Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
1:15يُوْحَنَّا شَهِدَ لَهُ وَنَادَى قَائِلاً هَذَا هُوَ الَّذي قُلْتُ عَنْهُ إِنَّ الَّذي يَأْتِي بَعْدِي صَارَ قُدَّامِي لأَِنَّهُ كَانَ قَبْلِي.16وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعاً أَخَذْنَا. وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ.


أعلن المَعْمَدَان بصوتٍ عالٍ أنَّ المَسِيْح الَّذي أتى بعده كان موجوداً قبله، متجاوزاً بذلك علوم الأنساب الدُّنيوية. فأكَّد المَعْمَدَان،بإعلانه هذا، أزليَّة المَسِيْح. لقد شهد للحقيقة أنَّه فوق المكان والزَّمان والفناء، إلهٌ غير محدودٍٍ وغير قابلٍ للفساد.
وفي البرِّية تألَّم المَعْمَدَان مِن خطورة خَطِيئة النَّاس؛ فعلَّمهم عن التَّوبة لمغفرة الخطايا. ولكنَّه حين أبصر يَسُوع وثب قلبه فرحاً، لأنَّ المَسِيْح وُلد إنساناً أَبَدِيّاً مملوءاً حَقّاً، لا قدرة للموت عليه. إنَّ فرح التَّجسّد والميلاد نابعٌ مِن ظهور حياة الله الأَبَدِيّة في جسد الإنسان. بهذا ابتدأت غلبة الحياة على الموت، لأنَّ بالمَسِيْح زالت الخطيئة التي هي علَّة الموت.
تهلَّل المَعْمَدَان إذ أدرك عمق هذه النِّعمة، وعظَّم ملء الله الَّذي كان حاضراً في المَسِيْح. كان بولس قد اعترف قائلاً: "فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوْت جَسَدِيًّا. وَأَنْتُمْ مَمْلُوؤُونَ فِيهِ". ويختصر يُوْحَنَّا هذه الحقائق بعبارته العُظمى: "وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعاً أَخَذْنَا. وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ".
فما هو ملء المَسِيْح هذا، وماذا أخذنا منه؟ إذا تذكَّرتَ شرح يُوْحَنَّا لشخصيّة المَسِيْح في الآيات الأربع عشرة السَّابقة، فستعلم عظمة شخصه، وتُدرك كيف يصلنا بحر نعمته يوميّاً:
فالمَسِيْح هو كلمة الله المنبثق مِن الآب انبثاق الكلمة مِن فم الإنسان. هو أعمق أعماق الله، ومشيئته، وجوهره، ومسرَّته. وكما تصلنا كلمة الإِنْجِيْل، فتدخل أذهاننا وتغيِّر إراداتنا، هكذا يدخل المَسِيْح قلوبنا ويُغيِّرنا حسب فضائله. أليست هذه نعمةً جليلةً؟
المَسِيْح هو حياة الله: يستطيع العلماء أن يُنتجوا بيوتاً، وجسوراً، وقنابل ضخمةً؛ لكن لا يستطيع أحدٌ أن يخلق حياةً. الوالدان مفوَّضان أن ينقلا لنسلهما الحياة الَّتي يهبها الله لهما. أليست هذه نعمةً؟ وبما أنَّ الحياة الدُّنيا تزول، يهب المَسِيْح للمؤمنين روحه الَّذي هو حياةٌ أَبَدِيّةٌ.ويشترك جميع المَسِيْحيِّين في حياة الله، فلا يموتون أبداً. أليست هذه نعمةً؟
المَسِيْح هو نور العالم. هو غالب الظلمة، وخالق النور في اللَّيل الدَّامس. هو يهب الرَّجاء لعالمٍ كئيب، ويُرسل القوَّة إلى عالمٍ يئنُّ في الضَّعف. إنَّ نور الله قادرٌ أن يغمر عتمة عالمنا بالنُّور السَّاطع. وهو يمنح الحقَّ والأمانة في السِّياسة والمصانع، في العائلات والكنائس، إن آمن النَّاس به. أليس هذه نعمة فوق نعمة؟
يَسُوع هو خالق الكون. فيه يُقيم ملء قوَّة الله. كانت عجائبه آياتٍ مشيرةً إلى سُلطانه. وبرهنَت قيامتُه مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ قوّة حياته على الموت. غلب بجسده قوَّة الجاذبيَّة ومشى على البحر. كسر الخبز القليل الَّذي كان معه ليُطعم خمسة آلاف رجل حتَّى شبعوا. وهو أيضاً يعرف عدد شعرات رأسك. فمَتى تسجد لنعمته التي ترعاك؟
هل ما زلتَ تُريد أن تعرف المزيد عن ملء المَسِيْح؟ إنَّه مالك العوالم. فكلُّ متاعٍ أو مالٍ، كلّ دقيقةٍ مِن حياتك، وحتَّى أنت نفسك ملكٌ له. هو صنعك، وهو الَّذي يحفظك. المَسِيْح يملك الكلَّ. وقد استودع خيراته بين يدَيك لتكون وكيله عليها. عضلاتك وأفكارك ووالداك هبة ربِّك إليك. فمَتى تشكره لنعمته؟
المُدهش بالتَّجسّد والميلاد هو أنَّ ملء اللاَّهُوْت تجسَّد في طفلٍ صغيرٍ. وهذه المعجزة بالضَّبط تنبّأ بها إِشَعْيَاء قبل حدوثها بسبعمائة سنة بوحيٍ مِن الرُّوْح القُدُس، قائلاً:
ولكنَّ أذهان النَّاس للأسف بطيئةٌ في فهم أنَّ الله في المَسِيْح قد أعاد للإنسان صورته النَّقية الَّتي كانت له في بدء الخليقة. يَسُوع هو المجيد الحكيم. هو المُشير المُنير، الإله الأَبَدِيّ القدير. لقد كانت صفات الله ومواهبه كلُّها حاضرةً في طفل المذود. فهل أدركتَ نعمة الله المدهشة بمجيء الله إلينا بيَسُوع؟ نستطيع أن نقول الآن: الله معنا.
لا يريد المَسِيْح أن يحتفظ بفضائله لنفسه، وإلاَّ لكان قد بقي في السَّماء. لكنَّه جاء إلى عالمنا، ولبس جسدنا، واتَّخذ شبهنا الوضيع ليفتح لنا طريق السَّماء، ويُعيدنا إلى أبيه، ويملأنا بملئه. هكذا يشهد بولس أنَّ غاية الله هي حضور ملئه في الكنيسة. اقرأ رسالة أفسس 1: 23؛ 4: 10؛ وكولوسي 2: 10 فيأخذك تيَّار حمد الله ويقودك إلى تعظيم نعمة ربِّك. لا تبقَ بائساً في خطاياك، بل افتح قلبك لملء المَسِيْح. تعال إلى طفل المذود، فتفيض عليك بركاتٌ مضاعفةٌ. وهو يجعلك ينبوع نعمةٍ في محيطك.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع. أنت ابنُ الله. المَحَبَّة والقدرة والحقّ كلُّها حاضرةٌ فيك. ننحني أمامك ونتهلَّل لأنَّك لا تظلُّ بعيداً عنَّا، بل قد عشتَ بيننا. أنت تُحبُّنا، وقد أصبحتَ إنساناً وفدَيتَنا. نشكرك لأنَّك تُغدق علينا نعمةً فوق نعمةٍ.
السُّؤَال
ما هو المقصود بملء المَسِيْح؟