Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
2:5فَإِنَّهُ لِمَلاَئِكَةٍ لَمْ يُخْضِعِ الْعَالَمَ الْعَتِيدَ الَّذِي نَتَكَلَّمُ عَنْهُ.6لَكِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ فِي مَوْضِعٍ قَائِلاً مَا هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ أَوِ ابْنُ الإِنْسَانِ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ.7وَضَعْتَهُ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ. بِمَجْدٍ وَكَرَامَةٍ كَلَّلْتَهُ وَأَقَمْتَهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ.8أَخْضَعْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. لأَِنَّهُ إِذْ أَخْضَعَ الْكُلَّ لَهُ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا غَيْرَ خَاضِعٍ لَهُ.


ما هو العالم العتيد أن يأتي؟ إنَّه يحتوي على الخلاص الكامل الذي أشرق بابن الله وأعماله وأقواله. فعالمنا الحاضر فاسدٌ ولا حقَّ له بالاستمرار. أمَّا في مجيء المسيح الثَّاني، فيبتدئ تجديد عالمنا بمقدارٍ أعظم ممَّا يُمكننا تصوُّره بتفكيرنا التِّكنولوجي المحدود. إنَّنا، نحن البشر، نلوِّث المياه، ونملأ الهواء بالغبار، ونُسبِّب زيادة النَّسل على الأرض، ونقدر أيضاً أن نمحو الحياة على الأرض بالقنابل الذَّرية والجراثيم والسُّموم القاتلة. فهذا ما يستطيع الإنسان عمله: الخراب والهلاك. أمَّا المسيح فهو المخلِّص الذي يُنجِّي ويَبني ويُجدِّد خالقاً عالَماً جديداً يَسكن فيه الحقُّ والبِرُّ. إنَّ هذه السَّماء الجديدة وهذه الأرض الجديدة هما نهاية تطوُّر الخلاص الطَّويل الذي نجده في أربع عشرة مرحلة:
1- ابتدأ بمسرَّة الآب.
2- ظهر في خلق عالمنا الحاضر.
3- لم تنتهِ غايته بسقوط الإنسان في الخطيَّة والموت.
4- بل ظهر مجدَّداً في تواضع ابن الله الذي أصبح إنساناً، وبدا لمدَّةٍ أصغر مِن الملائكة.
5- ودعا جميع الخطاة إلى التَّوبة، فأشرق مِن عجائبه العالَمُ الجديدُ.
6- تطوَّع للموت عوضاً عنَّا لِيُخلِّصنا مِن غضب الله.
7- وبقيامته غلب الموت وحرَّرَنا مِن خوف الشَّبَح الحاصد.
8- ورجع إلى الله مستلماً سلطانه السَّابق كلَّه، ولابساً المجد الأصليَّ.
9- وسكب الروح القدس على المؤمنين به عربوناً للعالم الجديد العتيد أن يأتي.
10- وينتشر اليومَ ملكوتُه في المختارين مِن جميع الشُّعوب الذين قبلوا الخلاص وأصبحوا أولاداً للهِ.
11- وهُم يتقدَّسون في المحبَّة والصَّبر، ويصبرون في الاضْطِهَادات والضِّيقات العالميَّة.
12- وسيظهر المجد العظيم بمجيء المسيح الثَّاني؛ وعِنْدَئِذٍ يقوم الأموات في الرَّب.
13- وهو يملك على الأرض البائسة بتغيُّراتٍ طبيعيَّةٍ عميقةٍ.
14- وأخيراً نرى أرضاً جديدةً وسماءً جديدةً حيث يسكن الله مع أولاده وعائلته السَّماويَّة الرُّوحيَّة.
ليس الصَّلِيْب هو الخلاص الكامل، بل هو مفتاحه وأساسه الشَّرعي. فبدون المصلوب لا ينال أحدٌ الخلاص. فهدف مسرَّة الله هو تجديد الخلق كلِّه حسب الكلمة: "طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَِنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ". والخلاص لا يَقصد تجديدنا الشَّخصي فقط، بل يشمل الجميع. فإمَّا أن يصير الإنسان شيطانيّاً أو إلهيّاً؛ إمَّا أن نستسلم كلِّياً لخلاص المسيح ونتصفَّى بروحه أو أن نسقط في عبوديَّة عدوِّ الله. فالغاية في التَّاريخ الإلهيِّ هي أن يخضع كلُّ إنسانٍ وكذلك الخليقة جمعاء ليسوع، وأن يخلصوا بِوَاسِطَةِ هذا الخضوع، وإلاَّ وضع الله أضداد ابنه فريسةً أمام عرشه، كأنَّ الشَّيطان وأتباعه لا شيء إلاَّ ثوَّار مساكين لم يُدركوا منذ البداية أنَّ الملك الذي يثورون عليه أقوى منهم بما لا يُقاس، وهم لم يرَوا هذه الحقيقة بسبب استكبارهم.
لقد فسَّر كَاتِب الرِّسَالَةِ المزمور 8 لتوضيح خطَّة خلاص الله المتبلورة في المسيح. وعَلَى الرَّغْمِ مِن أنَّ هذا المزمور كُتِب لوصف الإنسان عامَّةً، أعلن الرُّوْح القُدُس للكاتب، بِوَاسِطَةِ كلمات المزمور، التَّحرُّكات الهامَّة في السَّماء لأجل إنقاذ النَّاس. فالله وضع ابنه مدَّةً مِن الزَّمن دون المَلاَئِكَة؛ وبهذا الموضوع نصل إلى الفقرة الثَّانية في الرِّسَالَة إلى العِبْرَانِيِّيْنَ التي تُوضح لنا ابن الله كابن الإنسان المتألِّم الفقير. فتواضُع يسوع هو الطرَّيق الوحيدة لخلق البشر الجديد، وهو في ذاته الإنسان الجديد الأوَّل حسب صورة الله، مبتدئ جيلٍ جديدٍ يُرضي الآب ويُقدِّس اسمه.
وخضوع يسوع الطَّوعيُّ لخطَّة الله، وإخلاء نفسه كُلِّيّاً سبَّبا أعلى ارتفاعٍ له، حتَّى وضع الآب الكُلَّ تحت قدمي الابن لأجل إنكاره ذاتَه (1 كُوْرِنْثُوْس 15: 25- 27؛ أَفَسُس 1: 20- 22؛ يُوْحَنَّا 17: 2). فلسنا نحن مَن نُسلِّم أنفسنا للابن أوَّلاً، بل الله قد وهبنا له، لأنَّه اشترانا مِن خطايانا. فأعطاه الآب جميع النَّاس والحيوانات والنَّباتات وملايين النُّجوم والأرواح مكافأةً له على فدائه المجيد الذي أوجده بِوَاسِطَةِ تواضعه. فليس جلال ابن الله هو الذي يُعلن لنا برَّ المسيح، بل إنسانيَّته المحتقَرة توضِح لنا ذلك.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، نسجد ونستسلم لك بعزيمةٍ صادقةٍ إلى الزَّمن والأبد. ونَشْكُرُكَ لأنَّك قبِلْتنا رغم خطايانا وأصلنا الدَّنس. قدِّسْنَا إِلَى التَّمَامِ كي ننسجم مع مشيئتك الخلاصيَّة، ونتواضع كلِّيّاً لإرضائك، ونشترك في نشر الخلاص كي يُدركك الجميع في محبَّتك الأبديَّة.
السُّؤَال
لماذا أصبح ابنُ الله المجيد ابنَ الإنسان البسيط؟