Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
13:9لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَوِّعَةٍ وَغَرِيبَةٍ لأَِنَّهُ حَسَنٌ أَنْ يُثَبَّتَ الْقَلْبُ بِالنِّعْمَةِ لاَ بِأَطْعِمَةٍ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا الَّذِينَ تَعَاطَوْهَا.


إنَّ يسوع المسيح هو ابن الله الذي تجسَّد ليموت عوضاً عنَّا على الصَّلِيْب. فصالحنا مع الله، وغلب الشَّيطان والموت، وقام ظافراً مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، وصعد إلى السَّماء، وجلس عن يمين أبيه، وهو يشفع فينا مرسلاً روحه القُدُّوْس إلى قلوب أتباعه، وسيأتي عن قريبٍ ليُقِيم مملكة محبَّته على أرضنا الخربة.
هذه الحقائق هي لبُّ التَّعليم المسيحي. ومَن يُنكر أحد هذه الأركان، أو يعتقد أنَّ أيَّ أمرٍ آخَر غيرها هو أهمُّ منها، يسلب يسوع كرامته. فالإنسان لا يتقدَّس بالوحي غير الإلهي، ولا بالأحاديث الملفَّقة، ولا بممارسة الطُّقوس والشَّعائر، ولا بحفظ التَّقاليد، ولا بتكريم القِدِّيْسِيْنَ والمَلاَئِكَة، ولا بتأليه العذراء، ولا بالأعمال الصَّالحة، ولا بالصَّلوات الطَّويلة والأدعية المحفوظة والمكرَّرة، ولا بالصَّوم، ولا بالتَّوبة، ولا بالحجِّ، ولا بالامتناع عن بعض الأطعمة والأشربة والممارسات الأخرى، ولا بحفظ الأعياد. لا يتقدَّس الإنسان إلاَّ بالإيمان بِيَسُوْعَ المسيح مخلِّصاً وشفيعاً وحيداً عِنْدَ الآبِ، وقبول الرَّش بدمه. وإذ ذاك يخلص الإنسان، وينال الكمال مجَّاناً.
ومَن يُعلِّم الناس أنَّ أيَّ ناموسٍ أو تقوى أو اجتهادٍ إنسانيٍّ يُدخِل القداسة إلى حياتنا، لا يُدرك أنَّ الإنسان شرِّيرٌ منذ حداثته، ومحكومٌ عليه بغضب الله. إنَّنا لا نستطيع أن نعمل عملاً صالحاً مِن تلقاء أنفسنا، كما قال بولس: "فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ أَيْ فِي جَسَدِي شَيْءٌ صَالِحٌ، لأَِنَّ الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ. لأَِنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ بَلِ الشَّرُّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ."
ويلٌ للمضِلِّين الذين يحاولون إصلاح الإنسان بالطُّقوس والوضوءات والملابس المعيَّنة والتَّرانيم والعبادات الظَّاهرية، فهؤلاء يمثِّلون المسحاء الكذبة الذين لا يأتون بالخلاص الوحيد، بل ينفثون سمومهم في الإنسان النَّجِس كأنَّما يمكن أن ينبع منه شيءٌ صالحٌ.
ويلٌ لجميع معلِّمي الثَّقافة الذين يحاولون تهذيب الإنسان بآداب العالم وأشعاره وفلسفاته، لأنَّ هذه المحاولات كلَّها باطلةٌ وخدَّاعةٌ. فالإنسان شرِّيرٌ في أعماقه. اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ, مَنْ يَعْرِفُهُ؟ وأفكار المضِلِّين مبنيَّةٌ دائماً على الكذب والوعود المعسولة والآمال البرَّاقة، لأنَّها تُبشِّر بالإنسان الصَّالح القادر وحده أن يفدي نفسه بنفسه. هذا غرورٌ وجهلٌ مُطْبِقٌ، لأنَّنا جميعاً ضالُّون، وغير قادرين على إصلاح أنفسنا بأنفسنا. ولا رجاء لإصلاح الإنسان وتهذيبه وتقويمه وتخليصه إلاَّ بنعمة يسوع المسيح الذي هو المخلِّص الوحيد.
الله قُدُّوْس، وقداسته تقتضي منه أن يديننا. ولكنَّ هذا الديَّان القُدُّوْس العادل هو فِيْ الوَقْتِ نَفْسِهِ المحبَّة التي عزمت على غفران خطايانا كلِّها. فهو لأجل عدله لا يغفر لنا كما يشاء لأنَّ برَّه يطلب معاقبتنا وإهلاكنا. لقد انحنى الله إلينا في ابنه الذي حمل موتنا ودينونتنا لكي نتحرَّر ونتبرَّر ونعيش. ففي ذبيحة المسيح تظهر النِّعمة كلُّها. والصَّلِيْب هو المذبح العظيم الذي ذُبح عليه حَمَل اللهِ لأجل العالم.
لا يستحقُّ إنسانٌ النِّعمة، فهي هبةٌ إلهيَّةٌ. وقد ولدنا المسيح ثانيةً في سبيل النِّعمة منذ حمل خطايانا، فلا حقّ لنا بالبركة والقوَّة والرَّحمة مِن ذواتنا. ولكنَّ الله رحمنا، وما أعماله كلُّها في حياتنا سوى إحسان ونعمة ننالهما لأجل موت يسوع. إنَّ كلَّ تنهُّدةٍ نعمةٌ، وكلّ فتاتةٍٍ هبةٌ، وكلَّ نقطة أو جرعة ماءٍ بركةٌ نابعةٌ مباشرةٌ مِن موت يسوع. فنحن جميعاً عائشون مِن نعمة المسيح ورحمته العظيمة.
والذي يتحرَّر مِن الإيمان بالذَّات، ملقياً رجاءه التَّام على النِّعمة، يَثبُت في الله. لذلك لا تَمِلْ إلى تعاليم الإصلاح التي تأتيك مِن البشر، ولا تِبْنِ مستقبلك على قدراتك الشَّخصية، بل على الله لأنَّه هو ينبوع الحياة، والمسيح المصلوب هو الباب الذي يسكب الله رحمته منه على الأرض. اثبُتْ في الصَّلِيْب، واعتبر نفسَِِك مصلوباً مع المسيح لكي يحيا هو فيك. فإنْ متَّ عن ذاتك، وعاش ربُّك فيك، تَثبت في النِّعمة، فلا تخاف مِن الموت أو المرض أو العذاب، ولا مِن غضب الله ودينونته، بل يثبت المسيح فيك، ويُطوِّر برَّه وقواه في حياتك بالنِّعمة.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ، نَشْكُرُكَ لأنَّك أنت وسيط جميع النِّعَم الإلهيَّة، وبدونك لا نجِد بِرّاً أمام الله. جميعنا خطاةٌ؛ أمَّا أنت فقد قدَّستَنا، ولأجل ذبيحتك يُحبُّك الله. املأْنا بنعمتك كي ننسى أنفسنا، ونثبت في صليبك، وننقل نعمك إلى الآخَرين. مِن ملئك أخَذنا، ونعمةً فوق نعمةٍ.
السُّؤَال
ما هو لبُّ جميع التَّعاليم الخاطئة، وما هو معنى "النِّعمة"؟