Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
7- المسيح وراحته أعظم مِن يشوع واستقراره
(4: 3- 11)
4:3لأَِنَّنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ نَدْخُلُ الرَّاحَةَ كَمَا قَالَ حَتَّى أَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي. مَعَ كَوْنِ الأَعْمَالِ قَدْ أُكْمِلَتْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.4لأَِنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ عَنِ السَّابِعِ هَكَذَا وَاسْتَرَاحَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ جَمِيعِ أَعْمَالِهِ.5وَفِي هَذَا أَيْضًا لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي.6فَإِذْ بَقِيَ أَنَّ قَوْمًا يَدْخُلُونَهَا وَالَّذِينَ بُشِّرُوا أَوَّلاً لَمْ يَدْخُلُوا لِسَبَبِ الْعِصْيَانِ7يُعَيِّنُ أَيْضًا يَوْمًا قَائِلاً فِي دَاوُدَ الْيَوْمَ بَعْدَ زَمَانٍ هَذَا مِقْدَارُهُ كَمَا قِيلَ الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ.


هل ما زلنا في عصر السُّرعة هذا المشحونِ بالطَّائرات والصَّواريخ نفهم معنى راحة الله، أم قد أصبحنا كدواليب صغيرةٍ في الماكينات المتحرِّكة؟! إنَّنا نكون في السَّيارة جالسين فوق الأرض بعشرين سنتمتراً أو أكثر، وهي منطلقةٌ بنا بسرعةٍ جنونيَّةٍ وكأنَّنا جزءٌ منها. ولكنْ مهما ركضنا متعبين، فإلى أين نمضي يا ترى؟! هل ثمَّة راحةٌ مِن الحُفَر؟ ومتى عسانا نستريح؟
لقد منح الله المؤمنين بالمسيح ضميراً مرتاحاً، ونسمة الأبديَّة لامستهم، والرُّوْح القُدُس الذي فيهم هو عرون المجد الآتي. ولأجل موت المسيح رفع غضب الله عنَّا، فتحرَّرنا مِن الدَّيْنُوْنَة نهائيّاً، وسندخل راحةَ الله وشركته، ليس لأجل سلوكنا المثاليِّ، بل لأجل إيماننا الذي أوجده المسيح فينا. إنَّنا نحبُّ حَمَل اللهِ الذي يرفع خطيَّة العالم. والرَّبُّ الحنون نفسه أخذ بيدِنا؛ فنؤمن أنَّ الذي دعانا إلى هدف إيماننا سيُوصلنا إلى الغاية، لأنَّ ثقتنا بنعمته لا تتزعزع بسبب هذه النِّعمة. فنتهلَّل الآن مسبقاً مؤمنين أنَّ الرَّبَّ يُكمل فينا الإيمان، وسيُدخلنا راحةَ القُدُّوْس.
ظهرَت صفات هذه الرَّاحة الإلهيَّة لأوَّل مرَّةٍ في العالم عندما فرغ الله مِن خلق الكائنات، وانعكس في الإنسان مجد صورة الخالق. في ذلك الوقت أشرق مِن وجه آدم فرح راحة الله على الكون أجمع. وبعد سقوط آدم في الاستكبار والموت بزمنٍ طويلٍ أصبح يوم السَّبت عند اليهود عربون الرَّاحة الآتية؛ كما اتَّخذ المسيحيُّون يوم الأحد رمزاً لمجد الحياة المُقبلة. لقد قام المسيح مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، فلا نخشى موتاً ولا شرّاً لأنَّ راحة الله تُخيِّم علينا وتتغلغل في صميم كياننا؛ فصار كلُّ يومٍ عند المسيحيِّ عيداً للفرح والرَّجاء. ونحن نحتفل عمليّاً بيوم الأحد آملين ظهور الحياة برئيس الحياة حين يمسح الله كلَّ دمعةٍ مِن عيوننا، ولا يكون الموت فيما بعد، لأنَّ الحياة الإلهيَّة قد حقَّقَت انتصارها الباهر.
أراد كَاتِب الرِّسَالَةِ، باقتباسه آياتٍ متنوِّعةً مِن المزمور 95، أن يُذكِّر مستمعيه بأنَّ الوعد براحة الله مستمرٌّ رغم غضبه تعالى. فالله لم يُهلك جميع اليهود آنَذَاكَ، بل أهلك العصاة أجمعين. فعصيانهم لم يُبطل مشيئة الله، بل إنَّ المطيعين منهم استقرّوا في الرَّاحة، علماً أنَّ هذا الاستقرار المبدئيَّ لم يرحمهم، لأنَّهم ما زالوا محتاجين إلى راحة الله التَّامَّة.
والله بنعمته جدَّد الموعد على لسان داود. وأشرق العصر الجديد بِيَسُوْعَ المسيح الذي يُقدِّم لكلِّ مَن يُقبِل إليه الاطمئنان في قربه، ويؤكِّد لنا أنَّ فريقاً مِن الناس سينضمُّ عمليّاً إلى الشَّركة مع الله. فمَن هم هؤلاء المختارون؟ إنَّهم الذين يشتاقون إلى الله، فلا يغرقون في سرعة عصرنا، بل يُبقون في قلوبهم مكاناً للهدوء والسُّجود للآب والابن مخلِّصهم الفريد.
كان كَاتِب هَذِهِ الرِّسَالَةِ مأخوذاً ببصيرته العميقة، واثقاً بقدرة أيٍّ كان على دخول راحة الله لأجل المسيح؛ فألحَّ على قُرَّاء رسالته قائلاً لهم ما معناه: "اليوم في هذا النَّهار، وفي هذه السَّاعة، إن أدركتم أنَّ الله المُحبَّ قد فتح لكم الباب المؤدِّي إلى السَّماء، فاستمعوا، وفكِّروا بهذا الوعد، وتقدَّموا، وادخلوا مؤمنين، واشكروا ربَّكم لرحمته. لا تُهملوا كلمته، ولا تظلُّوا عصاةً ثائرين، لأنَّ هذا الوعد الإلهيَّ بِيَسُوْعَ هو الوعد الأخير لكم. فلا ترفضوا صوت الله، بل قوموا واقتربوا مِن خالقكم. آمنوا برحمته، واشكروا دعوته."

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ، نَشْكُرُكَ لأنَّك أنت الباب المؤدِّي إلى راحة الله، وقد أدخلتَنا إلى شركتك. علِّمنا أن نفتح آذاننا لصوتك، رغم ضجيج عصرنا، كي نفهمك ونُطيعك ونُسرع إليك ونثبت فيك أبداً.
السُّؤَال
كيف ظهرت راحة الله لأوَّل مرَّةٍ، وكيف احتفل اليهود بها، وكيف يُعيِّد المسيحيُّون بها؟