Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
أوَّلاً: كَهَنُوْت المسيح القدير أنتج العهد الجديد
(الأصحاح 7- 8)

1- في شخص مَلْكِيْ صَادَق ظهرَت الرُّتبة الكَهَنُوْتيَّة الجديدة اللاَّئقة بالمسيح
(7: 1- 3)
اَلأَصْحَاحُ السَّابِعُ 1لأَِنَّ مَلْكِيْ صَادَقَ هَذَا مَلِكَ سَالِيمَ كَاهِنَ اللهِ الْعَلِيِّ الَّذِي اسْتَقْبَلَ إِبْرَاهِيمَ رَاجِعًا مِنْ كَسْرَةِ الْمُلُوكِ وَبَارَكَهُ2الَّذِي قَسَمَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. الْمُتَرْجَمَ أَوَّلاً مَلِكَ الْبِرِّ ثُمَّ أَيْضًا مَلِكَ سَالِيمَ أَيْ مَلِكَ السَّلاَمِ3بِلاَ أَبٍ بِلاَ أُمٍّ بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ هَذَا يَبْقَى كَاهِنًا إِلَِى الأَبَدِ.


ربَّما استهزأ بعض اليهود بموت المسيح، وأنكروا استحقاقه قائلين إنَّ ذبيحة ذاته ودمه غير شرعيَّين، لأنَّ مِن المستحيل أن يكون يسوع رئيس الكهنة، إذ إنَّه لم يولَد مِن سبط لاوي، ولم يُقدِّم ذبيحته حسب نظام الوحي فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ. إنَّ هذه الفكرة هي بمثابة طعنة شيطانيَّة في صميم فدائنا، وهي تُرينا نقطة الانطلاق التي اندفع الكَاتِب منها للرَّد بسلطان الله على تجديف الرُّوح الشِّرير الذي جعل هؤلاء يتَّهمون المسيح زوراً وبُهتاناً.
وأوَّل ما أوضحه الوَاعِظ هو أنَّ الله أثبت في التَّوْرَاة خطوطاً كَهَنُوْتيَّةً أُخرى بجانب أرومة هرون، وهي رتبة مَلْكِيْ صَادَق التي هي أقدم وأجلُّ مِن رتبة هرون، لأَِنَّ مَلْكِيْ صَادَقَ هَذَا الكاهن الشَّهير بارك إبراهيم أبا الإيمان بعد انتصاره على الملوك، وقبل تجربته مِن قِبَل ملك سدوم. اقرأ قصَّة حرب الملوك في سفر التَّكوين 14: 17- 24 فتُدرك أنَّ شخصين غريبَين أتيا إلى إبراهيم، بعد انتصاره على جميع الزُّعماء، أوَّلهما ملك سدوم ممثِّل الخطيَّة الخطيرة، آتياً مِن وادي الأردن العميق الذي احترقَت مدينته الواقعة على شاطئ البحر الميت بعد قليلٍ مِن الزَّمن بنارٍ لاهبةٍ. وثانيهما جاء مِن أورشليم مدينة السَّلام، وهو مَلْكِيْ صَادَق، وكأنَّما جاء مِن السَّماء. وقدَّم هذا لإبراهيم خبزاً وخمراً دلالةً على السِّرَّين في العشاء الرَّباني. وعِنْدَئِذٍ أدرك إبراهيم أنَّ الماثل أمامه هو رسولٌ مِن الله،فانحنى أبو المؤمنين البطل، وقَبِل البركة منه كي يضع عليه قوَّة السَّماء، وقدَّم إبراهيم لكاهن العليِّ عُشر غنيمته رمزاً لخضوعه. ونال إبراهيم قوَّةً مِن هذه البركة لمقاومة تجربة الملك السُّفلي، فلم يَقبَل شعرةً واحدةً مِن كنوزه الكاذبة الفانية، بل رفض كلَّ غنىً، وفضَّل أن يسكن الجبال الوعرة، ويتعب في الفقر، على أن يهلك في دينونة الله مع الفجَّار واللُّوطيِّين.
استخدم كَاتِب الرِّسَالَةِ إلى العِبْرَانِيِّيْنَ هذه القصَّة الغريبة، وربطها بالمزمور 110 ليُبرهن في الجمل التَّالية أنَّ النَّظام الكَهَنُوْتيَّ على رتبة مَلْكِيْ صَادَق أعظم منه على رتبة هرون.
ونجد في أسماء كاهن الله هذا وصفاته سبع إشاراتٍ مدهشةٍ إلى المسيح الذي أتمَّ بِرَّ الله على الصَّلِيْب في أورشليم، وصالح العالم مع أبيه، ليُنشئ سلاماً للبشر في دمه. فالمسيح هو الملك الصَّادق الذي اشترى أعضاء مَلَكُوْته بذبيحة ذاته. فهو الملك الحقُّ المالك الكلّ، والحاكم الأوحد في رحابه. فأسماء الكاهن الإلهي الذي مِن أورشليم وُجِدَت كاملةً في يسوع، لأنَّ يسوع ملكٌ وكاهنٌ معاً، وهو الذي أكمل جميع المؤمنين بذبيحته وشفاعته المبنيَّتَين على حنوِّه الفائق وأمانة صدقه الدَّائمة.
ولم يُعرَف للذي بارك إبراهيم أبٌ ولا أمٌّ ولا أرومةٌ. وكانت هذه الأمور الثَّلاثة، بحسب الفكر اللاَّويِّ وكَهَنُوْت هرون، أموراً مستحيلةً، لأنَّ حقَّ تقدمة الذَّبائح كان مبنيّاً على الأرومة. ولكنَّ اختيار الله أعظم مِن النَّاموس.
ونقرأ عن مَلْكِيْ صَادَق صفاتٍ لا تنسجم مع البشر الفاني، أنَّه أزليٌّ حسب مصدره، وبدون نهايةٍ حسب كيانه. وهذا ما حمل بعض المفسِّرين على القول إنَّه كان ملاكاً، أو تجسُّداً للكلمة كظهورٍ مسبقٍ للمسيح. أمَّا نحن فنعترف بأنَّنا لا نعرف سرَّ هذا الإنسان بدقَّةٍ، إلاَّ أنَّه شابه المسيح في صفاته الكَهَنُوْتيَّة، وقدَّم لأوَّل مرَّةٍ في تاريخ البشر خبزاً وخمراً علامةً للسَّلام مع الله، وربط أبا الإيمان بالعليِّ بِوَاسِطَةِ بركته الكَهَنُوْتيَّة.
وكان هذا التَّثبيت حمايةً وتقويةً لإبراهيم ليُقاوم تجربة الشَّيطان، فلا يهبط إلى حياة المدينة حيث الغنى والفساد، بل يُفضِّل الحياة القاسية في الخيم والجبال قريباً مِن الله. كما أنَّ الكاهن مَلْكِيْ صَادَق لم يعِش في الوديان الخصبة، بل جلس على أكمة أورشليم خادماً للعليِّ. فجميع هذه الصِّفات تدلُّ على أنَّ المسيح كاهنٌ من الأزل إِلَِى الأَبَدِ، خارج أرومة العهد القديم، وممتلئٌ بالصِّفات الإلهيَّة كما ظهرَت سابقاً في الكاهن العظيم مَلْكِيْ صَادَق.

الصَّلَاة
نَسْجُدُ لَكَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ لأنَّ كَهَنُوْتك ظهر قبل ألوف السِّنين في خادمك مَلْكِيْ صَادَق. أنت الوحيد المستحقُّ مصالحتَنا مع الله، وجَعْلَنَا كهنةً وملوكاً على أساس ذبيحة ذاتك وبركاتك السَّماويَّة.
السُّؤَال
ما هي المعاني والصِّفات التي في مَلْكِيْ صَادَق والتي تدلُّ على المسيح؟