Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
اَلأَصْحَاحُ الرَّابِعُ 1فَلْنَخَفْ أَنَّهُ مَعَ بَقَاءِ وَعْدٍ بِالدُّخُولِ إِلَى رَاحَتِهِ يُرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ أَنَّهُ قَدْ خَابَ مِنْهُ.2لأَِنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا قَدْ بُشِّرْنَا كَمَا أُولَئِكَ لَكِنْ لَمْ تَنْفَعْ كَلِمَةُ الْخَبَرِ أُولَئِكَ إِذْ لَمْ تَكُنْ مُمْتَزِجَةً بِالإِيمَانِ فِي الَّذِينَ سَمِعُوا.


العالم مضطربٌ، وليس سلامٌ للأشرار. وما دام الإنسان لا ينال الخلاص إلاَّ مِن الله، فلا يجد ضميره راحةً البتَّة. وحيث يعيش المجتمع بدون الرَّب، تُصبح الحياة سريعةً ومُريعةً، ويتمُّ في جيلنا المثل القائل: "العَجَلَة مِن الشَّيطان". فالجميع يركضون خلف المال، والذي يحصل على الثَّروة يُسافر بعيداً ليَطلب ما لا يَجِده، وهو الله الذي فقدَه مِن زمانٍ.
إنَّ المطلَب الحقيقيَّ لقلب كلِّ إنسانٍ هو الله؛ فلا نجد راحةً تامَّةً إلاَّ إذا ثَبَتْنا في ربِّنا العظيم. لقد ظهرت وحدةٌ غير منقسمةٍ بين الله والنَّاس أوَّل ما خلقهم، وزار الله بوجهٍ مكشوفٍ مخلوقاته. ونحن لا نحصل على الرَّاحة إلاَّ إذا سكن الله مع مخلوقاته مرَّةً أخرى. فمجيء المسيح وانسكاب الرُّوْح القُدُس هو التَّمهيد الأكيد لتحقيق شفاء العالم الذي ننتظره.
ويؤكِّد كَاتِب الرِّسَالَةِ لنا أنَّ هذا الوعد لم يتمّ بعد، ولكنَّه متحقِّقٌ وآتٍ بالتَّأكيد. فيَنْبَغِي أن نشكر الرَّب لهذا الوعد، ونتَّجه حسب قصده، لأنَّ راحته هي خلاصة سلطانه وقُدرته. لا يستطيع موتٌ أو ضيقٌ أو خوفٌ أن يُزعزع الله، وعصمته مبنيَّةٌ على قداسته، وبصيرته التَّاريخيَّة رتَّبَت جميع الأسئلة مسبقاً. وصليب الابن قد طهَّر العالم، ومواهب الله ودينوناته تجري بلا عجلَةٍ حسب خطَّة خلاصه المتطوِّرة تدريجيّاً.
وإذ نقف اليوم وسط التَّجارب المحدقة، ينهال سوط ضآلة الوقت وسرعة عبوره على أعصابنا، فنحتاج إلى تعلُّم الخوف مِن جديدٍ، ليس الخوف مِن الموت أو الخطيَّة أو الشَّيطان أو الحرب، بل الخوف مِن الله، ومِن إمكانيَّة إهماله وبالتَّالي عدم دخول فرح بهاء راحته. وهذا هو أكبر خطرٍ في حياة الإنسان أن يُخطئ مسيره إلى الله ورحابه، فيضلّ إِلَِى الأَبَدِ.
نال اليهود في البرِّية الوعد بالدُّخول إلى الرَّاحة. ولكنَّهم نسوا هذا الوعد، ولم يؤمنوا به بسبب المصاعب التي أثقلَت كواهلهم. أمَّا نحن فقد سمعنا بمجيء المسيح الثَّاني في المجد والبهاء، ولكنَّ المخاوف والمشاكل والضِّيقات تتدفَّق وتنهال علينا كمياه الشَّلاَّل. وهكذا يفقد كثيرون النَّظرة إلى الهدف. الله حيٌّ، والمسيح جالسٌ بجانبه في راحة جلاله، ومَلَكُوْته يأتي، ومشيئته تجري، ولا يقدر أحدٌ أن يُغيِّر مقاصده الخلاصيَّة.
لم يُفكِّر الوَاعِظ بنفسه فقط، بل بكلِّ فردٍ مِن رعيَّته. فكَّر في الذين تركوا الإيمان ونكصوا على أعقابهم، وشكّوا في عظمة المسيح وقدرته الشّفاعيَّة، فأظلم رجاؤهم، ومالوا إلى السُّقوط في الكفر؛ وحرَّك الشَّيطان الإرادة الشِّريرة في قلوبهم بعنادٍ ضدَّ الله. لذلك كرَّر الوَاعِظ نصيحته بإلحاحٍ وشدَّةٍ قائلاً لبعض الضُّعفاء في الإيمان ما معناه: "لا تتقسَّوا على الإِنْجِيْل كما تقسَّى العِطاش في البرِّية على الله. أجَل أنتم تعيشون في برِّية عصرنا، ولا تجدون راحةً، فجميعنا راحلون مِن مكانٍ إلى آخَر كالبدو، وأحياناً يعضُّنا اليأس مِن عدم استقرار المجتمع. ولكنَّ الله ثابتٌ وحيٌّ، وابنه جالسٌ معه في عرش المجد. فاطمئنُّوا وآمنوا بالإِنْجِيْل. تمسَّكوا بكلمة الله في قلوبكم. اتَّكلوا بكلِّ ثقتكم على مخلِّصكم الذي لا ينساكم، وهو يُفكِّر فيكم. اطلبوا منه البصيرة لتعرفوا ما هي الخطوة التَّالية في بحر اليوم. كلِّموه عن مشاكلكم، وآمنوا بعناية المسيح المطلقَة في حياتكم وخدمتكم. إنَّه حيٌّ وجالسٌ في راحة أبيه، ويقصد أن يُشْرِككم في هذه الصِّفة المجيدة مِن اليوم فصاعداً، وأكثر فأكثر، إلى أن تثبتوا معه في المجد."

الصَّلَاة
نَشْكُرُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، ونَسْجُدُ لَكَ لأنَّك حيٌّ وتجلس في مجد أبيك. اغفر لنا اضطراب قلوبنا، وسامحنا على خوفنا مِن شائعات الناس ووشاياتهم. ارفع أنظارنا إليك، وقَوِّ إيماننا بتدبيرك مشاكلنا وتنظيم خلاص جميع المؤمنين.
السُّؤَال
ما هو أهمُّ شرطٍ لاشتراكنا في راحة الله الأكيدة؟