Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
13:10لَنَا مَذْبَحٌ لاَ سُلْطَانَ لِلَّذِينَ يَخْدِمُونَ الْمَسْكِنَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ.11فَإِنَّ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي يُدْخَلُ بِدَمِهَا عَنِ الْخَطِيَّةِ إِلَى الأَقْدَاسِ بِيَدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ تُحْرَقُ أَجْسَامُهَا خَارِجَ الْمَحَلَّةِ.12لِذَلِكَ يَسُوعُ أَيْضًا لِكَي يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ.13فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ.14لأَِنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ لَكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ.15فَلْنُقَدِّمْ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ لِلَّهِ ذَبِيحَةَ التَّسْبِيحِ أَيْ ثَمَرَ شِفَاهٍ مُعْتَرِفَةٍ بِاسْمِهِ.


يتفرَّد المسيحيُّون بغذاءٍ لا يعرفه الآخَرون، ولا يحقُّ لغيرهم أن يشتركوا فيه. فما هو هذا الغذاء الذي يتفرَّد به المسيحيُّون دون غيرهم مِن سائر البشَر؟ إنَّه جسد ابن الله ودمه القُدُّوْس. لقد بذل ابن الله ذاته على الصَّلِيْب الذي أضحى مذبح الله الفريد حيث ضحَّى بنفسه عن البشريَّة جمعاء. ومنذ هذه الذَّبيحة على الجُلْجُثَة لم تعُد ثمَّة حاجةٌ إلى أيِّ ذبيحةٍ أخرى، أو مذبحٍ آخَر؛ لأنَّ المسيح قد أكمل الخلاص نهائيّاً.
لم يستحقّ كهنة العهد القديم أكل جسد المسيح، لأنَّهم قدَّموا، رغم ذبيحته الكاملة، ذبائح حيوانيَّةً؛ فأهانوا بذلك مصالحته، كأنَّما ذبيحته لم تكُن كافيةً، فاحتاجوا إلى ذبائح أخرى بجانبها.
لا يحقُّ لجميع النَّاس أن يشتركوا في العشاء الرَّباني. وعلى مَن لا يستطيع أن يُميِّز جسد الرَّب، أن يمتحن نفسه امتحاناً عسيراً، كيلا يضرَّ باشتراكه في ذبيحة ابن الله. ولا يتوقَّف هذا الاستحقاق على خلوِّ الإنسان مِن الذُّنوب، بل عكس ذلك، لأنَّ العشاء الرَّباني معَدٌّ للخطاة الذين اعترفوا بخطاياهم، وندموا عليها، وتابوا توبةً حقيقيَّةً، طالبين بالإيمان تطهير ضمائرهم بدم حَمَل اللهِ. فيحقُّ لمَن يَقبل المسيح مخلِّصاً شخصيّاً أن يشترك في العشاء الرَّباني. واستحقاقنا لا يتوقَّف على سلوكنا المثاليِّ، بل على ارتباطنا الإيماني بالمسيح، ورفضنا جميع التَّعاليم غير المسيحيَّة.
يذكر كَاتِب الرِّسَالَةِ مرَّةً أخرى يوم الكفَّارة العظيم، حين كان رئيس الكهنة يحمل دم الذَّبيحة إلى قدس الأقداس، بينما كان جسد الذَّبيحة يُحرَق خارج أسوار المدينة. ويرى الوَاعِظ في هذا النِّظام دليلاً على موت المسيح الذي لم يُذبَح في الهيكل، بل في مكان العار، مطروداً خارج أسوار المدينة. وهو سفَك دمه رغم هذا العار، وتقدَّم إلى الله بدمه ليُقدِّس أهل مَلَكُوْته. وبموافقته على طرده خرج، فِيْ الوَقْتِ نَفْسِهِ، مِن رحاب العهد القديم، وتألَّم مطروداً مِن شعب العهد خارج أمَّته. وهكذا أنزل كَاتِب الرِّسَالَةِ الضَّربة الأخيرة على مَن فكَّروا في الارتداد إلى العهد القديم، قائلاً: "لنتبع المسيح ونخرج مِن محيط النَّاموس، ونعِش في العار والاحتقار، بانين رجاءنا على شركة ذبيحة المسيح وحدها. فلا الصَّلوات ولا التَّقدمات ولا الحجُّ ولا الختان ولا الأعمال البشريَّة الأخرى تُخلِّصنا. لا خلاص لنا إلاَّ بنعمة المسيح التي بدأ سريانها بِوَاسِطَةِ ذبيحته. هكذا حَسِبَ بولس جميع الأَشْيَاءِ نُفَايَةً لكي يَبلُغَ قيامة المسيح.
ونحن أيضاً نحتاج مرَّةً تلو الأخرى إلى شجاعةٍ لنتسوَّر الحصون المحيطة بنا بعيداً عن أفكار المجتمع وتقاليده، فنترك مقتضيات بيئتنا، ونوافق على أنَّنا غرباء ونزلاء في دنيانا. فلا مدينة ولا قرية جديرةٌ باحتمال المسيحيِّين على الدَّوام، لأنَّهم مِن السَّماء، أمَّا الآخرون فهم مِن الأرض. نحن مدعوُّون مِن الله إلى الاستعداد لدخول أورشليم السَّماوية، المدينة المقدَّسة المبنيَّة ليس بحجارةٍ بل بالرُّوح، وبيد الرَّب نفسه. فلا تنسَ أنَّك، إن كنتَ تخصُّ المسيح, غريبٌ في العالم. لا تحاول أبداً أن تمزج العالم بالسَّماء مزجاً دنيويّاً سياسيّاً، لأنَّ روح الله قد حلَّ فيك وقدَّسَك. فاطلب أناساً مثلك قد التقَوا الله واشتركوا في الخروج مِن عبوديَّة الخطيَّة إلى حرِّية أولاد الله.
وبانتصار المسيح هذا لا نكون مِن المتذمِّرين أو المتشوِّقين إلى طناجر اللَّحم في هذا العالم، بل نمشي ونرحل وسط براري كوننا، مقدِّمين لله تسابيح الحمد لأجل نعمته في المسيح. فالشُّكر هو شعار المؤمنين. لقد أصبحنا أغنياء في الله نعيش إِلَِى الأَبَدِ، ونظلُّ متحرِّرين مِن الخطية، ولنا سلامٌ مع الله، حاملين قوَّته فينا، وهو يحمينا ليلاً نهاراً ويُرافقنا؛ وقد منحنا رجاءً عظيماً في الحياة الأبديَّة. أليس عندنا مليون سبب لنشكره؟ أليس حقّاً أن تصير حياتنا كلُّها حمداً لنعمته؟
قال يسوع: "مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ الْفَمُ". فهل تُكلِّم الآخرين عن المسيح المخلِّص الكاهن العظيم؟ هل تحبُّه؟ إنَّ العروس التي لا تُفكِّر بعريسها ليست بعروسٍ.
يظهر نشاط محبَّتك للمسيح في شهادتك لاسمه أمام زملائك. مستحيلٌ أن تُخفي اسم مَن خلَّصَك. فالمخلَّصون يُصبحون مخلِّصين للآخرين شُكراً لخلاصهم، ولا ينعزلون عن الناس أو يحتقرونهم، بل إنَّ محبَّة الله تُرجعهم إلى دنيانا الشِّريرة ليخدموا الآخرين محبَّةً بالفادي العظيم. فمتى تبدأ بالصَّلاَة طالباً إلى المسيح أن يمنحك الكلمات الحكيمة التي تقود أناساً آخرين إلى حياة الله؟

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ، نَشْكُرُكَ لأنَّك أتيتَ إلى عالمنا الشِّرير ومنحتَنا روحك القُدُّوْس. امكث معنا، وسَاعِدْنَا عَلَى أن نترك روح مجتمعنا، فلا نحبّ العالم، بل نطلب مدينتك الرُّوحية المستقبلة. علِّمْنا أن نحمل عارك، واملأ شفاهنا بتسابيح الحمد كي نَشْكُرُكَ ليلاً نهاراً، ونعترف باسمك بفرحٍ ومجاهرةٍ أمام جميع الناس الذي يُرشدنا روحك النَّشيط إليهم. أعطنا الشَّجاعة والجرأة على الشَّهادة شكراً لموتك عنَّا.
السُّؤَال
لماذا تصير حياتنا شكراً وشهادةً رغم اشتراكنا في عار المسيح؟