، ولا ييأسوا في ضيقهم. ففي يوم الدين سيرفض المسيح الأنانيِّين قائلاً لهم: "جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي، عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي، كُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تَأْوُونِي، عُرْيَانًا فَلَمْ تَكْسُونِي، مَرِيضًا وَمَحْبُوسًا فَلَمْ تَزُورُونِي." ففكِّر جيِّداً إنْ عرَفْتَ إنساناً متألِّماً في سبيل المسيح. صلِّ لأجله باستمرارٍ، لأنَّه جزءٌ مِن قلبك، وهو يتألَّم عوضاً عنك. إنَّ الشُّعور مع الآخرين، والتَّرفق والتَّفكير بالمساكين والرِّثاء لهم هو فريضة المسيحيِّين وقدرتهم، لأنَّهم لا يُفكِّرون بأنفسهم أوَّلاً، بل قد ارتبطوا بالمعذَّبين في أعماق قلوبهم حاملين معهم أثقالهم.
لا تتحقَّق المحبة الحقيقية خارج البيت فقط، بل تظهر أيضاً في الحياة الزَّوجية. فالمسيحيَّة لا تُقِرُّ إلاَّ زوجةً واحدةً فقط. أمَّا أشكال الزَّواج الأخرى خارج المسيحيَّة فهي غير مبنيَّةٍ على المحبِّة الحقيقيَّة، بل على الشَّهوات والغايات والأطماع. إنَّ الزواج بمعناه المسيحي هو شركة محبَّةٍ، وخضوع متبادَل، وتضحية مستمرَّة، وعطف ورثاء. وهو في روح المسيح وحدةٌ روحيَّةٌ وجسديَّةٌ، وشركةٌ في الصَّلاَة، واحتمالٌ لمصاعب الحياة. ومَن يتزوَّج أمام الرَّب يلتحم بقرينته حسب أمر الرَّب. فليس الزَّواج خطيَّةً أو نجاسةً، بل نعمة وهبة مِن الله.
أمَّا الذي يستغلُّ الزَّواج في سبيل الأنانية، أو يُقيم علاقاتٍ محرَّمةً خارج بيته، فهو فاجرٌ وزانٍ وخاطئ؛ لأنَّ مَن يجرح المحبَّة في زواجه، أو يُلوِّث الطَّهارة، يُناقض روح الله، ويحمل وزر إثمه في ضميره؛ وملايين الناس يجولون بضمائر مثقلةٍ، لأنَّهم يعيشون حياة الدَّعارة، ويغرقون في النَّجاسة. وهنا يَظهَر أحد امتيازات المسيحيَّة هو أنَّها تربط المحبَّة الحقيقية بالطَّهارة المقدَّسة، لأنَّ القداسة ممزوجةٌ بالمحبَّة دائماً. فالمسيحيُّون يشتركون أحياناً في كلِّ شيءٍ، عدا نسائهم طبعاً، فلا اشتراكيَّة فيهنَّ مطلقاً، لأنَّ نظام الخالق ينهانا عن ذلك. والله يدين جميع الزُّناة والفُجَّار واللوطيين والنَّجسين. والرُّوْح القُدُس لا يسمح لك بمُمارسة العادة السِّريَّة، بل يُربِّيك لتكون رجلاً مقدَّساً أو امرأةً مقدَّسةً، أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَِنْفُسِكُمْ؟ فاحفظوا أجسادكم لله أبداً، لأنَّه هو خالق الوحدة الزَّوجيَّة؛ وهو يدين كلَّ رجلٍ لا يُحبّ زوجته، وكلَّ زوجةٍ لا تُحبُّ زوجها، ولا تخدمه باستقامةٍ.
وإلى جانب المحبَّة والطَّهارة، نجد علامةً ثالثةً يُعرَف بها المسيحيُّ الحقيقي، وهي علاقته بالمال. فالوَاعِظ لا يقترح علينا أن نكون فقراء كسالى نجمع معيشتنا باستدرار عطف الآخرين وشفقتهم علينا، لأنَّ المؤمن الحقيقي مجتهدٌ في مهنته، ويكسب معيشته بطريقةٍ مستقيمةٍ؛ ولكنَّه متحرِّرٌ مِن الطَّمع، ويملك أملاك الدُّنيا وكأنَّه لا ليس مالكها، ويتصرَّف كوكيلٍ كأنَّ الله هو المالك. لا يحزن المؤمن إذا فقد أمواله، لأنَّ هدفه ليس دنيويّاً بل سماويّاً.
فهو قنوعٌ مكتفٍ بما عنده. لا يُغيِّر مهنته دائماً، بل يستقرُّ فيها حسب دعوة الله. وليست غايته كسب معاشٍ عالٍ، بل انتظار المسيح. فيحفظ نفسه مِن السّكر والبطر والثَّراء، لأنَّ قاصد الثَّراء ساقطٌ لا محالة حتَّى وإن ثبت مستقيماً في إرثه الرُّوحي، رغم غناه المادِّي، وغرور غناه قد يُفسد أولاده أيضاً في المستقبل، فيستكبرون ويكسلون ويسترخون. وهكذا الشَّعوب الثَّرية أيضاً تنهار عندما تبلغ قمَّة الثَّروة. إنَّنا نصلِّي إلى الله قائلين: "خبزنا كفافنا أعطنا اليوم" عالمين أنَّ صحَّتنا وطاقتنا العمليَّة وإمكانيَّة اكتسابنا ليست منَّا، بل هي هبةٌ مِن الرَّب، كما أنَّ أملاكنا وأموالنا ليست بالحقيقة لنا، بل هي مِن الرَّب وله دائماً. فهو يعتني بنا لأنَّه يُحبُّنا. ونحتاج في الأمور الماليَّة والمهنيَّة إلى ثقةٍ وحكمةٍ، كيلا نهتمّ بمتاعب المستقبل مهتمِّين بما نجمع وبما نحصد، بل نتَّكل الاتِّكال كلَّه على يسوع، ونشتغل فِيْ الوَقْتِ نَفْسِهِ باجتهادٍ وجهدٍ وتعبٍ.
وعلينا عندما نشيخ أو نمرض أو نُضطهَد أن ننظر إلى يسوع أكثر، لأنَّه هو رئيس الإيمان ومكمِّله، وهو مستعدٌّ لمساعدتنا في السَّاعات الصَّعبة مِن حياتنا. يقول الرَّب: "لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ. أحرسُك كحَدَقة عَيني. أحبُّك. أنا مُعِيْنُكَ. لا تخَفْ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ."

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ، نَشْكُرُكَ لأنَّك المحبَّة. لقد زرتَ المرضى وشفيتَهم، ودخلتَ سجن خطايانا وأطلقتَنا إلى حياة المحبَّة والعفَّة والتَّضحية. سَاعِدْنَا عَلَى ألاَّ نكتفي بالإيمان النَّظري، بل أن نتبعك في حياتنا، ونسلك حسب روحك القُدُّوْس. بارك كلَّ مَن يتألَّم لأجل اسمك أو يجوع أو ينعزل، غير عالمٍ كيف يعيش غداً. عزِّه وثبِّت يقينه بأنَّك معه كلَّ الأيَّام إلى نهاية حياته.
السُّؤَال
ما هي الفضائل الثَّلاث البارزة في المسيحيَّة؟