Skip to content

Commentaries
Arabic
عبرانيين
  
ثانياً: المسيح أكملنا وأكمل الأنظمة الكَهَنُوْتيَّة بذبيحته الفريدة
(9: 1- 10: 18)

6- لم تقدر المساكن والطُّقوس أن تُكمل الإنسان فأكمله المسيح في السَّماء
(9: 1- 12)
اَلأَصْحَاحُ التَّاسِعُ 1ثُمَّ الْعَهْدُ الأَوَّلُ كَانَ لَهُ أَيْضًا فَرَائِضُ خِدْمَةٍ وَالْقُدْسُ الْعَالَمِيُّ.2لأَِنَّهُ نُصِبَ الْمَسْكِنُ الأَوَّلُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْقُدْسُ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْمَنَارَةُ وَالْمَائِدَةُ وَخُبْزُ التَّقْدِمَةِ.3وَوَرَاءَ الْحِجَابِ الثَّانِي الْمَسْكِنُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ قُدْسُ الأَقْدَاسِ4فِيهِ مِبْخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَتَابُوتُ الْعَهْدِ مُغَشّىً مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِيهِ قِسْطٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ الْمَنُّ وَعَصَا هَارُونَ الَّتِي أَفْرَخَتْ وَلَوْحَا الْعَهْدِ.5وَفَوْقَهُ كَرُوبَا الْمَجْدِ مُظَلِّلَيْنِ الْغِطَاءَ. أَشْيَاءُ لَيْسَ لَنَا الآنَ أَنْ نَتَكَلَّمَ عَنْهَا بِالتَّفْصِيلِ.


نجد فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ، بجانب الأنظمة المختصَّة بالكهنة، أنظمةً أُخرى كثيرةً بخصوص مكان وترتيب الحرم المقدَّس وبيت الله والذَّبائح المختلفة. وقد أرانا كَاتِب الرِّسَالَةِ في الأَصْحَاحَات السَّابقة كيف كان المسيح رئيس الكهنة الحقّ، وأنَّه أعلى مِن جميع الكهنة الآخرين. ولكن الآن يتقدَّم الوَاعِظ خطوةً إلى الأمام، ويُرينا المكان المقدَّس وجميع التَّرتيبات والتَّفاصيل التَّابعة، والذَّبيحة الهامَّة، وكيف أنَّها جميعاً اكتملت في المسيح الذي أبطلها نهائيّاً. وفي قراءتنا اليوم نقرأ التَّفاصيل عن خيمة الاجتماع في اثنتي عشرة ملاحظة.
1- التقى الله شعبَ العهد في الخيمة، وليس في قصر أو هيكلٍ مرمريٍّ، ولا في الوعر الموحش. فظهر القُدُّوْس شبيهاً بالذين سكنوا الخيم، وصار رحَّالةً ليكون قريباً مِن الذين قطعوا معه العهد. فتواضع الله في سبيل محبَّته يدفعنا دائماً إلى التَّسليم مِن جديد. وكان المسيح هو خيمة الله الكاملة، كما كتب يُوْحَنَّا في إِنْجِيْله باليونانيَّة: "والكلمة صار بشراً وخيَّم بيننا فرأينا مجده" والله كان في ابنه قريباً منَّا.
2- وكانت الخيمة السَّابقة منقسمةً إلى القدس وقدس الأقداس، وبينهما الحجاب الفاصل. وكان يحقُّ للكهنة الدُّخول يوميّاً إلى القدس لممارسة فرائض الصَّلاَة والخدمات أمام الله.
3- وكان في القدس عمودٌ ذهبيٌّ ضخمٌ له سبعة فروعٍ في رؤوسها مصابيح ضئيلةٌ ليلاً نهاراً. وهذه كمنارةٍ دالَّة على يسوع المسيح الذي قال: "أنَا هُوَ نُورُ العَالَمِ". فكان على شعب العهد القديم أن يكون نوراً للأمم. أمَّا الآن فوضع الرَّب هذا الامتياز علينا عندما قال: "أَنتُم نُورُ العَالَمِ". فهل تحقَّق هذا الامتياز لأنَّ المسيح يُريد أن يُنير الظُّلمة بشهادتنا وسلوكنا؟
4- واحتوى القدس أيضاً على مائدة وعليها خبز. ويدلُّ هذا الخبز على المسيح القائل: "أنا هُوَ خُبزُ الحَيَاةِ". مَن يأكل منه يشبع في نفسه. وكنيسته تشبه المائدة الموضوع عليها خبز الله لتُشبع العالم الجائع.
5- كان مذبح التَّوْرَاة، حسب التَّوْرَاة، داخل القدس يتصاعد منه الدُّخان المقدَّس الذي يُمثِّل الصَّلوات والتَّسابيح والابتهالات الصَّاعدة إلى الله. وكان رئيس الكهنة يأخذ بملقطٍ جمرةً مِن على المذبح، ويحملها بمبخرةٍ قُدَّامه عند دخوله قدس الأقداس رمزاً لسجود الشَّعب. أمَّا المسيح فهو المُصلِّي الحَقُّ، وقد علَّمنا الصَّلاَة، ولخَّص جميع صلواتنا في صلاته الرَّبانية. فالمسيح هو المبخرة الحقَّة، وتصدر به جميع الصَّلوات المقبولة (خروج 30: 1- 9؛ 40: 26).
6- وكان الحجاب مطرَّزاً بصور المَلاَئِكَة والكروبيم فاصلاً القدس عن قدس الأقداس. وكانت صور الكروبيم تدلُّ على الحرَّاس الواقفين أمام الجنَّة ليمنعوا بسيفٍ ناريٍّ الخطاة مِن الدُّخول إلى محضر الله. وقد تمزَّق هذا الحجاب الشَّهير عند موت المسيح مِن فوق إلى أسفل، فأصبح الطَّريق إلى الله بِوَاسِطَةِ موت الرَّب مفتوحاً، ليس لنيل الخلاص فقط، بل لممارسة الخدمة الكَهَنُوْتيَّة، لأنَّ للكهنة وحدهم حقّ التَّقدُّم إلى الله لمصالحة البعيدين عن القُدُّوْس، ومِن ثمَّ الرُّجوع إلى الشَّعب مشحونين ببركات السَّماء لحفظ العالم الشِّرير مِن غضب الله.
7- ولم يكن يوجد في قدس الأقداس، في البداية، غير تابوت العهد. وكان اليهود يؤمنون بأنَّ هذا الصَّندوق الكبير المُذهَّب هو عرش الله. ونحن نعترف أنَّ الله "في المسيح". فالابن هو عرش النِّعمة لجميع الناس. أمَّا الكنوز الذَّهبية المعلَّقة على صندوق العهد فليست الضَّمان لحضور الله، بل هي محبَّة المسيح الظَّاهرة في تضحيته على الصَّلِيْب الضَّامنة حضور الله معنا.
8- كان لوحا الحجر موضوعَين في تابوت العهد، وقد كُتب عليهما دستور العهد القديم السَّاري مفعوله إِلَِى الأَبَدِ. لكنَّ المسيح صار بطريقةٍ عليا هو ناموسنا ومقياس حياتنا، لأنَّ سلوكه وأعماله هي معيار سلوكنا وأعمالنا. لم يفرض المسيح علينا ناموساً ثقيل الأحكام في العهد الجديد، بل جعل محبَّته هو مقياساً لحياتنا. فقَلْبُ المسيح هو لوحا العهد الجديد.
9- وقد وُضِعَت عصا هرون في تابوت العهد في زمنٍ لاحقٍ. وهي رمزٌ لتفويض وحيويَّة كَهَنُوْت هرون. ولكنَّ المسيح أصبح بطريقةٍ عليا رئيس الكهنة، وله جميع الحقوق الكَهَنُوْتيَّة وفعاليَّتها، وهو مُحيينا. وقد أكمل بذبيحته أتباعه كي يشتركوا في كَهَنُوْته الأزليِّ.
10- وكان المَنُّ رمزاً لشكر الله بإكماله عهوده، وإشباع مئات الألوف مِن الجائعين في البرِّية. فالمسيح هو اليوم أساس سجودنا لله، لأنَّ بِوَاسِطَةِ الابن تشبع نفوسنا وأجسادنا في رحلتنا في برِّية هذا العالم. ولسنا وحدنا مَن ينال الخبز اليوميَّ الكافي والعشاء الرَّباني، بل جميع المؤمنين في سائر أنحاء العالم.
11- أمَّا تمثالا الكروبيم الذَّهبيَّان بأجنحتهما، فيرمزان لمجد الله السَّاطع الذي لا يقدر إنسانٌ أن يراه. وقد غطَّى الحرَّاس الكروبيم وجوههم وأرجلهم وأجسادهم مِن قداسة الله المجيدة. فكان التّمثالان دليلاً على حضور الله بنفسه.
12- وقد ظهر هذا الحضور على الغطاء الذَّهبي الضَّخم الذي اعتبره المؤمنون مكاناً للمُصالحة. وسمَّى بولسُ يسوعَ في رسالته إلى رُوْمِيَة 3: 25 كفَّارةً، فاعتبره "عرش النِّعمة" ومكان الكفَّارة، واستخدم لتوضيح هذا المعنى الكلمة اليونانيَّة "غطاء الكفَّارة" التي يُقصَد بها فِيْ العَهْدِ القَدِيْمِ مركز حضور الله للمصالحة مع الشَّعب. فنعترف أنَّ المكان الوحيد في العالم الذي يلتقي فيه الله والبشر هو يسوع المسيح وحده.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوْعُ المسيح، إنَّ فيك ملء اللاهوت جسديّاً؛ فأنت خيمته، ونور العالم، وخبز الحياة، ومصدر صلواتنا، وعرش النِّعمة، وكاهننا إِلَِى الأَبَدِ. فيك وحدك نلتقي الله. فنَسْجُدُ لَكَ، ونحمدك مِن أعماق قلوبنا، لأنَّ مِلئكَ هو سبب وضمان حياتنا الأبديَّة.
السُّؤَال
ما هي النّقط التي تجدها، مِن ضمن النّقط الاثنتي عشرة، أوضح دليلٍ على جلال المسيح ؟