Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
7:8وَهُنَا أُنَاسٌ مَائِتُونَ يَأْخُذُونَ عُشْرًا وَأَمَّا هُنَاكَ فَالْمَشْهُودُ لَهُ بِأَنَّهُ حَيٌّ.9حَتَّى أَقُولُ كَلِمَةً إِنَّ لاَوِي أَيْضًا الآخِذَ الأَعْشَارَ قَدْ عُشِّرَ بِإِبْرَاهِيمَ.10لأَِنَّهُ كَانَ بَعْدُ فِي صُلْبِ أَبِيهِ حِينَ اسْتَقْبَلَهُ مَلْكِيْ صَادَقَ


أضفى كَاتِب الرِّسَالَةِ على مَلْكِيْ صَادَق صفاتٍ تُقرِّبه مِن المسيح، حتَّى لنوشك أن نقول إنَّ المسيح قد ظهَر على الأرض في مَلْكِيْ صَادَق، والتقى إبراهيم فقوَّاه. بَيْدَ أَنَّ ما نعلمه يقيناً هو أنَّ المسيح هذا الكاهن الأزليّ هو حيٌّ بلا انقضاءٍ، وهذه صفةٌ مِن صميم صفات الله.
إنَّنا بالحقيقة لا نفهم الشَّهادة عن مَلْكِيْ صَادَق حَقَّ الفهم، لأنَّنا لا نعلم عنه الكثير؛ ولكنَّنا نتعزَّى بالعلم أنَّ المسيح هو الحيُّ والكاهن الأعظم إِلَِى الأَبَدِ. مِن المؤسف أنَّ جيلنا اليوم، باتِّكاله على الطَّائرات والقنابل الذّرية والمخدّرات العديدة، قد نسي أسرار الذَّبيحة وضرورة المصالحة مع الله. لذلك تمنحنا الرِّسَالَة إلى العِبْرَانِيِّيْنَ نعمةً كبرى، لأنَّها تنقلنا مِن ضجيج عصرنا إلى الهدوء أمام عرش الله. نقف أمام مذبح الصَّلِيْب، ويُصالحنا المسيح مع أبيه القُدُّوْس؛ فبدون خدمته لا نجد سلاماً في ضمائرنا، وبدون ذبيحته لا يستطيع إنسانٌ أن يُصلِّي صلاةً تُستَجاب. ولذلك لا بُدَّ لنا مِن النَّظر إلى داخل أنفسنا، وتأمُّل حضور الله وعطاياه، كي نجد اطمئناناً وراحةً نفسيَّةً. لا قراءة الجرائد، ولا مشاهدة التلفزيون، ولا تكديس الأسلحة يكفل راحتنا؛ بل المسيح وحده هو سلامُنا.
لقد أصبح "لاوي"، وهو أحد أبناء يعقوب الاثني عشر، أباً لسبط اللاَّوِيِّيْنَ الذي اختاره الله للقيام بالخدمة الكَهَنُوْتيَّة، لأنَّ اللاَّوِيِّيْنَ أيَّدوا موسى في معاقبة الرَّاقصين والسَّاجدين للعجل المذهَّب. فحاربوهم وضربوهم بحدِّ السَّيف وأسقطوا منهم ألوفاً. واعترفوا بعملهم هذا بأنَّهم خاصَّة الله الغُيُر لكرامته الذين لم يُوفِّروا حتَّى أقرباءهم وأصدقاءهم مِن القصاص (سفر الخروج 32: 25- 30). وجواباً لغيرتهم هذه ملأ الله أيديهم بالبركة، ليستحقُّوا وحدهم أن يُقدِّموا الذَّبائح ويُصالحوا الخطاة مع القُدُّوْس. وكان موسى وهرون ومريم مِن سبط اللاَّوِيِّيْنَ. وتعيَّن نسل هرون كهنةً زعماء، بينما صار بقيَّة سبط لاوي خدَّاماً ومساعدين في الهيكل. وقد ضحَّى الشَّعب كلُّه بالعشر ليحفظ هذا السِّبط الكَهَنُوْتيَّ مع جميع خدَّامه لله، لأنَّ أبناء هذا السِّبط لم ينالوا ملكاً مِن الأرض، إذ أفرزوا أنفسهم لخدمة الله فقط، فصاروا معاً حاملين البركة، ومريحي ضمائر الجماهير، وكفالةً لحضور الله مع شعب العهد.
نقرأ في الرِّسَالَة إلى العِبْرَانِيِّيْنَ أمراً غريباً وهو أنَّ إبراهيم، أبا جدِّ لاوي، بإعطائه العشرَ لمَلْكِيْ صَادَق، قد جعل أرومة الكهنة واللاَّوِيِّيْنَ جميعاً تخضع للمسيح، لأنَّ بمَلْكِيْ صَادَق التقى إبراهيم رمزيّاً ربَّه المسيح. وهذا البرهان يُخضِع النِّظام الكَهَنُوْتيَّ بجميع كهنته في كلِّ جيلٍ مِن الأجيال للمسيح، ويُعلن أنَّ يسوع المسيح هو الكاهن الأعظم، وأنَّ على جميع خُدَّام الرَّب أن يخدموه إِلَِى الأَبَدِ.
ونجد في هذا الكلام الفكر الجوهريَّ أنَّ كلَّ سبطٍ وعشيرةٍ هما وحدةٌ مرتَّبةٌ مِن الله. فالأولاد يحملون إرث آبائهم فيهم مِن جهة الحقوق والعنصر والبركة. فالإنسان ليس هو هو فرداً مستقلاًّ، بل هو حلقةٌ في سلسلةٍ متواصلةٍ تصبُّ فيه جميع مواهب ومؤثِّرات أصوله؛ وحتَّى بركة الله على الأجداد واختيارهم للخدمة يعملان في أنسالهم، أو غضب الله ولعنته يعملان ويستمرَّان أيضاً. وإنَّنا نجد هذا الفكر العشائري القبلي الشَّامل أيضاً في المقارنة بين آدم والمسيح. فنحن جميعنا مبيعون تحت الخطيَّة بسبب سقوط أبينا الأوَّل. ولكن مَن يؤمن بالمسيح ينتقل إلى صفوفه وينضوي تحت لواء الإنسان الجديد الذي ابتدأ منذ مجيء المسيح وحلوله في الجسد. ولكن إن كانت لعنة الله تعمل حتَّى إلى الجيلين الثَّالث والرَّابع فقط في الذين يُبغضونه، فإنَّ بركته تعمل إلى ألف جيلٍ في الذين يُحبُّونه. فقوَّة بركة المسيح أعظم كثيراً وأقوى مِن تأثيرات خطيَّة آدم. وخيرٌ لنا نحن أبناء الجيل الجديد أن نُغيِّر أفكارنا الفرديَّة المتفاخرة باستقلال الإنسان وحرِّيته، وننظر إلى القوى الموروثة المشكِّلة لأعمالنا وإرادتنا وسيرتنا، فنُدرك أنَّنا إمَّا غبارٌ في شركة أُمَّتنا بعاداتها وصفاتها وضيقاتها، سواء شئنا ذلك أم لم نشأه، أو أنَّ المسيح قد خلَّصَنا مِن ارتباطنا الجسديِّ الدُّنْيَوِي، وضمَّنا إلى قومه وجنسه، كما اعترف الرَّسول بطرس بكلِّ صراحةٍ في رسالته الأولى إلى المؤمنين مِن الأمم (2: 9- 10) قائلاً: "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ وَكَهَنُوْتٌ مُلُوكِيٌّ أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ شَعْبُ اقْتِنَاءٍ لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ. الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْبًا وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ".

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ، نَشْكُرُكَ لأنَّك جعلتَنا شعباً لك وملوكاً وكهنةً متواضعين. إنَّنا لسنا مستحقِّين أن نُدعى أولاداً لك، ولكنَّ دمك قدَّسَنا، وروحك حرَّرَنا مِن المواهب الموروثة في دمنا. سَاعِدْنَا عَلَى أن نُصبح كهنةً أُمناء، نُبارك جميع الناس، وندعوهم إليك، لأن لا خلاص لعالمنا الشِّرير إلاَّ بذبيحتك المقدَّسة.
السُّؤَال
لماذا جميع الكهنة واللاَّوِيِّيْنَ خاضعون للمسيح؟