Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
8:3لأَِنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ يُقَامُ لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ. فَمِنْ ثَمَّ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا أَيْضًا شَيْءٌ يُقَدِّمُهُ.4فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الأَرْضِ لَمَا كَانَ كَاهِنًا إِذْ يُوجَدُ الْكَهَنَةُ الَّذِينَ يُقَدِّمُونَ قَرَابِينَ حَسَبَ النَّامُوسِ5الَّذِينَ يَخْدِمُونَ شِبْهَ السَّمَاوِيَّاتِ وَظِلَّهَا كَمَا أُوحِيَ إِلَى مُوسَى وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَصْنَعَ الْمَسْكِنَ. لأَِنَّهُ قَالَ انْظُرْ أَنْ تَصْنَعَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ الْمِثَالِ الَّذِي أُظْهِرَ لَكَ فِي الْجَبَلِ.6وَلَكِنَّهُ الآنَ قَدْ حَصَلَ عَلَى خِدْمَةٍ أَفْضَلَ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ وَسِيطٌ أَيْضًا لِعَهْدٍ أَعْظَمَ قَدْ تَثَبَّتَ عَلَى مَوَاعِيدَ أَفْضَلَ


أهمُّ الناس هم الكهنة الحقيقيُّون. الملوك يحكمون ويُخطئون أحياناً. والأمَّهات المُحبَّات يهتممن بعائلاتهنَّ وأحياناً بطريقةٍ أنانيَّةٍ. فكلٌّ إنسانٍ خاطئٌ حتَّى الكهنة. ولكنَّ الكهنة يُصالحون البشر مع الله. فالقُدُّوْس عيَّنهم ليُنشئوا طريقاً شرعيّاً كي يكون لطفه وصبره وإمهاله حقّاً.
يُقدِّم الكهنة عطايا وذبائح لله. وخدمتهم ليست مبنيَّةً على كلماتٍ رنَّانةٍ فارغةٍ، بل على مقدمات ثمينةٍ. لقد فقَدنا الشُّعور بأنَّ مِن واجبنا تقديم الشُّكر لله والتَّضحية بالأشياء الثَّمينة لاستحقاقنا الهلاك. ولا بدَّ أنَّ شكرنا غير كافٍ، وتضحياتنا باطلة في ذاتها. ولكن يجدر بنا أن نتعلَّم العطاء وليس الأخذ. فلا تتبرَّع مِن بقايا وفضلات ما تملك، بل مِن أثمن ما لديك. ولا تظنّ أنَّك تتخلَّص مِن الله بتقدماتٍ تافهةٍ. ليتنا نتعلَّم فكر التَّضحية مِن جديدٍ، ونجعل ذبيحة المسيح مقياساً لتصرُّفاتنا.
كان الإنسان يسوع فقيراً. ولم يكن له دخلٌ أو راتبٌ، ومع ذلك أعطى نفسه ذبيحةً. فأصبحت "ذبيحة ذاته" شعار المسيحيَّة. ومَن أراد اتِّباع يسوع يُصبح مضحِّياً بذاته في سبيل المحبَّة. أمَّا مَن لا يُضحِّي بذاته لله فليس مِن أتباع يسوع. فربُّك لا يدعوك لأخذ البركات والمواهب فقط، بل للعطاء والتَّضحية والتَّخلي عن أعزِّ ما عندك أيضاً حسب قدوته الفريدة. حاوِل تطبيق هذه الجملة في حياتك: المُضحِّي هو الغني، والبخيل هو الفقير.
لم يستطع المسيح أن يكون على الأرض كاهناً، لأنَّه لم يأتِ مِن أرومة لاوي، ولأنَّ الكهنة كانوا كثيرين. فكَهَنُوْت المسيح الجوهري هو في السَّماء، حيث يكهن اليوم عن جميع المؤمنين، ويملك بِوَاسِطَةِ روحه القُدُّوْس العوالم جميعاً. وبِوَاسِطَةِ خدمته الكَهَنُوْتيَّة يتعادل ميزان الحقِّ في السَّماء.
وقد علم آباؤنا في الإيمان أنَّه توجَد خيمةٌ في السَّماء هي الأصل لخيمة الاجتماع التي كانت لموسى في الدُّنيا. وهذه الأمور الأصليَّة في السَّماء شغلتهم كثيراً. فاعتبروا أنظمة العهد القديم بمثابة رموز وأشباه الحقائق الأساسيَّة السَّماوية. فمِن الضَّروري أن نتعلَّم أنَّنا لا نعيش على الأرض بكياننا الجوهري، بل إنَّ سيرتنا في السَّماء. وما نراه على الأرض هو صورٌ مقدّمةٌ فقط. فأين السَّماء؟ لا نعلم. إنَّما الذي نعلمه هو أنَّ الله حيٌّ، وأنَّ ابنه صعد إليه، وأنَّ الرُّوْح القُدُس حلَّ في قلوب المؤمنين. وهذا الروح يؤكِّد لنا في الإِنْجِيْل حقيقة السَّماء. وهو فِيْ الوَقْتِ نَفْسِهِ عربون عالم الروح العتيد أن يأتي بالتَّأكيد. وسنختبر في قرب الله الكثير مِن الأمور المدهشة، ونرى أنَّ مدينته وعرشه ليسا كيانين قابلَين للفساد، بل هما عنصران روحيَّان أبديَّان، كما أنَّ المسيح قد قام بجسدٍ روحيٍّ ملموسٍ، واستطاع أن يخترق الجدران والصُّخور فِيْ الوَقْتِ نَفْسِهِ.
إنَّ ربَّنا المسيح في ذاته هو ممثِّل وضامن العالم الجديد، لأنَّه همزة الوصل بيننا وبين أبيه. فلا يستطيع إنسانٌ أو ملاكٌ أن يبني جسراً بيننا وبين الخالق، إلاَّ المسيح الكلمة الإلهي المتجسِّد؛ فهو الحلقة بين الله والناس، والصِّلة بين السَّماء والأرض. واسمه "ربنا يسوع المسيح" الفاتح الطريق لنا إلى الله والذي أوجد بذبيحته أساساً شرعيّاً لنستطيع القدوم إلى القُدُّوْس، فنحيا معه في عائلته السَّماوية. هكذا ربطنا يسوع بالله في عهدٍ أبديٍّ جديدٍ.
ما هو هذا العهد الجديد؟ إنَّه يُشبه الارتباط بين عظيمٍ وحقيرٍ، والاشتراك بين قُدُّوْس ونجسٍ، واقتراب صحيحٍ مِن مُصابٍ بمرضٍ مُعْدٍ. فأدرك جوهر معنى العهد الجديد، لأنَّ الخالق الأزليَّ يربط نفسه بمخلوقاته المقيَّدة بالموت. فلا نسبة بين الفريقين في العهد، إذ جميعنا غير مستحقِّين أو مؤهَّلين للعهد مع الله. ولكنَّه انحنى علينا بمجيء ابنه، وقَبِلَنا، وطهَّرنا، وحملنا، وجعلنا أولاداً له مؤهَّلين للعهد معه، وأعطانا مِن روحه لنجد القوَّة والفرح لخدمته. فالمسيح منحنا مِن عظمة رحمته العهدَ الجديدَ، وبرهنه بحضوره معنا، حتَّى قال الفَرِّيْسِيُّوْنَ عنه: "هوذا يأكل مع الخطاة واللُّصوص".
فبمقدار علوِّ ذبيحة يسوع على ذبائح الكهنة الحيوانيَّة، هكذا يعلو العهد الجديد على القديم. وإن كان أولاد إبراهيم قد حصلوا بالأكثر على مواعيد دنيويَّة مادِّية، فإنَّ المسيح أتانا بمواعيد غير مبنيَّةٍ على موادّ فاسدةٍ بل روحيَّة، وفتح لنا وطناً في السَّماوات. فماذا تطلب: العالم والمال والدُّنيا؟ هل ما زلتَ عائشاً في ظلِّ العهد القديم، أم طلبتَ السَّماء؟ إن كنتَ قد طلبتَ السَّماء فعِنْدَئِذٍ تشترك مع المسيح في حياته وخدمته، لأنَّه كاهنٌ قُدُّوْس جالسٌ عن يمين الله، وهو يُحبُّك ويُفكِّر فيك.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الآبُ السماوي، أَشْكُرُكَ لأنَّك دعوتنا إلى عهدٍ أزليٍّ معك لا يزول. وإن انفجرت كرتنا الأرضيَّة فإنَّك تَثبُت. علِّمنا أن نلجأ إليك، ونعتبرك حقيقة حياتنا، ونتَّكل على ذبيحة ابنك كيلا نُشبه الذُّباب العائش يوماً واحداً، بل نكون أولادك الأبديِّين بروحك القُدُّوْس.
السُّؤَال
ماذا يعني العهد الجديد؟