Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
1:2هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ.3كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ.4فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاس.


لم يَعِش المَسِيْح لنفسه، بل للَّه على الدَّوام. لم ينفصل عن أبيه، بل كان دائماً متّجهاً إليه، عائشاً معه، ثابتاً فيه. وكان اتِّجاه المَسِيْح هذا إلى أبيه مُهِمّاً بالنِّسبة إلى البشير يُوْحَنَّا، حتَّى إنَّه كرَّر هذا المعنى في بداية إِنْجِيْله. فالوحدة الدَّائمة بين المَسِيْح وأبيه هي سِرُّ الثَّالُوْث الأَقْدَس. إنَّنا لا نؤمن بثلاثة آلهة مستقلَّة ومنفصلة بعضها عن بعض، بل نؤمن بإلهٍ واحدٍ ممتلئٍ محبَّةً. فالأزليُّ لا يعيش منعزلاً وحيداً، بل كان ابنه دائماً عنده، عائشاً معه بانسجامٍ تامٍّ. فمَن لم يختبر محبَّة الله بانسكاب الرُّوْح القُدُس في قلبه، لا يستطيع إدراك حقيقة جوهر الله. إنَّ المَحَبَّة الإلهية هي الَّتي توحِّد الآب والابن والرُّوْح القُدُس إلهاً واحداً.
عندما خلق الله العالم في البدء، لم يفعل ذلك منفرداً صامتاً، بل خلق العالم بكلمته. وبما أنَّ المَسِيْح هو كلمة الله، فالعالم قد كُوِّن به. فيَسُوع ليس المخلِّص والشَّفيع والفادي فقط، بل هو الخالق أيضاً. وحيث أنَّه لا يوجد شيءٌ إلاَّ وكان المَسِيْح قد أوجده، فهو إذاً القادر على كلِّ شيءٍ. وحيث أنَّه لا يحدث شيءٌ إلاَّ بعلمه، فهو إذاً ضابط الكلِّ. أنَّى للقلب أن يتَّسع حتَّى يفهم ويُدرك مَن هو المَسِيْح؟ إنَّ جميع الاكتشافات العلميَّة، وجميع الجُسَيْمَات الأوَّليَّة، وجميع الأجسام السَّماويَّة لا تَعدو كونَها تفسيراً متواضعاً لجلال المَسِيْح وقدرته. إنَّ صوتك، وعضلاتك، وهيئتك الجسديَّة، ونبض قلبك كلُّها وأكثر منها هي هبة المَسِيْح لك، فمَتى تشكره؟
الكلُّ مخلوقٌ، ما عدا الله وكلمته وروحه. فهو في ذاته حيٌّ وسرمديٌّ وقُدُّوْس. وكما لله حياةٌ في ذاته، هكذا المَسِيْح هو ينبوع الحياة الحَقِيْقِيّة، المحيي الأمين، الَّذي يُقيمنا من موت الخطيئة ويُثبِّتُنا في حياته الأَبَدِيّة. وهذه الحياة الإلهيَّة في المَسِيْح قد غلبت الموت؛ فترك القبر بقدرة حياته الإلهية. فالمَسِيْح ليس الخالق فحسب، بل هو في ذاته مصدر الحياة. وبقدر ما هو قُدُّوْس، لن يموت أبداً. لا توجد أيُّ خَطيئَّة في الله وابنه، ولذلك هو حيٌّ إلى الأبد. نجد أفكاراً عن حياة المَسِيْح مراراً عديدةً في أَصْحَاْحات إِنْجِيْل يُوْحَنَّا، وهذه الحياة هي أحد أركان مبادئه.
إنَّ نور الشِّمس هو الَّذي يُعطي الحياة على كرتنا الأرضيَّة. لكنَّ العكس هو الصَّحيح في رحاب المَسِيْح، فحياته هي سبب التَّنوير، والانتعاش الَّذي نختبره بواسطته يعطينا الرَّجاء. فديننا ليس دين الشَّرِيْعَة والموت والدَّيْنُونَة، بل هو رسالة الحياة والنُّور والرَّجاء. إنَّ قيامة المَسِيْح مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ بدَّدَت كلَّ تشاؤمٍ، وحلول الرُّوْح القُدُس فينا أشركنا في حياة الله.
العالم مظلمٌ بسبب الخطيئة، أمَّا المَسِيْح فهو المَحَبَّة في النُّور. لا ظلمة فيه، ولا شرّ. لهذا السَّبب يظهر المَسِيْح مملوءاً مجداً، مشرقاً أكثر مِن الضِّياء. بَيْدَ أنَّ البشير يُوْحَنَّا لا يشرع في ذكر ضياء مجد المَسِيْح، بل يدلُّنا على قوَّته وحياته، لأنَّ معرفة قداسة المَسِيْح تكشفنا وتديننا وتهلكنا؛ أمَّا إدراك حياته فيُحيينا. إنَّ التَّأمُّل في المَسِيْح يُعزِّينا ويُنعشنا حقّاً.
يَسُوع هو نور البشر. إنَّه لا يُضيء لنفسه، ولا يُعظِّم اسمه، بل يضيء لأجلنا. فنحن لسنا مصادر للنور بل مصادر للظُّلمة. النَّاس كلُّهم أشرار؛ أمَّا المَسِيْح فيُنوِّرُنا كي نراه ونُدرك حالتنا المظلِمة. إنَّنا بواسطة إِنْجِيْله نقوم مِن الموت، وندخل الحياة الأَبَدِيّة. فالمَسِيْح يجذبنا ويدعونا بواسطة نور حياته إلى ترك حالتنا اليائسة كي نتقدَّم إليه بعزمٍ وثباتٍ.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع، نسجد لك لأنَّك واحدٌ مع الآب والرُّوْح القُدُس. لقد خلقتَ العالم في انسجامٍ مع الآب، ومنحتَني الحياة. اغفر لي كلَّ ظُلمة حياتي، ونوِّرني بروحك القُدُّوْس كي أحيا حقّاً، وأترك ليل خطاياي، وأتقدَّم إلى نور حياتك الأَبَدِيّة.
السُّؤَال
ما هي صفات المَسِيْح السِّت التي أبرزها يُوْحَنَّا في بداية إِنْجِيْله؟