Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
2- انتبهوا، ولا تُهمِلوا الخلاصَ العظيمَ
(2: 1- 8)
اَلأَصْحَاحُ الثَّانِي 1لِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ نَتَنَبَّهَ أَكْثَرَ إِلَى مَا سَمِعْنَا لِئَلاَّ نَفُوتَهُ.2لأَِنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْكَلِمَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ صَارَتْ ثَابِتَةً وَكُلُّ تَعَدٍّ وَمَعْصِيَةٍ نَالَ مُجَازَاةً عَادِلَةً3فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصًا هَذَا مِقْدَارُهُ قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا4شَاهِدًا اللهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوْحِ القُدُسِ حَسَبَ إِرَادَتِهِ


هل أدركتَ مجد ابن الله وعظَمته المُعلنَين في الأصحاح الأوَّل؟ وهل تحمَّست ليسوع وتأثَّرت به، أم بقيتَ مُهمِلاً، فنسيت في اليوم التَّالي صفاته؟ هل قادتكَ المعارف الجديدة إلى ضبط إيمانك، فاستسلمتَ تماماً إلى مقاصد المسيح، وثبتَّ فيه واثقاً بإرشاده، عالماً أنَّه يُدبِّر العالم، ويُكمل خلاصك وخلاص جميع المؤمنين، لأنَّه إلهٌ حَقٌّ ومُهيمِنٌ على كلِّ شيءٍ؟
يؤكِّد كَاتِب هَذِهِ الرِّسَالَةِ علينا وجوب سماع كلِّ كلمةٍ مِن كلمات ابن الله بمنتهى الدِّقَّة، وحفظ أسمائه وصفاته غيباً، كيلا نفقد صورته في أعيُن قلوبنا، ولا يضمحلّ ملء مجده مِن ذاكرتنا؛ فمشاكل الحياة تُهاجمنا محاولةً طمس سموِّ معرفة يسوع فينا، فاثبُت في ابن العليِّ، لأنَّه ربُّك ومُخلِّصك لا سواه.
وبعد هذا التَّحذير، يُرينا مؤلِّف هذه العظة الفريدة لماذا قارن، في الأصحاحِ الأوَّل، المَلاَئِكَة بابن الله. فجميع اليهود في زمن يسوع كانوا يعلمون أنَّ التَّوْرَاة لم تأتِ مباشرةً مِن الله، بل بترتيب مَلاَئِكَة، كما أعلن استيفانوس وبولس جهراً (أَعْمَال الرُّسُلِ 7: 38، 53؛ غلاطية 3: 19). وقد أُعطيت الشَّرِيْعَة لموسى وسط ضجيج بركان حوريب على جبل سيناء، والرُّعود والبروق والسَّحاب الثَّقيل والدُّخان واهتزاز الأرض. هكذا سلَّم خدَّام الرَّب لموسى الشَّرِيْعَة التي تُنظِّم الحياة، وتقودنا فِيْ الوَقْتِ نَفْسِهِ إلى الهلاك، لأنَّ أحكامها أصبحت سارية المفعول، والذي يتجاوز وصيَّةً واحدةً مِن وصاياها، سواء عمداً أو عن غير عمدٍ، يستوجب القصاص الصَّارم، أو الهلاك بغضب الله. فكلُّ خطيَّةٍ، صغيرةً كانت أو كبيرةً، تديننا لأنَّ الله يقول: "كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَِنِّي أَنَا قُدُّوْس". لذلك تسكب الشَّرِيْعَة الصَّالحة علينا اليأس والهلاك، لأن ليس إنسانٌ قدِّيساً مِن تلقاء نفسه.
أمَّا الآن فقد أعلن الله لنا كلمةً جديدةً، ليس بِوَاسِطَةِ خدَّامه المَلاَئِكَة المخلوقة، بل بِوَاسِطَةِ ابنه الأزلي الذي بشَّرنا بإِنْجِيْل الخلاص شخصيّاً. وهذه الحقيقة هي غاية الأصحاح الأوَّل الذي يُبرز سموَّ جلال يسوع بالنِّسبة إلى المَلاَئِكَة، كي نُدرك أنَّ العهد الجديد يفوق بعظَمته العهد القديم بقَدْر ما يفوق الابن بعظَمته المَلاَئِكَة المخلوقة السَّاجدة له. لقد أراد الكَاتِب جَذْبَ مستمعيه مِِن العهد القديم الذي يستمرُّ تطبيقه على شعب العهد، كي يُثبِّتهم في الخلاص الجديد.
ويدلُّ الكَاتِب قرَّاءه على مَسْؤُوْليَّتهم الكبرى، لأنَّه إنْ كان تَجاوُزُ شريعة العهد القديم يستوجب الموت، فكم بالحريِّ يستوجب إهمال خلاص العهد الجديد هلاكاً أعظم، لا سيَّما وأنَّ ابن الله قد تَعِب شخصيّاً لأجل فدائنا؟ لذلك يَنْبَغِي لنا أن نستجيب لمحبَّته ونَقبل خلاصه، فلا نهلك أنفسنا بأنفسنا، لأنَّ عظمة الوحي تُناسب عظمة الدَّيْنُوْنَة في حال رفضه.
لم يُفسِّر الرَّسول لنا مباشرةً ما هو خلاصنا الكبير، بل دلَّنا على شهودٍ ثلاثةٍ يكفلونه:
1- الرَّب يسوع نفسه الذي أعلن العصر الجديد، ودعانا إلى العهد مع الله.
2- الرُّسل الكرام الذين كانوا شهود العيان، فسمعوا كلام يسوع، وسجَّلوا إعلاناته، وحفظوها غيباً، وزرعوا كلامه في قلوب النَّاس الجائعين إلى الخلاص. وبهذه الكلمات يُثبت الكَاتِب أنَّه لم يكن شخصيّاً رسولاً، ولا شاهد عيانٍ ليسوع، بل واحداً مِن أتباع الرُّسل قد نال الإيمان مِن شهادتهم.
3- الله نفسه الذي منح المؤمنين بالمسيح روحَه القُدُّوْس ومواهبه الغزيرة، ليس لمرَّةٍ واحدةٍ فقط، بل مراراً بانسكاب مواهبه حسب مسرَّته، حتَّى جرت العادة في الجيل الثَّاني للكنيسة على عمل عجائب وشفاءات وآيات تدلّ على سلطان المسيح العامل في المؤمنين. وهذه الحقائق تُخجلنا اليوم، وتدلُّنا على قلَّة محبَّتنا لله والنَّاس، لأنَّ الرُّوْح القُدُس لا يَعمل فينا بكلِّ قدرته. ولكن حيثما تَعظم محبَّة الله فينا، نَطلب ما نشاء، والمسيح يمنحنا إيَّاه، كي يكتمل فرحه فينا. وهذه الطِّلبات لا تكون مبنيَّةً على الأنانية، أو وصفاً لضيقاتنا الخاصَّة، بل اهتماماتٍ بالإخوة وخلاصهم، ونشراً لمَلَكُوْت الله. ادرس الطّلبات الثَّلاث الأولى في الصَّلاَة الرَّبانية، وتدرَّب عليها، فتختبر عجائب الرُّوْح القُدُس حولك وفيك.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الآبُ السَّماويُّ، نطلب غفران أنانيَّتنا واهتمامنا الزَّائد بأمورنا الدُّنْيَوِيَّة. علِّمنا أن نُقدِّس اسمَك، واملأ نفوسنا شوقاً لنشر مَلَكُوْتك، وأرسلنا لممارسة المحبَّة على الأرض كما تشاء. اقبَلنا في ضعفنا، ولا ترفضنا مِن خلاص ابنك، كي نمجِّده بشهادتنا أمام جميع الذين لا يعرفونه.
السُّؤَال
لماذا كان العهد الجديد أعلى مِن العهد القديم، وكيف تختلف عقوبة التَّعدِّي على النَّاموس بالنِّسبة إلى إهمال الخلاص؟