Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
9- المسيح الحنون أعظم مِن هرون رئيس الكهنة الأوَّل
(4: 14- 5: 15)
4:14فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ يَسُوعُ ابْنُ اللهِ فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ.15لأَِنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا بِلاَ خَطِيَّةٍ.16فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ


لولا حضور المسيح، لَتسلَّط اليأس على كلِّ إنسانٍ؛ ولولا أنَّ يسوع هو الكاهن القدير، لأُصيبَ كلُّ مؤمنٍ بالجنون لأجل تلوُّثه المستمرِّ بعد الإيمان. لن تجد حلاًّ وتحرُّراً مِن حزنك العميق إلاَّ في شخص المسيح بصفته كاهن الله العظيم. إنَّ معظم الناس في عالمنا متروكون؛ والمعتقدات البشريَّة لا تُقدِّم رجاءً أكيداً، إلاَّ المسيحيَّة وحدها التي لها عند الله رئيس كهنةٍ عظيمٌ يشفع لِكلِّ مَن يؤمن به ويُكفِّر عن خطاياه.
كان مِن وظائف رئيس الكهنة، فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ، مصالحة شعبه مع الله القُدُّوْس، في يوم الكفَّارة العظيم. وكانت هذه المناسبة تقتضي مروره مِن الغرفة القدسيَّة، ودخول قُدس الأقداس، للمثول أمام تابوت العهد الذي كان كرسيَّ الله، كي يرشَّ مِن دم الذَّبائح الكفَّاريَّة على غطاء التَّابوت، وعلى الأرض، وعلى نفسه، رمزاً لتطهير ذاته والهيكل والشَّعب. وبدون هذه الكفَّارة كان غضب الله ينصبُّ على الأمَّة حتماً.
فالمسيح هو هكذا، وبدرجةٍ أعلى، الكاهن المَسْؤُوْل عن جميع أتباعه، الذي بعد صعوده مرَّ بجميع السَّماوات بين صفوف المَلاَئِكَة، ولم يكن لتقدُّمه مانعٌ. ولم يتقدَّم المسيح إلى الله منتصراً فخوراً، بل مثل أمامه كحملٍ وديعٍ مذبوحٍ لأجلنا، مقدِّماً ذبيحة ذاته أمام القُدُّوْس الحقِّ. فلا يستطيع أيُّ إنسانٍ أو ملاكٍ أن يُصالحنا مع الله، إلاَّ ابنه الحبيب الذي تسكب الآن، مِن أجل ذبيحته، جميع البركات علينا. وهو يكهن اليوم بفعاليَّةٍ تفوق تصوُّرنا، ونحن مِن خدمته الكَهَنُوْتيَّة ندوم كلُّنا.
ولئن يئسنا في غضب الله ودينونته لأجل خطايانا، فهذا حقٌّ مِن جهةٍٍ، ومِن جهةٍ أُخرى، لا بُدَّ لنا مِن الالتجاء إلى يسوع الكاهن والتَّمسُّك به والإيمان بأنَّه يُقدِّسنا إِلَى التَّمَامِ. فلا تعزية في الزَّمن والأبد إلاَّ في شخص يسوع ووظيفته الكَهَنُوْتيَّة.
قد تقول إنَّك لا تفهم ذبيحة يسوع تماماً، وإنَّك ترتجف خوفاً مِن قداسته السَّامية، ظانّاً بنظرك إلى خطاياك أنَّك لا تستحقُّ أن تدنو منه، لأنَّ كلمته كشفتك وروحه دانَكَ؛ فيقول كَاتِب الرِّسَالَةِ لك إنَّ للكاهن الإلهيِّ يسوع صفة بارزة وهي الشَّفقة والرَّحمة والتَّفهُّم، ومحبَّته ليست نظريَّةً عاطفيَّةً، بل عمليَّة مُختبِرة. يستطيع يسوع أن يتفهَّم أحاسيسنا ومشاعرنا، لأنَّه كان إنساناً حقّاً ذا جسدٍ ضعيفٍ مثلنا؛ فكانت نفسه متعَبةً مِن احتمال الأجلاف والغلاظ والقساة مِن البشر، وروحه في صراعٍ دائمٍ مع أجناد الشَّر. فكان مجرَّباً مثلنا.
ولم تكن هذه الهجمات الشَّيطانية لعبةً رمزيَّةً، بل تجارب حقيقيَّة استهدفت إلقاء ابن الله في خطيَّة الأنانية، كي يتحوَّل عن طريق الصَّلِيْب. فقد أراد الشِّرير مِن خلال تجاربه ليسوع أن يُبطل خلاص العالم، وينزع الابن مِن شركة أبيه كي لا يكون حَمَل اللهِ المستحق أن يرفع خطيَّة العالم.
ولكنَّ المسيح كان منتصراً على الشَّيطان دائماً، فلم يَقبل أيَّ خطيَّةٍ، كما لم تنفصل مشيئته قطّ عن مشيئة أبيه، فأخضع أمانيه لإرشاد الرُّوْح القُدُس، وغلب ضعف جسده بالصَّلاَة، وأطفأ بمحبَّته جميع عواطف البغضاء؛ وهذا ما ظهر بأوضح بيانٍ على الصَّلِيْب حين نطق وهو معلَّقٌ على خشبة اللَّعنة بصلاته الكَهَنُوْتيَّة قائلاً: "يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ". فتمسَّك بأبيه مؤمناً حين حجب أبوه وجهه عنه في غضبه على خطايانا. ولم يترك الابنُ الرَّجاء، بل استودع روحه بين يدَي الله الغاضب، وظلَّ يخاطبه قائلاً له "أبي". لذلك نسجد ليسوع الإنسان الإلهي لأنَّه ثبت بلا خطيَّةٍ رغم جميع تجارب الشَّيطان. وهذه الحقيقة هي أساس الفداء وسرُّه المكتوم عن كثيرين.
واليوم يجلس الإنسان يسوع عن يمين الله، متَّحداً به في المجد والقداسة، وعائشاً لأجلنا في محبَّته. فحضوره السَّماويُّ جعل كرسيَّ الدَّيْنُوْنَة عرشاً للنِّعمة. فلك الحقُّ في القدوم إلى الله. فلا تتورَّط بضعفك وفشلك، بل قُم في قلبك، واذهب إلى يسوع الرَّئيس الكَهَنُوْتيّ. حوِّل نظرك عن خطاياك ناظراً إلى مَن فداك. إنَّنا لا نعلم كيف وبماذا نُدافع عن أنفسنا في المحكمة السَّماويَّة، ولكنَّ الابن يتكلَّم عوضاً عنَّا، عالماً جميع أفكار أبيه وحقوقه. فسلِّم أمورك وأخطاءك إلى يسوع لِيُنظِّم ماضيك وحاضرك ومستقبلك، فتستحقّ القدوم إلى الله القُدُّوْس. هذه هي الغاية العُظمى لوظيفة يسوع الكَهَنُوْتيَّة أنَّه يُدخلنا شركة الله ويُثبِّتنا فيها. فتقدَّم بثقةٍ إلى عرش النِّعمة مؤمناً بنَيْلك الغفران، والمسيح يُرافقك ويحميك، لأنَّ ثقتك به قد ربطتك به إِلَِى الأَبَدِ. والله ينظر إليك مُنعماً لأجل ابنه يسوع، ويستقبلك لأجل شفاعته وذبيحته الكبرى.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ، أنت وسيطي وشفيعي. قد محوت ذنوبي على الصَّلِيْب نهائيّاً. حقِّق بلطفك غفراني عند الله، واجذبني إلى الشَّركة مع أبيك، وقدِّسني إِلَى التَّمَامِ، كي أسلك حسب دعوتك. أَشْكُرُكَ لاحتمالك الآلام والتَّجارب لأجلنا. أنت تشعر بنا وتشفق علينا. آمين.
السُّؤَال
ما هي الصِّفات الرَّئيسية ليسوع رئيس الكهنة؟