Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
2- إنَّ إبراهيم وجميع اللاَّوِيِّيْنَ خضعوا لكَهَنُوْت مَلْكِيْ صَادَق فخضعوا بذلك للمسيح أيضاً
(7: 4- 10)
7:4ثُمَّ انْظُرُوا مَا أَعْظَمَ هَذَا الَّذِي أَعْطَاهُ إِبْرَاهِيمُ رَئِيسُ الآبَاءِ عُشْرًا أَيْضًا مِنْ رَأْسِ الْغَنَائِمِ.5وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ بَنِي لاَوِي الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْكَهَنُوْتَ فَلَهُمْ وَصِيَّةٌ أَنْ يُعَشِّرُوا الشَّعْبَ بِمُقْتَضَى النَّامُوسِ أَيْ إِخْوَتَهُمْ مَعَ أَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا مِنْ صُلْبِ إِبْرَاهِيمَ.6وَلَكِنَّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مِنْهُمْ قَدْ عَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ وَبَارَكَ الَّذِي لَهُ الْمَوَاعِيدُ.7وَبِدُونِ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ الأَصْغَرُ يُبَارَكُ مِنَ الأَكْبَرِ.


اشتهر في التَّاريخ اليهوديِّ أربعة أشخاصٍ تأيَّدوا بسلطان الله، وهُم إبراهيم وموسى وهرون وداود. ويُبيِّن كَاتِب الرِّسَالَةِ إلى العِبْرَانِيِّيْنَ لقُرَّائه أنَّ المسيح يسوع أعظم منهم جميعاً، وأعظم مِن إبراهيم نفسه الذي هو نقطة انطلاق العهد القديم. ويتَّخذ الوَاعِظ مِن تفوُّق مَلْكِيْ صَادَق على إبراهيم دليلاً على تفوُّق يسوع على هذا الأخير. فأبو المؤمنين خضع طوعاً لكاهن الله، لأنَّه قال: "هوذا الآن يقف قدَّامي مَن هو أعظم منِّي. وببركته ستأتي قوَّة الله إليَّ. هو ممثِّل العليِّ، أمَّا أنا فإنسانٌ مسكينٌ". هكذا انكسر إبراهيم أمام حامل السَّلام الإلهيِّ ومقدِّم الصُّلح بين البشر والقدير في رمزَي الخبز والخمر. وعندما أكرمه إبراهيم أكرم المسيح مسبقاً في خدمته كرئيس الكهنة، فأعطاه العشر بفرحٍ، وعطيَّة عشر غلال الممتلكات والأرباح هو نظامٌ صالحٌ. وهذه التَّضحية بالعشر لا تُخلِّص الخاطئ ولا تُبرِّره، إنَّما هي شكرٌ لبركة الله والخلاص التَّام المعطى منه. وإبراهيم لم يُقدِّم العشر قبل البركة لأجل الحصول عليها، بل بعدَها، كدليلٍ متواضعٍ على شكره الكبير لقوَّة الله ومرافقته إيَّاه في انتصاره على أعدائه.
ونجد فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ تنظيم العشر حفظاً لبقاء سلك الكَهَنُوْت، كي يتمكَّن الكهنة مِن القيام بخدمتهم لله. فإذ يشتغل أبناء الشَّعب في مهنهم وأعمالهم، يقوم الكهنة بمصالحتهم مع الله بقرابينهم وتقدماتهم وصلواتهم كيلا يتوقَّف جريان البركة. لم يكُن نظام العشر مِن قَبِيْلِ الجزية التي تُنْتَزَع مِن المهزومين في الحرب، بل كانت أموالاً وممتلكاتٍ يُضحِّي بها الإخوة في الأمَّة الواحدة لضمان استمرار خدمة الله وعبادته. وممَّا يؤسَف له أنَّ كثيراً مِن الناس يُقصِّرون في تأدية العشر الذي عليهم، ويعتبرونه حملاً ثقيلاً، فيهينون بذلك كرامة العليِّ متذمِّرين، ولا عجب أن ينالوا قصاصهم العادل مِن ضرباتٍ وأمراضٍ وحروبٍ.
أمَّا إبراهيم فقدَّم العشر طوعاً لمَلْكِيْ صَادَق، رغم أنَّه لم يكُن قريباً منه. واعتبره بهذا أعلى مقاماً منه، كما اعتبر نفسه خاضعاً له؛ علماً أنَّ إبراهيم كان حامل البركة لأبناء العهد القديم مسبقاً، لأنَّ الله اختار هذا البدويَّ، فدعاه مِن عشيرته ومِن حضارة بلاد ما بين الرَّافدَين، وعيَّنه بركةً لجميع الناس. وآمَن إبراهيم بوعد ربِّه، فلم يبنِ مستقبله على برِّه الذَّاتي، بل التصق بكلمة الوحي، فامتلأ بركةً لجميع الأجيال.
ولكنَّ الكاهن مَلْكِيْ صَادَق، حين أتى إلى إبراهيم، بارك إبراهيمَ حاملَ البركة؛ وهذا أمرٌ غريبٌ. لقد تصرَّف الكاهن نيابةً عن الله، وجدَّد بركة القدير في إبراهيم، وثبَّتَ المختارَ في النِّعمة، وملأه بمواهب السَّماء. والمسيح أيضاً وهو رئيس الكهنة العظيم بارك، قبل صعوده إلى السَّماء، تلاميذه ووضع عليهم برَّه وسلامه وروحه. ورمز البركة هو امتياز الكاهن الذي، بعد إتمام المصالحة أمام الله، يرجع إلى شعبه، ويضع البركة المخَلِّصة على الجماعة المصلِّية. فذبيحة المسيح المكمَّلة على الصَّلِيْب هي مفتاح كلِّ بركةٍ. بدون دمٍ لا تحصل نعمةٌ. والبركة لا تأتي إلاَّ مِن حَمَل اللهِ وحده، والبشر جميعاً يعيشون مِن بركته، كما قال: "بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً."
ومَن يَقبل بركة الله يعترف بقبوله هذا بأنَّه محتاجٌ إليها. والحاجة نوعان: لغُفران الخطايا، ولتقوية ضعف الإيمان. كان إبراهيم إنساناً فانياً خاطئاً عائشاً مِن النِّعمة. أمَّا المسيح فهو إلهٌ حقٌّ أزليٌّ واهبٌ البركة والخلاص مجَّاناً. فخيرٌ لنا أن نعترف بحاجتنا إلى بركة المسيح، ونضع أنفسنا كلِّياً تحت يديه المرتفعتَين المُبارِكتَيْن.
فاقبلوا بركة الله بقلوبٍ مؤمنةٍ.

يُبَارِكُكَ الرَّبُّ وَيَحْرُسُكَ يُضِيءُ الرَّبُّ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَرْحَمُكَ يَرْفَعُ الرَّبُّ وَجْهَهُ عَلَيْكَ وَيَمْنَحُكَ سَلاَماً
(سفر العَدَد 6: 24- 26)

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ، نَشْكُرُكَ لأنَّك باركتَنا بعد تضحية ذاتك، ليحلَّ روحك فينا، وتُحيطنا بحمايتك. اغفر لنا ذنوبنا، واستمرّ ببركاتك علينا إِلَِى الأَبَدِ، لأنَّنا مِن نعمتك نعيش، ومِن روحك نستمرُّ.
السُّؤَال
ما معنى البركة والعشر؟