Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
أوَّلاً: تجسُّد كلمة الله في يَسُوع
(يوحنا 1: 1- 18)

1- جوهر وعمل الكلمة قبل أن يتجسَّد
(يوحنا 1: 1- 5)
1:1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ.


يُعبِّر الإنسان عن أفكاره ومقاصده بكلماته، فكلام الإنسان هو خلاصة شخصيَّته، وبيان روحه، ومرآة نفسه، لأنَّه يعكس ما في داخله، ويُعلن أفكاره وإرادته، ويُجسِّد كيانه كلَّه.
وبمعنى أسمى، إنَّ كلمة الله تعبِّر عن شخصيّة لاهوته، وجميع قواه كامنةٌ في كلمته المقدَّسة. ففي البدء خلق الله السماوات والأرض بكلمته القديرة. وعندما قال: "كن"، كان. ولا تزال قوّة الله حتّى اليوم كامنةً في كلامه. فهل أدركت أنَّ الإِنْجِيْل الموضوع بين يدَيك ممتلئٌ بسلطان الله؟ إنَّ هذا الكتاب أقوى مِن جميع القنابل الهيدروجينيَّة، لأنَّه يُزيل الشَّرَّ الَّذي فيك، ويبنيك في الخير.
إنَّ السِّر الجوهري في عبارة "الكلمة"، الَّتي نقرأها في إِنْجِيْل يُوْحَنَّا، هو أنَّ لها في اللّغة اليونانيَّة معنيين: الأوَّل، هو النَّفَس الَّذي يحمل الصوت الخارج مِن الفم؛ والثَّانِي، هو شخصٌ مذكَّرٌ روحيٌّ. ويظهر هذان المعنيان في اللغة العربية مِن خلال جنس الفعل الَّذي يرتبط بهذه الكلمة، سواء كان مؤنثاً أو مذكَّراً. فعندما يقول البشير يُوْحَنَّا: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ" ويُفسّر قوله هذا في الآية التالية قائلاً: "هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ" فهو يدلُّك على أحد أسرار شخصية المَسِيْح. فالمَسِيْح منبثقٌ مِن الآب انبثاق الكلمة من الفم، وهو بالتَّالي خلاصة مشيئة الله وأفكاره. ونجد هذا التَّعبير أيضاً في أديان أخرى، أي إنَّ المَسِيْح هو كلمة الله وروحٌ منه. لا يملك مخلوقٌ في الدُّنيا هذه الصِّفات السَّماوية إلاَّ المولود مِن مريم العذراء.
لم يكن تجسُّد المَسِيْح في بيت لحم بداية كيانه، لأنه انبثق مِن الآب قبل كلِّ الدُّهور، وكان موجوداً قبل أن يوجَد العالم. فالمَسِيْح أزليٌّ كما الله أزليٌّ، ولا يتغيَّر كما كلمة الله لا تتغيَّر أبداً.
يُرينا يُوْحَنَّا علاقةً مبدئيَّةً بين المَسِيْح وأبيه، فالمَسِيْح لم ينفصل عن أبيه مثلما تبتعد الكلمة العابرة عن الشفتين وتضيع في الهواء، بل بقي عند الله وثبت فيه. والعبارة "عند الله" تعني باليونانية أنَّ الكلمة كان متجهاً إلى الله، داخلاً في الله. فالمَسِيْح كان دائماً متّجهاً إلى الله. وهذا الاتجاه هو المبدأ في جميع المولودين من الرُّوْح القُدُس، لأنَّه مصدر المَحَبَّة. وهذه المَحَبَّة لا تريد الاستقلال أبداً، بل تبقى متَّجهةً إلى مصدرها داخلةً فيه.
والله لم يخلق المَسِيْح مِن العدم بكلمته كسائر المخلُوْقَات، بل إنَّ الابن هو في ذاته الكلمة الخالقة، ويحمل سلطان أبيه في ذاته. نجد في نهاية هذه الآية الأولى العبارة الغريبة القاطعة وهي أنَّ الكلمة هو الله نفسه. وهكذا يُخبرك البشير يُوْحَنَّا في الآية الأولى مِن إِنْجِيْله بأنَّ المَسِيْح هو إلهٌ مِن إله، نورٌ مِن نور، إلهٌ حقٌّ مِن إلهٍ حقٍّ، مولودٌ غير مخلوقٍ، ذو جوهرٍ واحدٍ مع الآب، أزليٌّ قديرٌ قُدُّوْس رحيمٌ. فكل ُّ مَن يعترف بأنَّ المَسِيْح هو كلمة الله يوافق ، بهذه العبارة، على ألوهيَّته.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع المَسِيْح، نسجد لك لأنَّك كنتَ عند الآب قبل كلِّ الدُّهور ، متَّجهاً إليه على الدَّوام. أعطِنا ألاَّ نستقلَّ عنك، بل نخضع إلى الله، ونَثبت في محبَّته على الدَّوام. نشكرك أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع لأنَّك تأتي إلينا في إِنْجِيْلك بكلامٍ مفهومٍ، كي يَظهر سُلطانك فينا بالإيمان بواسطة كلمتك.
السُّؤَال
ما هي الكلمة المُكرَّرة في الآية الأولى مِن إِنْجِيْل يُوْحَنَّا، وما هو معناها؟