Skip to content

Commentaries
Arabic
يوحنا
  
1:22فَقَالُوا لَهُ مَنْ أَنْتَ لِنُعْطِيَ جَوَاباً لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا. مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ.23قَالَ أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ كَمَا قَالَ إِشَعْيَاء النَّبِيُّ.24وَكَانَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الْفَرِّيْسِيِّيْنَ.


أطلق أعضاء الوفد أسئلتهم كسهامٍ حادَّةٍ على المَعْمَدَان. وكانت هذه الأسئلة تتعلَّق بالبدع التي توقَّعوا ظهورها قبل مجيء المَسِيْح. ولكنَّ يُوْحَنَّا بعدما أعلن أنَّه ليس المَسِيْح ولا إِيْلِيَّا ولا النَّبي حسب نبوءة موسى، فقدَ أهمِّيته وخطورته في نظرهم. بَيْدَ أنَّهم ألحّوا في سؤاله مَن هو إذاً، ومَن ائتمنه على هذه الرِّسَالَة، قاصدين أن لا يعودوا إلى المجمع (السَّنهدريم) قبل استقصاء حاله تماماً.
لم يكن للأسئلة أيُّ صلةٍ بنبوءة إِشَعْيَاء (إِشَعْيَاء 40: 3). ولكنَّ الرُّوح أرشد المَعْمَدَان إلى هذا النَّص. فوصف نفسه بصوتٍ صارخٍ في البرِّية، يُعدُّ طريق الرَّبّ. فلو لم يعطِهم أدلَّةً مِن الأسفار المقدَّسة لاتَّهموه بتفويض نفسه بنفسه، واختراع الوحي مِن عنده. فتواضع يُوْحَنَّا، وأخذ أدنى مركز في العهد القديم لنفسه، أنه لا شيء إلاَّ صوت صارخ في البرِّية.
نَعيش كلُّنا في برِّية عالَمنا، مُحاطين بالجَلَبة والتَّشويش. ولكنَّ الله لا يترك عالمَنا المسكين والنَّاس الفاسدين فيه بدون مُعين، بل يأتي إلى البشر ليُخلِّصهم. وهذا التَّحرُّك مِن السماء إلى الأرض هو نعمةُ كبرى. فالقُدُّوْس لا يُهلكنا كما نستحقٌّ، بل يَطلبنا ويبحث عنَّا نحن الضَّالين. محبَّته أعظم مِن أن تستوعبها عقولنا، وخَلاصه المُطلَق يتضمَّن تحويل برِّية عالَمنا إلى حديقةٍ غنّاَء.
لقد فهم المَعْمَدَان بواسطة الرُّوْح القُدُس أنَّ الله كان في المَسِيْح آتياً إلى عالمنا، وبدأ يدعو النَّاس إلى التَّعقُّل والاستعداد لاستقبال الآتي. فصار بحماسه لإعداد طريق المَسِيْح الصوَّت الصَّارخ في برِّية عالمنا. لَم يَدعُ نفسه نبيّاً، أو رسولاً، بل صوتاً فحَسْب. لكنَّ هذا الصَّوت كان مستمِدّاً سُلطانه مِن الله ألاَّ يترك الضَّمائر نائمةً مرتاحةً بخطاياها.
ماذا كان هذا الصَّوت يقول؟ كان جوهر رسالته: انهضوا، أدركوا أنَّ المَلَكُوْت قريبٌ منكم. قوِّموا حياتكم. الله قُدُّوْس وسيدينكم. سيدعوكم الله للحساب ويجازيكم بنار جهنّم عن كلّ كذبة، وسرقة، ورذيلة، وظُلم. فالله لا يتجاهل خطاياكم. والشرّير سيظهَر شرّيراً أمامه بكل خطاياه. والصَّالِح ظاهرياً لن يكون أفضل مِن الشرّير، لأنّه ما مِن أحدٍ بلا لومٍ أمامه.
إنَّ قساوة طلب يُوْحَنَّا هذا تؤدِّي إلى امتحان النفس، ومعرفة الذَّات الفاسدة، وانكسار الكبرياء، وتغيير الذِّهن. أخي، هل تعتبر نفسك صالحاً ومقبولاً؟ كن نزيهاً، واعترف بذنْبِك. إن كنتَ قد اختلسْتَ ولو شيئاً قليلاً، فرُدَّه إلى صاحبه حالاً. مُت عَن استكبارك، وعِش لله. قوِّم ما هو معوَجٌّ في سلوكك. انحنِ عميقاً، لأنَّك قد فعلتَ الشَّر.
كان كثيرون مِن أعضاء ذلك الوفد الرَّسمي مِن الفَرِّيْسِيِّيْنَ، فجنَّ جنونهم مِن جرأة المَعْمَدَان، لأنَّهم كانوا يدَّعون البِرّ والتقوى والصلاح، مدقِّقين في حفظ الشَّرِيْعَة بغيرة لا متناهية. ولكنّهم كانوا يخدعون أنفسهم، لأنَّ تقواهم كانت ظاهرية فقط، بينما كانوا في حقيقتهم فاسدين مرائين. كانت الصور النَّجسة تَعْبُر أمام عيون نفوسهم، وقلوبهم ممتلئة بأفكار الانتقام كوكر الأفاعي.
لم تَثْنِ وجوهُهم المتجهِّمةُ يُوْحَنَّا عن توبيخهم وتذكيرهم بأنّنا جميعاً بحاجةٍ ماسَّةٍ للرُّجوع إلى الله لإعداد طريق الرَّب الآتي إلينا سريعاً.

الصَّلَاة
أَيُّهَا الرَّبُّ، أنت تعرف قلبي وماضِيَّ وخطاياي. إنّني أخجل أمامك مِن آثامي العلنية والخفية، وأعترف بكلِّ شرِّي أمامك وألتمس غفرانك. فلا تطردني مِن قدَّام وجهك، بل ساعدني على إعادة ما قد اختلَستُه مِن الآخَرين، وطلَب السَّماح مِن كلِّ شخصٍ آذيته. اكسر كبريائي، مطهِّراً إيَّاي من كلِّ آثامي برحمتك، يا أرحم الرَّاحمين.
السُّؤَال
كيف دعا المَعْمَدَان النَّاس لإعداد طريق الرَّب؟